العدد 2259
الأحد 21 ديسمبر 2014
banner
في حضرة المحترم فرات البسام
فرات البسام
الأحد 21 ديسمبر 2014



أحيانًا أمد أناملي لأعترض شعاع ضوء يسقط بكثافة وسط ظلمة داجية، أو يقع بصري على حركات قطة صغيرة تثب جذلة عابثة بذيل أمها، وأسعد وأنا أتطلع إلى قطعة عشب خضراء وسط مساحة رمادية قاتمة من الظل، فوسط أكوام اليأس التي يعيشها العرب ومع غباره الذي أستنشقه أشعر بخفقة الحياة قوية، خيط دقيق يشدني إلى الطفل الذي يحبو فأخشى عليه قسوة الأرض، ونفس الخيط يشدني إلى أنين مريض يحتضر في جوف الليل، فأشعر باستعدادي أن أضحي بكل شيء في سبيل منحه الحياة، أدرك هذا وأحسه وأعانيه. سادتي نحن العرب بمعضمنا نكذب ونصفق لأنفسنا بأننا كذبنا على أنفسنا فانتصرنا. فنحن لا نقبل الغير، نستخدم كل شيء من الغرب، ونذمهم، ولا نقبل العيش معهم، بل نهاجر لهم. نستخدم أدوات الصين واليابان وشرق أسيا ونقول إنهم بوذيون والهند بهاراتهم وأطعمتهم وقماشهم ونقول عباد البقر! فأريد أن أسئلك أيها المحترم ماذا قدمت وصنعت لبلدك؟ غير أنك تأكل وتتعالج وتتعلم وتعلم أبنائك على حساب الحكومة، وفي المقابل نستورد الزر ليغطي صدورنا. نحن أمة خلقت كأفضل أمة بنى دولتها الموحدة محمد “ص” وأرسى العدل والمساواة فيها وسار على نهجه خلفاءه “رض”، وكانت دولة الخلافة من أعظم الدول على مر التاريخ والعصور. وأقواها غير أن أعداء الإسلام اخترقوا هذا الصف، فبثوا الفتنة منذ 1400عام، وها هم اليوم يعيدون نهج أجدادهم محاولة منهم إلى إعادة تاريخ الصراع السياسي للسيطرة على مقدرات الشعوب, وهنا منهم صمام الأمان، فهم في الإسلام من كل طائفة ولون، ولا أعتقد هؤلاء سوف ينجحون في زرع بذرة الفتن التي شوهت إسلامنا الحقيقي، إسلام الرحمة والتعايش السلمي. سيعودون من هذا الرهان على خيول الرهان، وهي تعود باكية في نهاية السباق، تبحث عن علفها، والقاموس الجديد، وسيعود الجزء الآخر لتلك الثكنات القديمة التي تعوي فيها الكلاب آخر الليل، ولن نندم عليهم حينها سوف نراهم كأشجار عارية لا يغطيها إلا الرماد.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية