العدد 2149
الثلاثاء 02 سبتمبر 2014
banner
تركوا النصر من أجل الغنائم فرات البسام
فرات البسام
الثلاثاء 02 سبتمبر 2014



أسأل الدنيا، لماذا تريدنا كشارع “نورث رتشموند” ولا تريد أن تهبنا “أبا ذر” آخر؟ ولن تُسمِعنا وإن أشرقت شمس وأعلنت أجراس “همنجوي”؟ أنا لست متشائما، ولكنني ببساطة اقتحمت أربعين عقبة بذراعيّ العاريتين، وبآمالي العريضة. ولم أر أمنيتي إلى الآن... ترى هل نشرب سوية نخب الانكسار؟ أو سأبقى أتذكر أيامي في بحيرة “بودنسي” إن فتحت عيني كنت في ألمانيا ويروق لي أن أفطر بعد نصف ساعة في أطراف “بودنسي” في سويسرا ولم أتنزه كثيرا حتى اجد نفسي أتناول غدائي في “بودنسي” النمسا وكنت اقفز فجرا كالفراشة فأبحث بين أوراقها وأعشابها؟ وما عساي أريد سوى أفق مفتوح لا تشخص فيه أمامي جدران بليدة.
وإذا تريثنا قليلا وتأملنا ماذا نحن اليوم وإلى أين.. ومنذ متى؟ كل بلاد الدنيا مسقرة بنعيم تتصارع على إثبات الإنسانية بكل معانيها وكيف هي وأوروبا وأميركا وشرق آسيا ونحن مازلنا في عالمنا الثالث ونقفز نهارا على أشلاء الجثث والقتل الطائفي وأيتام جدد ودموع الثكالى، يقولون في الأعراف السابقة إن الدم يغسل بالدم! فهل يعتقد الطائفيون ومروجو الفتن ومرتزقة الغرب وبائعو الدين وسارقو المبادئ أن يوم الحساب ليس آتيا؟ لا محال، وهل يعتقدون أن العبث باستقرار الشعوب وأوطانهم سيذهب محض هباء؟ وهل يعتقدون أن يد القصاص لا تطولهم؟
نعم هم اليوم غسلوا أدمغة البسطاء وخدعوهم بالطائفة والترويج لسياستهم من بوابة الدين وكما قال ابن رشد “إذا أردت أن تتحكم بجاهل فغلف له كل باطل بغلاف الدين كما يقول، إن تجارة الأديان هي التجارة الرائجة عند الشعوب التي يسودها الجهل”. قد يخدع البعض لكن من طبع العربي أن لا يقبل بالغدر وسوف تتضح صورة اليمن والعراق ومصر وسوريا ولبنان ومن خلفهم ومن يروج وإذا رجعنا قليلا لأحداث العراق 2003م ومن ثم حرب الحوثيين الأولى سنة 2004 والقتال الطائفي المستميت سنة 2006 – 2008 في العراق وكيف كانت الصورة ضبابية وكيف تجلت الحقائق بعد سنين. سادتي لم يكن مثلي عن سفري لبحيرة بودنسي إلا مثلا حلمت فيه وأنا هناك بأن أصبح يوما كعربي كما كنت هناك. بحيرتي تطل على ثلاث دول ولم اعرف حينها أي بلد افطرت وأي بلد تغديت وأي بلد تعشيت، هي بحيرة تقع بين تلك الدول لكنه شعب لا يتدخل بشؤون الشعب الآخر ولا تفصلهم حدود بل تفصلهم مبادئهم وروحهم الإنسانية واحترام الآخر.
اليوم أتوقف أسأل ماذا تريدون بعد القتل؟ فأنتم جبناء تدفعون البسطاء الى الواجهة وتبقون كالنعام رؤوسكم بالأرض ولا أعرف لماذا لا تسخرون دينكم وطائفتكم لزرع الحب والأمل والاستقرار ونقل الثقافات وحوار الحضارات. أدعو كل الناس الى قراءة الواقع وكم مرة سوف نعيش ولماذا كل هذا الشد وكل هذا القتل ولماذا الدفع الى المواجهات؟ فهل من مجيب، يذكر التاريخ أن قوات عبدالرحمن الخافقي التي كانت تحارب لنشر
الدين الإسلامي في أوروبا، تركت مواقعها القتالية على حدود فرنسا حينما خدعها منادٍ من العدو يصيح باللغة العربية؛ إن معسكر الغنائم قد وقع بيد الفرنسيين. وبالرغم من إلحاح القائد بعدم ترك ساحة القتال، لم يصغوا إليه. فقتِلِ هو ومن بقي معه، وكان ذلك سبب هزيمتهم واندحارهم عن أوروبا. إذا من أجل ماذا كانوا يحاربون؟.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية