العدد 1398
الأحد 12 أغسطس 2012
banner
شر لا بد منه! حسن علي
حسن علي
بروح رياضية
الأحد 12 أغسطس 2012

للمرة الأولى تصعد البحرين إلى منصة التتويج بدورة الألعاب الأولمبية، بعدما أحرزت العداءة مريم جمال الميدالية البرونزية في سباق 1500 متر بأولمبياد لندن 2012، لتهدي المملكة أول ميدالية أولمبية منذ مشاركتها الأولى في أولمبياد لوس أنجلوس عام 1984، بعد إلغاء ذهبية العداء رشيد رمزي التي حصل عليها في أولمبياد بكين 2008 إثر سقوطه في اختبار المنشطات.
فوز العداءة مريم جمال بهذه الميدالية سيفتح الباب على مصراعيه مجدداً للحديث عن “التجنيس الرياضي” في البحرين، وبالأخص في رياضة ألعاب القوى، دون التطرق لهذا الموضوع ومناقشته بأسلوب علمي ومنطقي متزن، متجردا من العاطفة.
فالتجنيس في ألعاب القوى هو “شر لا بد منه”، في ظل ندرة المواهب لدينا، فسباقات العدو تتطلب بنية جسمانية قوية، وقدرة زائدة على التحمل، ومثل هذه المواصفات تتوافر بشكل أكبر في أبناء البشرة السمراء من قارة إفريقيا، ومن الصعوبة أن تجدها في عداء محلي، خصوصاً في بلد ذي تعداد سكاني صغير مثل البحرين، قلما يتجه فيه الشباب لممارسة أم الألعاب؛ نظراً لصعوبة هذه الرياضة، وما تتطلبه من مجهود شاق في التدريب.
صحيح أن البحرين استطاعت أن تنجب العداء أحمد حمادة صاحب ذهبية 400 متر حواجز بدورة الألعاب الآسيوية 1986، ورقية الغسرة التي حققت ذهبية 200 متر بآسياد الدوحة 2006، إلا أن جزءاً كبيراً من بروزهما كان وراءه إصرارهما وحبهما لهذه الرياضة وإرادتهما القوية؛ من أجل الوصول إلى القمة، وهما موهبتان استثنائيتان، والدليل أن البحرين احتاجت 20 سنة منذ إنجاز حمادة 1986 لتخرج لنا موهبة أخرى تتمثل في البطلة رقية الغسرة 2006!
والتجنيس الرياضي فن لا يتقنه الجميع، والدليل أن أحد اتحادات الدول المجاورة ينفق ملايين الدنانير؛ من أجل تجنيس العدائين الأفارقة، ولكنه لا يحقق الإنجازات نفسها التي يحققها اتحادنا المحلي في جميع الملتقيات والدورات الآسيوية والأولمبية، مع أن الأخير يمنحهم مبالغ أقل بكثير، والسبب في ذلك يعود إلى وجود الفنيين القادرين على انتقاء المواهب بعناية فائقة، وهي ميزة يجب الإشادة بها.
ومع ذلك، يجب على الاتحاد البحريني لألعاب القوى ألا يعتمد على التجنيس بنسبة كبيرة، وأن تتم هذه العملية وفق ضوابط وآليات محددة، ويتعين عليه أن يبني خطة إستراتيجية؛ من أجل جذب أكبر عدد من الناشئة لممارسة أم الألعاب، وأن يسعى إلى اكتشاف المواهب في المدارس؛ من أجل إعداد أبطال أولمبيين قادرين على تشريف المملكة في مختلف المحافل الخارجية.
وختاماً، أرجو ألا يساء فهمي على أنني من مؤيدي التجنيس الرياضي بشكل مطلق، فسبق وأن أعلنت رفضي لهذه الظاهرة في كرة القدم، في ظل وجود المواهب المتعددة لدينا، والتطرق لهذا الموضوع لم يأت من باب الدفاع عن اتحاد ألعاب القوى وتبرير موقفه من التجنيس، بقدر ما هي محاولة مني لشرح الموضوع بشيء من الحكمة والتعقل والاتزان البعيدين عن العاطفة التي قد تفقدنا الصواب في كثير من الأحايين.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .