العدد 1369
السبت 14 يوليو 2012
banner
“حدث” هدير البقالي
هدير البقالي
نورسة الكلام
السبت 14 يوليو 2012

قولبة- حرفنة-اللعب بين طرق منغلقة وأخرى قابلة للسقوط في مصيدتها، هكذا ربما يستفهم التشكيلي مساره دون التغليط بشأنه، أو التقليل من مستوى التعاطي بالمسائل الشخصية والاحترافية في حقل التشكيل، فمازال التشكيلي يتأنق في بذخ تعكاسه في وضع الفن، متناسيا قواعده وحفر اسم يليق بسمعته الفنية، فلا غريب في تموضع النسيان الفكري لمجالسة شقيق يزوال إبداعه الفني بالمجال ذاته، وسلب كل ما يمتلكه من رؤى وأدوات تأثيرية في كان قد أسرته أثناء تفاعله مع اللوحة التشكيلية، بكل يسر وسهولة، وبغمضة عين، وإدعاء أن تلك الرموز والآليات المشتغلة بالعمل الفني هي ملك الآخر، فمتى كانت المعطيات الإرثية لا تتوارث، ولا تتأثر بملذات المبدعين، ومتى كان البذخ الفني محتكراً على فئة بعينها دون أخرى، لمجرد توافر الاستثمارات المالية، وهذا يحدث بالحركة التشكيلية الآنية، وما يحدث أيضاً في الساحة الفنية يثير من ذواتنا التشكيك بالإبداع، أو خداع للفن والتجاهل والجهل معاً، وهذا مرفوض، وكما يقول أندريه جيد إن “المنافق الحقيقي هو الذي لا يدرك خداعه؛ لأنه يكذب بصدق”، وهذا ما لا يكتشفه التشكيليون بذواتهم؛ لأنهم صادقون بالترواغ بالكذب والتلصص على ما يؤمنون به بحرية لا تتكشف منها سوى الفن المزين باستعارات نموذجية لاشتغالاتهم التي تطرح للمرة الأولى أو كما يصنفونها فريدة من نوعها.
مصادفة عمل التشكيلي ليست مفاجأة، بل سبق وأن تمازج بإبداعه بمقاربات فنية وآليات تزج به في الرهان على التشكيل البائس، والحبو نحو بنيات ثقافية فلسفية، أملاً في الخروج من التقوقع، والضلع الغائب في الساحة الفنية، كقول “أنا هنا موجود...وهذه رؤيتي”، وهذا حدث كثيراً، وما يؤلم جموح التشكيليين الآخرين هو أن أشقاءهم بالفن يمارسون سياسة الكيل بمكيالين، كسرقة المعايير الفنية وتوظيفها بأشكال تطويرية مستحدثة، والتحقير من شأن علاقاتهم الودية بعد تقديم يد العون في أغلب الأحيان بينهم، وهذا ما تغيب عنها تارات الحالة الإنسانية المستعصية المتخاذلة، ولا يكفي ذلك، بل بالسماح لبيع حقوقهم الفكرية الفنية؛ من أجل  حفنة مال، وهذا ما يبعث على الحركة التشكيلية بالقلق، أو ربما يحق لنا القول هو أن الفعل الفني حُجِرَ على قيده بذاته!

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية