العدد 1398
الأحد 12 أغسطس 2012
banner
مقاطعة السفير الأميركي... حسابات المكسب والخسارة (2-2)
ستة على ستة
الأحد 12 أغسطس 2012

الواضح من استعراضنا السابق لبعض الحقائق حول المقاطعة الشعبية والبرلمانية للسفير الأميركي، أن هذا الخيار (المقاطعة) هو خيار غير صائب، كونه يصب بالأساس في صالح الجهة الأخرى التي تحظى باجتماعات ولقاءات معه وتتمادى في سياستها ومخططاتها وتواصل مسيرتها التخريبية والتدميرية وتزيد من فرص نجاحها في تحقيق مرادها والوصول لمبتغاها.
فإذا كانت هناك ملاحظات وانتقادات للسفير الأميركي أو غيره فلتكن مطروحة على طاولة الحوار وجهًا لوجه ولا نكتفي بترديدها فقط فيما بيننا دون نقلها للطرف المعني ومناقشته فيها، فإن أبدى اقتناعًا أو حتى استعدادًا للاقتناع فهو أمر بلاشك في صالح القضية ويؤدي إلى تصحيح مسارها حتى إن أخذ ذلك وقتًا طويلاً وجهدًا كبيرًا.
أما إن لم يبد اقتناعًا او مرونة او امكانية لتغيير موقفه والتعديل عن مواقفه وتغيير سياساته فليتم الإعلان عن ذلك بكل وضوح ليكون على مرأى ومسمع من الجميع.
ولعلنا شاهدنا ما حدث في بريطانيا من مراجعات على الصعيد الإعلامي، حيث اعترفت هيئة الإذاعة البريطانية باخطائها وانحيازها الواضح في تغطيتها لأحداث البحرين على مدار عام ونصف عام، وعلى الصعيد الحقوقي عندما اصدرت وزارة الخارجية البريطانية تقريرها ربع السنوى عن الفترة من أبريل إلى يونيو 2012، وسجلت الوزارة التحسن الذي طرأ على سجل حقوق الإنسان خلال هذه الفترة، واشادت بالعديد من الخطوات التي اقدمت عليها الدولة وحكومتها.
بل إن التغيير طال الولايات المتحدة الأميركية نفسها، فقد أكد مساعد وزير الخارجية الأميركية مايكل بوسنر خلال جلسة استماع أمام لجنة “توم لانتوس” لحقوق الإنسان بالكونجرس الأميركي مؤخرا أن البحرين أصبحت الآن أكثر استقرارا عما كانت عليه قبل عام ونصف العام، مشيدا بما أبدته الحكومة البحرينية من شجاعة تحسب لها وتستحق الإشادة، مشيرا إلى أن أعمال العنف في البحرين شهدت انحسارا ملحوظا هذا الصيف، كما نوه أيضا بالخطوات التي اتخذتها الحكومة في سبيل تنفيذ توصيات لجنة بسيوني. وفي السياق ذاته، قال عضو الكونجرس “دان بورتون” في كلمة له خلال الجلسة إن الجمعيات المعارضة تقوم بتضليل الرأي العام الاميركي، وقال “إن العنف الذي يرتكب من المتطرفين والمتظاهرين وجب أن يكون له ردة فعل من قبل الحكومة
وهذا يشير إلى أن الأمل قائم في تغيير الصورة المغلوطة التي تشكلت عبر سنوات طويلة من العمل من قبل فئات غير وطنية وغير محبة لبلدها، ولكن شريطة خوض غمار المعركة في اي منطقة كانت وعلى اي جبهة وجدت وعدم الاكتفاء بالتنديد والانتقاد والاستهجان، فالمتلقي سواء في الداخل أو الخارج يتأثر حتمًا بما يصل إليه من رسائل إعلامية مكثفة ومتواترة من جهات عدة سواء كانت منظمات دولية أو قنوات فضائية أو محطات إذاعية أو غيرها.
إن الابتعاد عن هذه المنافذ المهمة والمؤثرة على الرأي العام سواء رضينا بذلك أم لم نرض والاكتفاء بالمشاهدة والمتابعة يساهم ولو بنصيب قليل فيما تقع فيه هذه المنظمات والقنوات من أخطاء ومغالطات.
فالوقاية دائمًا أفضل من العلاج، و صاحب القضية والمؤمن بها عليه أن يحاول بكل ما أوتي من قوة وحيل للوصول إلى أهدافه وألا يكتفي بالوسائل السهلة أو الطرق البسيطة بل يكون مستعدًا ومستوعبًا أن طريقه مليء بالأشواك والصعاب التي تراكمت عبر سنوات طوال وتحتاج لسنوات أخرى ليتمكن من التغلب عليها ودحر خصومه.
إن ما ينطبق على المقاطعين والرافضين للحوار مع السفير الأميركي بالمنامة ينطبق كذلك على من يرفض الظهور في قنوات فضائية معروف انها غير محايدة ومتحيزة كقناة المنار أو العالم، خاصة أن رفض الحوار قد يكون له تفسيرات كثيرة منها ضعف الحجة وعدم القدرة على مواجهة الطرف الآخر.
إن المقاطعين بنظري كفريق كرة القدم الذي يلعب بخطة دفاعية بحتة بحيث لا يتقدمون مطلقًا لمنتصف ملعب الخصم أو المنافس ويكتفون بالدفاع واللعب في منتصف ملعبهم فقط. ولنا أن نتخيل ما هي النتيجة لمثل هذه المبارة التي يهاجم فيها فريق طوال الوقت ويدافع آخر طوال الوقت.
النتيجة ستكون حتمًا هزيمة الفريق الذي اكتفي بالدفاع ومن منتصف ملعبه مهما بلغت مهاراتهم وفنونهم في اللعبة، حيث إنهم بتمركزهم في منتصف ملعبهم فقط لن يتمكنوا مطلقًا من إحراز أهداف في الخصوم كما أنهم يجعلون الطريق ممهدًا والباب مفتوحًا على مصراعيه للخصم لكي يزيد من الأهداف وتسجيل الكثير من النقاط.
إن فريقًا يلعب بهذه الطريقة الدفاعية البحتة لا يلومن إلا نفسه في حال هزيمته، وعليه أن يلحق نفسه بسرعة ويدرك جيدًا أنه يمتلك من المهارات والقدرات ما يجعله قادرًا على الهجوم وتسجيل الأهداف في مرمى الخصوم وخاصة في تلك المباريات التي تقام على أرض وسط جمهوره.
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .