العدد 2412
السبت 23 مايو 2015
banner
قراءة تحليلية لقمة كامب ديفيد (2) طارق الشمري
طارق الشمري
ما وراء الحقيقة
السبت 23 مايو 2015

وحول استخدام النظام السوري الغازات السامة ضد المدنيين بسوريا، كان الرد الإيجابي للرئيس أوباما هو أن واشنطن وبسياستها، تخلصت من أكبر ترسانة أسلحة كيماوية بالمنطقة. اما الرد السلبي فهو ان واشنطن ستحقق بالتقارير التي تؤكد استخدام الجيش السوري للغازات السامة. وهو رد لا يمكن قبوله، لأن معنى هذا احد الاحتمالين وهما: أن واشنطن لا تعي ما يحدث على الساحة السورية وهو احتمال غير منطقي، خصوصا بعد نجاح واشنطن بقتل الارهابي ابوسياف وأسر زوجته، مما يؤكد قوة نشاط الاستخبارات وعملائها بالمنطقة. اما الاحتمال الآخر فهو ان واشنطن كأنما تقول لطهران: انظري.. لقد أنقذنا حليفك الأسد من تهمة استخدام الغازات السامة، فهل سيجعلك تقدرين ذلك لاحقا. وهذا الاحتمال هو احتمال قوي جدا، لان اوباما وبالتلميح لا بالتصريح، كان يرسل عبارات ود خفية لطهران مثل ان على طهران كسب ثقة العالم ودول الخليج.
ثالثا: رفع العقوبات. من جملة ما قاله الرئيس أوباما بعد الانتهاء من قمة كامب ديفيد، انه لن يكون هناك مجال لرفع العقوبات عن ايران من دون الالتزام الكامل ببنود الاتفاق النووي بينها وبين الدول العظمى، والتحقق بشكل كامل من تطبيقها لأي ملحق يتعلق بهذا الاتفاق. وهنا نقرأ رسالتين مختلفتين. الأولى هي لدول الخليج ومفادها اننا نطمئنكم بأننا لن نرفع العقوبات الاقتصادية عن ايران، من دون التزامها التام ببنود الاتفاق النووي. وبالتالي، فإن اية أموال سيتم الإفراج عنها، والتي ستستفيد منها ايران لاحقا كنوع من الانتعاش الاقتصادي لها، لن تكون من دون ان نضمن الا تخرق ايران هذا الاتفاق. ولهذا عليكم ايها الخليجيون الاطمئنان لذلك الامر. وهذه رسالة طمأنة وسكينة للخليجيين. ولكن الرسالة الثانية وهي الخطيرة جدا، وتتعلق بنقطتين مهمتين هما: كيف ستحدد واشنطن وتتأكد من ان ايران التزمت ببنود الاتفاق بشكل كامل؟ والنقطة الثانية متى ستفرج واشنطن عن الاموال الايرانية وترفع العقوبات عن طهران؟ وهما نقطتان مهمتان لأمننا الخليجي. لأن ذلك منوط ومرتبط بالمصالح الاميركية. فقد تقرر واشنطن متى ما اقتضت ضرورة مصالحها، الاقرار بعد سنتين او ثلاث أو حتى 5 سنوات، بأن ايران تسير بالاتجاه السليم وقد ينظر بمسألة رفع العقوبات. اذا لا سقف زمني محدد بهذا الشأن. وهنا اللعبة الاميركية. فقد يكون ذلك الامر بصالحنا، اذا ما استمرت وماطلت واشنطن برفع العقوبات، والاقرار بأن طهران ملتزمة ببنود الاتفاق. ولكن قد تلوح لنا واشنطن بالسيف تبعا لمصالحها، وتقرر بعد مدة التزام ايران بهذا الاتفاق وتبدأ برفع العقوبات. المهم ان الخطاب والبيان مررا فقرة تعتبر لصالح واشنطن بالدرجة الاولى. وقد تكون بصالحنا وقد لا تكون.
رابعا: مكافحة الارهاب. ركز كل من بيان القمة وخطاب الرئيس اوباما، على قضية مكافحة الارهاب وخص بالذكر كلا من داعش والقاعدة. ولكنهما لم يشيرا الى الوجه الآخر القذر من الارهاب، المتمثل بالجرائم ضد الانسانية التي ارتكبتها وترتكبها الميليشيات الطائفية ذات الولاء الايراني، كحزب الله والحشد الشعبي وفيلقي بدر والقدس وحزب الله العراقي، وما يقومون به من قتل وتنكيل وإبادة طائفية نتنة، وسط سكوت مخز وقذر من قبل الجهات السياسية الغربية. وفي هذا أيضا قد يرتكز على ارسال لعبارات ود الى طهران، بأنه تم السكوت عن ميليشياتهم في كل من العراق وسوريا ولبنان واليمن، نقول قد يكون ولا نجزم بذلك.
وتبقى نقطة أخيرة وهي ترتكز على العلاقة الخفية بين الادارة الحالية مع طهران. بمعنى ان قمة كامب ديفيد كانت مكشوفة وحصل فيها الخليجيون بشكل علني على ما يريدون. والسؤال الآن هو: ما الذي حصل عليه الإيرانيون بالخفاء؟.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .