العدد 2411
الجمعة 22 مايو 2015
banner
قراءة تحليلية لقمة كامب ديفيد (1) طارق الشمري
طارق الشمري
ما وراء الحقيقة
الجمعة 22 مايو 2015

بعد الانتهاء من قمة كامب ديفيد الأخيرة، كان هناك بيان مشترك بين القادة الخليجيين والرئيس أوباما حول نتائج هذه القمة. كما أدلى الرئيس أوباما بتصريح صحافي خلال مؤتمره الصحافي حول هذا الموضوع. ولأنه كانت هناك عبارات يجب التوقف عندها ومحاولة شرحها، فإنه من الضروري التطرق لأبرز هذه العبارات، حتى نتمكن من معرفة المعنى الحقيقي لها. وهذه العبارات هي كالتالي:
أولا: الأنشطة الإيرانية. خلال فقرات البيان الختامي للقمة، وأيضا خلال الجمل والعبارات التي تلفظ بها الرئيس اوباما، كانت هناك عبارة الانشطة الايرانية. والسؤال ماذا يقصد كل من البيان الختامي والرئيس الأميركي بجملة الانشطة الايرانية؟ هناك عدة احتمالات سوف نستعرضها على عجالة ومنها احتمال ان يقصد الأنشطة النووية، والتي تتخوف منها دول الخليج. ولكن هذا الاحتمال لا يقترب من الحقيقة، لأن كلا من البيان والرئيس الأميركي جاهرا بكل وضوح، بمسألة الاتفاق النووي الايراني بين الغرب وطهران، ومسألة التزام ايران بهذا الاتفاق بكل بنوده وبشكل كامل. لهذا سوف نستبعد مسألة الانشطة النووية الايرانية من هذه الاحتمالات. احتمال ثان هو ان طهران سوف تلجأ، في حالة التزامها الكامل بمسألة الاتفاق النووي الايراني، الى موضوع التهديد العسكري لدول الخليج، بافتعال أزمات سياسية أو حدودية، برية وبحرية وجوية، او اطلاق صواريخ ضد الاراضي الخليجية، او اقامة مناورات عسكرية احتكاكية تندرج كلها تحت مسمى الانشطة الايرانية. الا ان هذا الاحتمال ايضا ضعيف بسبب مجاهرة البيان الختامي والرئيس أوباما نفسه بالتعهد بالدفاع عن امن وأراضي دول الخليج. هذا بالاضافة الى الدرع الصاروخي المزمع اقامته، ونوعية الاسلحة التي ستحصل عليها دول الخليج جراء التحالف الاستراتيجي الجديد مع واشنطن، والذي سيمنع ايران من المساس بالأراضي الخليجية. ولكن هناك احتمال نراه كبيرا جدا وواقعيا، وممكن الحدوث مع دولة تنص مادة في دستورها على وجوب التدخل بشؤون الغير تحت مسمى نصرة المستضعفين. اذا الانشطة الايرانية المقصودة بكل من البيان الختامي وخطاب الرئيس اوباما، وإن لم يصرحا بالعلن، هي الميليشيات الطائفية ودعاة الاجندة التكفيرية الطائفية الايرانية، التي تحركها طهران في كل من العراق وسوريا ولبنان واليمن، والتي تقود حربا بالوكالة لتدمير الوحدة الاسلامية بهذه البلدان. وإن صدقت توقعاتنا، فإنها اشارة جيدة من واشنطن بأن التدخل الايراني بهذه البلدان، وهنا تمت الاشارة له بجملة (الانشطة الايرانية)، سيكون مرفوضا، وسوف تتم مواجهته من دول الخليج. كما ان هذا الأمر سيعطي اشارة لطهران، بأن الدعم الاميركي لها وسياسة غض الطرف عما تفعله بهذه البلدان، لن يتم السكوت عنه من الآن وصاعدا، على الاقل من جانب الدول الخليجية.
ثانيا: السلاح الكيماوي السوري. خلال خطاب الرئيس أوباما بعد انتهاء القمة، وأثناء طرح أحد الصحافيين سؤالا له، حول ما تم استخدامه من غازات سامة من قبل جيش النظام السوري ضد المدنيين والاطفال والنساء، كانت اجابة الرئيس الاميركي تحمل سلبا وتحمل ايجابا بنفس الوقت. وهو انجاز اعلامي ولغوي له خلال خطابه، اذ لم يكن هناك أبدا خيار افضل من ذلك. والسبب ان الإجابة تتعلق بسياسة الولايات المتحدة نفسها. فلو كانت واشنطن مثلا قد وقفت بحزم ضد مسألة السلاح الكيماوي السوري، لكانت الاجابة ايجابية وناجحة. المهم ان الرد الايجابي للرئيس اوباما هو ان واشنطن وبسياستها، استطاعت ان تجبر نظام بشار الاسد على التخلص من الاسلحة الكيماوية التي بحوزته، وهو ما جعل الرئيس اوباما بكل فخر يقول إن واشنطن تخلصت من أكبر ترسانة اسلحة كيماوية بالمنطقة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية