العدد 2383
الجمعة 24 أبريل 2015
banner
دروس من عاصفة الحزم (1) طارق الشمري
طارق الشمري
ما وراء الحقيقة
الجمعة 24 أبريل 2015


 لقد حان الوقت للقول بأن عاصفة الحزم جاءت بعد أن انكشف التنسيق غير المباشر بين الحرس الثوري بقيادة طهران مع أصدقائنا الأميركيين مع الأسف. طبعا قد يقول قائل إن بيان الخارجية الأميركية أيد عاصفة الحزم، ونقول إن ذلك لا يعني أبدا ألا تنقلب السياسة الأميركية على مصالحنا لاحقا.
فبيان الخارجية تم بعد أن قام مجلس التعاون بالبدء بعاصفة الحزم على الحوثيين وتهديدهم بأن ذلك الفعل لن يمر مرور الكرام. نحن نؤمن بأن من سلم العراق للإيرانيين، ومن يحمي الأسد الآن ويفاوض إيران على بقائه بالسلطة مقابل ملفها النووي، ومن يدعم بقاء حزب الله مهيمنا على لبنان، ومن حاول ابتزاز مصر بالتعاون الخفي مع الإخوان وتركيا، لن يضره دعم الحوثيين واستخدامهم كحذاء لدخول اليمن السعيد.
ولهذا فإنه لا بد من القول بأن عاصفة الحزم أبرزت دروسا عدة يجب الاستفادة منها، والعمل على إبرازها للمجتمع الخليجي إعلاميا وسياسيا، حتى نحقق لمجتمعنا الخليجي الأمن والاستقرار والخير. فواجبنا كإعلاميين وكوحدويين خليجيين إبراز مثل هذه الأمور للمجتمع، كدور وطني وديني ومجتمعي تجاه أبناء وطننا الخليجي. ويمكن اختصار هذه الدروس بالنقاط التالية:
أولا: نظرية الولي الفقيه اليمنية: كشفت لنا عاصفة الحزم أن ما أراده الحوثي في اليمن هو نفس ما قام به الخميني والخامنئي في استعبادهم الناس تحت مسمى نظرية الولي الفقيه. هذا الحوثي، يعتقد أن له الحق في امتلاك الأرض والحكم. وما الأحزاب الأخرى في نظر هذا الحوثي إلا مجرد عبيد لم يتمكن من إخضاعهم بالسلم.
وعليه فإنه سيجبرهم على أن يكونوا عبيدا له من خلال انقلابه الهمجي. ولنا في المدعو أبو قبر البغدادي زعيم الدواعش لعنهم الله، دليل آخر على شيوع منطق العبودية. هذا الحوثي ضرب كل مبادئ المساواة الإسلامية والدولية، ورفع نفسه فوق مستوى البشر؛ لأنه يعتقد أنه صاحب عرق سامٍ أنقى من هؤلاء البشر. فقد أهان كل قيم المساواة بين مختلف المواطنين وشرائحهم على المستوى الوطني، وجعل هؤلاء المواطنين صنفين: صنف نقي مهمته العلو والسمو والرفعة، وصنف مهمته السمع والطاعة والتنفيذ.
 وهذه الايدلوجية التي ينتهجها هذا الحوثي، هي بالضبط نفس الايدلوجية التي أتت بها الثورة في إيران، عندما نصب زعيمها الخميني نفسه وليا على اتباع المكون الثاني الكريم من مكوننا الإسلامي، ضاربا بعرض الحائط كل معاني التواضع والتسامح والمساواة التي طبقها أمير المؤمنين عليه السلام، وسار عليها من خلفه سبطا رسول الله عليه وعلى آله الصلاة والسلام.
أسلوب التخلف: الحركة التي قام بها سفيه اليمن تؤكد اتخاذ هذا الحوثي منطق الهمجية بكل شي، والبعد عن التصرف الحضاري والعقلاني لأي شخص يصف نفسه بأنه زعيم أو قائد قبيلة أو رئيس حزب سياسي. فهو همجي في تكوينه لهذه العصابة الهمجية التي لا تحمل فكرا نيرا ولا آيدلوجية سياسية أو فكرية تساهم في الارتقاء بالمجتمع اليمني. وهو همجي مع عصابته بطريقة إدارتهم وتعاملهم مع الناس بشكل لا يوصف. وطريقة استيلائهم على مؤسسات الدولة كانت همجية غير متحضرة. وبياناتهم كانت همجية ترتكز كلها على تخوين الآخرين، وعدم تقبل الآراء المناهضة لهمجيتهم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية