العدد 2332
الأربعاء 04 مارس 2015
banner
خطاب أوباما... هل نحن فعلا إرهابيون!؟ (1) طارق الشمري
طارق الشمري
ما وراء الحقيقة
الأربعاء 04 مارس 2015

الخطاب الأخير للرئيس الأميركي باراك أوباما، حمل الكثير من النقاط التي يجب علينا التوقف عندها والتمعن بها جيدا، حتى لا نحقق للسياسة الأميركية مبتغاها. وحتى لا نكون أغبياء ونردد ما تريده هذه السياسة من أهداف ومصالح ورؤى، من دون ان نشعر بذلك الأمر الجسيم والمدمر لنا ولوجودنا. فالأميركيون يجيدون فن الخطابة وفن صناعة الرسالة السياسية وتمرير محتواها بشتى الوسائل. وإن لم يكن الطرف المستقبل لها واعيا وفطنا ومحللا لها، فإنه حتما سيكون من أدوات تحقيق أهداف هذه الرسالة.
وعودة إلى خطاب أوباما، نحلله بالقول بمجمله إنه صور الولايات المتحدة على أنها الإله الأوحد الذي لا يخطئ، والذي يشخص الحوادث والمواقف ويعرف مسبباتها. ومن ضمن هذه المواقف مسألة الإرهاب. فقد قال في خطابه إن الفقر والظلم والجهل، هي أسباب تؤدي ببعض الشباب للتعاطف مع المنظمات الإرهابية ان لم يكن الانضمام لها. طبعا وقبل قول أي شيء، احب ان ابين للقارئ مدى ذكاء هذه الفقرة وخطورة التسليم بها. فالقبول بها يعني اننا كمجتمع ودين ودولة مسؤولون عن ذلك، لأن المجتمع والإسلام والدولة هم من تسببوا بالفقر والظلم والجهل، الذي ادى بهؤلاء الى الاتجاه وتأييد الارهاب. وبالنسبة لي كإنسان كاتب وحدوي أتصدى لمن يريد تحميلنا كعرب وأتباع الدين الإسلامي مسؤولية الإرهاب، فإني أرفض ما قاله اوباما، وأرفض ما بين سطور خطابه، وأفنده بالأدلة والبراهين لكل عضو في مجتمعي الخليجي والعربي، حتى لا يتقبل الإنسان العربي اتهامات الآخرين لنا، وحتى لا نمارس جلد الذات بينما المتسبب غير المباشر يمدنا بالسوط وهو يضحك.
لكن، وقبل الشروع بتوضيح هذه النقطة، علينا أن نعرف نقطتين مهمتين: اختلاف الثقافات بين العرب والمسلمين من جهة وبين الغربيين وحضارتهم المادية. أما النقطة الثانية فهي الاختلاف في السياسات والمصالح بين العرب والمسلمين من جهة وبين الساسة والسياسة الغربية من جهة. ولتوضيح الفرق والاختلاف بين الثقافتين والفهمين العربي والإسلامي وبين الغربي، فإن الشذوذ الجنسي هو حق بشري وفق الثقافة الغربية ووفق السياسة الغربية أيضا، مع الاعتراف برفض المسيحيين الغربيين لهذا الشذوذ، بينما هو اسلوب حيواني وغير إنساني وفقا للثقافة والفهم العربي الغربي.
ولهذا فإنه من الطبيعي ان يرى كل طرف الحياة والحوادث والقيم والمصالح وفق سياسته وثقافته وهذا حق مشروع. لكن من غير المشروع وغير الإنساني وغير المتحضر، ان تأتي الثقافة والسياسة الغربية، وتفرض علينا نحن العرب وتجبرنا على قبول مبدأ الشذوذ الجنسي، أو السماح بإقامة علاقات محرمة بين الجنسين. فهذا يعتبر غزوا ثقافيا وأخلاقيا وسياسيا ضدنا، وفرض مبادئ بهيمية على مجتمعنا.
نعود الى القضية الأساسية وهي الأسباب التي أدت للإرهاب، وانخراط بعض الشباب في منظمات نصنفها نحن العرب والمسلمون قبل الآخرين الغربيين، بأنها منظمات ارهابية لا تمت لتعاليم الاسلام، ولا ما قام وعمل به أشرف البشر محمد عليه وعلى آله أفضل صلاة وتسليم. ومما قاله أوباما في خطابه، هو ان الفقر والجهل والظلم اسباب ادت لانضمام بعض الشباب الى هذه المنظمات. وقد تكون نسبة ذلك التشخيص واحد بالمئة. لأن من يتعرض لمثل هذه الأسباب سوف يتجه اولا الى من كان السبب المباشر لتعرضه للفقر والجهل والظلم وهي الدولة والمجتمع والدين، لا أن ينخرط في داعش والقاعدة ويستهدف الغربيين استهدافا مباشرا، الذين هم ليسوا مسؤولين عن فقر وظلم وجهل الشعوب العربية والاسلامية، الا اذا اعترفنا بأنهم هم من يحمي الدولة الظالمة التي نشرت الظلم والفقر، وبالتالي فإنهم شركاء في تعميق الجهل والفقر والظلم وقلة التعليم كما قال أوباما. وعليه فإن الغرب ووفقا لذلك هو المسؤول عن ذلك، وهو من يجب تحميله المسؤولية كاملة. لكن سنغض الطرف عن تلك النقطة ونحدد الاسباب التي لم يذكرها اوباما في خطابه، وفقا لثقافته الغربية ومصالح دولته.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .