العدد 2300
السبت 31 يناير 2015
banner
الخليجيون بين الظلم والإصلاح (2) طارق الشمري
طارق الشمري
ما وراء الحقيقة
السبت 31 يناير 2015

يحق للمواطن العربي أن يعتقد أن دول الخليج لن تكون بمنأى عن الربيع العربي، وأن الربيع العربي سوف يضرب دول الخليج ويطيح بها كما أطاح بالأنظمة العربية، مستندا على أن شعب الخليج جزء من ضمير الأمة العربية ويتأثر بكل ما يحيط بالعالم العربي من شعور بحقوق المواطنة وحرية التعبير والديمقراطية. ولكن على الجانب المقابل أيضا، نعتقد أن لنا الحق أيضا بأن نقوم بالتنظير وتسويق الادلة التي تؤكد على أن الربيع العربي لن يرسو على شواطئ الخليج العربي.
ويمكن أن نقول إن الربيع العربي وقف عند شواطئ الخليج ولن يستطيع الوصول الى اراضيها، لأن دول الخليج أدركت مطالب شعوبها منذ أمد طويل قبل بداية الثورات العربية، فالكويت بدأت عمليات الإصلاح منذ بداية الستينات، ودشنت دستورها واختارت ديمقراطيتها، وها هي تستكمل اصلاحاتها وفق ما يجمع عليه الشعب والقنوات التشريعية والتنفيذية، مستندين الى الدستور الذي صاغوه منذ اربعين سنة، اي قبل الربيع العربي بعشرات السنين.
فلو نظرنا الى دولة الإمارات العربية المتحدة، فسوف نجد أنها حققت أكبر عملية اصلاحات ووحدة بين الامارات العربية خلال القرن الماضي، بعد قيام المغفور له بإذن الله تعالى الوالد المؤسس الملك عبدالعزيز بتوحيد المملكة العربية السعودية. وكان توحيد الإمارات العربية بفضل المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان، وأخيه المغفور له بإذن الله، الشيخ راشد بن مكتوم، وحكام الإمارات. وهاهي الإمارات تحولت من بلد صحراوي الى بلد متطور، يكفيه وجود أكبر ناطحة سحاب بالعالم، ولقب هونغ كونغ الشرق الأوسط. وهذه الإصلاحات أيضا بدأت قبل ثورات الربيع العربي.
أما في المملكة العربية السعودية فإن الناظر الى سياسة الإصلاح التي تبناها المغفور له بإذن الله خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز منذ قيادته للمملكة، فسيجد دليلا واضحا على رغبة المملكة في استكمال عمليات الإصلاح والبناء برغبة صادقة، واتفاق مشترك بين القيادة السعودية والشعب السعودي، وما الإصلاحات التي قام بها خادم الحرمين منذ توليه الحكم، وكان آخرها إعطاء المرأة حق التصويت وإدخالها مجلس الشورى، الا دليلا واضحا على صدق وشفافية النهج الاصلاحي السعودي، والذي بدأه قبل ان يبدأ الربيع العربي بسنوات.
الأمر ذاته أيضا ينطبق على مملكة البحرين، فقبل أكثر من عقد مضى، دشن جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة المشروع الإصلاحي لمملكة البحرين، ليكون طريقا واضحا لتحقيق الانجازات على المستوى السياسي والاقتصادي والاعلامي، اي قبل ان تبدأ ثورات الربيع العربي، وها هي بذور هذه الاصلاحات تتحقق، ويشهد لها الجميع في الداخل والخارج، باستثناء حزب الله البحريني الموالي لإيران، وهو اداة الهدم الايرانية لكل الاصلاحات والانجازات البحرينية، والتي كما قلنا بدأت منذ أكثر من عقد ومازالت تواصل طريقها، وآخرها نسبة التصويت الكبيرة التي سطرها شعب البحرين خلال الانتخابات الأخيرة.
بالإضافة الى ذلك، ومنذ وصول السلطان قابوس، شافاه وعافاه الله، الى سدة الحكم، قام بتنشئة وتنمية الانسان العماني اولا، حتى يكون قادرا على ادارة بلده في المستقبل. وخلال فترة بسيطة تحولت عمان الى بلد سياحي واقتصادي، بفضل سواعد أبناء عمان. واستكمل السلطان قابوس مؤخرا العديد من الاصلاحات التي بدأها منذ توليه العرش السلطاني، ليسبق الربيع العربي بإصلاحات وإنجازات سيتذكرها الانسان العماني بكل فخر.
وفي قطر ومنذ منتصف التسعينات ومنذ تقلد صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة، بدأت الدوحة اصلاحات اعلامية وسياسية واقتصادية، بدأت منذ تولي سمو الأمير الوالد عام 1995، وأتت ثمارها خلال السنوات الماضية. ومازالت تتوالى نجاحات الدوحة وتحصد ثمار هذه السياسة الاصلاحية قبل أن تبدأ ثورات الربيع العربي.
خلاصة القول إن الربيع العربي لن يضرب دول الخليج ولن يقترب منها لسبب بسيط، وهو ان هذه الدول بدأت اصلاحاتها منذ عدة سنوات قبل الربيع العربي. ولكن هذا لا يعني البتة أن الاصلاحات ستنتهي، أو أنها حققت بالكامل كل ما يريده المواطن الخليجي، بل على الاقل هناك رغبة جادة وصادقة وفاعلة في الاصلاح تقودها كل الحكومات الخليجية والمجتمع الخليجي، الموالي لأرضه ووطنه.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .