العدد 2298
الخميس 29 يناير 2015
banner
الخليجيون بين الظلم والإصلاح (1) طارق الشمري
طارق الشمري
ما وراء الحقيقة
الخميس 29 يناير 2015

يحق لنا الآن أن نسأل أنفسنا كخليجيين: ما هي الدروس المستفادة لنا مما يسمى بثورات الربيع العربي؟ هل حققت هذه الثورات أهداف من قام بها؟ هل فعلا من قام بها كان له هدف نبيل؟ أم أنه مجرد دمية استخدمتها جهات غربية وإقليمية للإضرار بالعالم العربي تحت حجة الإصلاح؟ قبل الإجابة على مدى تأثير هذه الثورات علينا كخليجيين، لابد من القول إن الوطن العربي اجتاحته موجتان: الأولى موجة ثورات أساسها الإحساس بالظلم من كل فئات الشعب ضد النظام الحاكم. والثانية موجات اصلاح اساسها اصلاح بعض أوجه الفساد أو الخلل في المؤسسات الدستورية والحكومية أو الرغبة في التطوير ومواكبة المتغيرات، ولهذا فإن هناك فرقا بين الموجتين، يجب الانتباه له وعدم الخلط بينهما.
الشعب الإيراني كمثل إقليمي، يهيئ نفسه للثورة على النظام الدكتاتوري التسلطي، والشعب السوري كمثل عربي ولأنه يحس بالظلم، فإنه يقوم الآن بثورة ضد النظام الحاكم الواقع تحت سيطرة طهران وصاحب أحلام اعادة امجاد الامبراطورية لاحتلال بلاد العرب تحت ستار ثورة طائفية كارهة لسنة وشيعة العرب. والشعب العراقي أيضا كمثل عربي بشيعته وسنته الوطنيين يقوم بثورة ضد الاحتلال لأرضه، نتيجة لإحساسه بالظلم والطائفية والتطهير العرقي ضد أي عربي عراقي لا يؤمن ويرضخ لهذه الثورة، المهم أنه خلال السنوات الماضية، ازداد شعور المواطن العربي بحقه في العيش بكرامة كمواطن له حقوق وعليه واجبات، وأن له الحق في اختيار من يمثله في السلطات العليا لحكم البلاد، واجتاحت خلال هذه الفترة موجة ثورات ضد الظلم وضد الدكتاتورية، وبدأت هذه الثورات في تونس ثم في مصر وبعدها في ليبيا وسوريا، وكانت على وتيرة أخف في كل من الأردن والجزائر والمغرب. ويبدو أن الدور آت على كل نظام عربي لا يحترم شعبه.
أما عمليات الإصلاح فهي احساس من قبل النظام الحاكم والشعب بضرورة مراجعة القوانين والتشريعات بين الفترة والأخرى لتلائم متطلبات الشعب والوطن. وما تقوم به دول الخليج من موجات إصلاح داخلية هو دليل واضح على الرغبة في الإصلاح، حيث تستمر المشاورات والاستفتاءات ومراجعة التشريعات تمهيدا لتطبيق عمليات الإصلاح.
وإذا كانت الحكومات مطالبة بالإصلاح، فإن على الأحزاب والتيارات السياسية الخليجية أيضا، مهمة الإصلاح ومراجعة سياساتها وأجندتها لتلائم الوضع الجديد. بمعنى أن على جمعية ما أساسها طائفي بغيض وكريه، مراجعة نفسها بضرورة التخلي عن الولاء الخفي لطهران، وضرورة الاصلاح الذاتي بالتخلي عن طائفيتها، والإعلان علنا وأمام الجميع، بأن الولاء الكامل والمطلق هو للوطن ولرأس الدولة وليس لطهران. والإصلاح ايضا يتطلب ضرورة ان تكون على مستوى المسؤولية، بأن تقف في أصعب الظروف وأحلكها وتقوم بإدارة الأزمات بكل حكمة، لا أن تكون كالجبنان، والإصلاح هو ان تقود الشارع ويخضع لك ولحكمتك اثناء الأزمات.
الإصلاح في الخليج هو الإحساس بالمسؤولية في أقوى وأصعب الأزمات، كأن تجمع كل فئات الشعب قبل ان يتشتتوا. هو أن تحس كرجل وطني بأن الولاء الأول والأخير لوطنك ولرأس الدولة، وتقوم بالتصدي للخراف التي لم تستطع تحمل المسؤولية، ولتسد الفراغ الذي تعمد الآخرون ترسيخه لإسقاط الدولة. الاصلاح هو أن تقول للصفويين إن الوحدة الوطنية هي الصوت الحقيقي الخليجي العربي المسلم الإنساني، الذي يعبر عن منظومة دول الخليج بكل ما فيها من تسامح وإخاء وولاء للوطن، وتقبل للآخر وتعدد للمذاهب والأديان.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .