العدد 2296
الثلاثاء 27 يناير 2015
banner
الخليجيون والإرهاب (2) طارق الشمري
طارق الشمري
ما وراء الحقيقة
الثلاثاء 27 يناير 2015

يرى بعض الباحثين أن ظاهرة الإرهاب ظاهرة معقدة، لا يمكن تفسيرها بسبب واحد، وهو يمثل أكبر تحد تواجهه المجتمعات الخليجية، لأنها حصيلة تنشئة ذهنية، ورؤية فكرية. ويتفاوت نصيب كل دولة خليجية من الإرهاب بين مقل ومستكثر، مما يستلزم من المؤسسات التربوية والتعليمية دورا أكبر من أجل الوقوف على أسباب نشأة الإرهاب، والحيلولة دون وصوله إلى الشباب، وعلاج من وصل إليهم من خلال الدراسة المعمقة، والتشخيص والتحذير بهدف استئصاله.
نحن العرب مع الأسف لا نتعلم من أخطاء ودروس الماضي، لا ننظر الى التاريخ ونقوم بالتمعن بالأحداث الماضية، لكي نستخلص العبر، من أجل أن لا نقع بنفس الأخطاء التي وقعنا فيها بالأمس، أو بالتي وقع فيها غيرنا من قبل. وهاهي تداعيات إعادة وتكرار سيناريو صناعة الأفغان العرب في سوريا، وتوريط الخليجيين في حرب تحرير سوريا، ومن ثم الانقلاب عليهم واتهامهم بأنهم إرهابيون تعود من جديد. وكلنا يذكر السياسة الأميركية والغربية ابان الحرب الباردة، كيف انها استخدمت العرب والخليجيين في محاربة الاحتلال السوفييتي لأفغانستان تحت مسمى الجهاد الأفغاني، وبعد خروج السوفييت من كابول، انقلبت السياسة الاميركية والأوروبية على هؤلاء، وتم اتهامهم بالإرهاب وملاحقتهم عسكريا وأمنيا، واليوم نرى ان السيناريو الأفغاني يتكرر في سوريا، حيث يتم غض الطرف عن الخليجيين والعرب الذين يحاربون الى جانب صفوف الثوار السوريين، والخوف كل الخوف انه وبعد تحرير سوريا، سيصبح هؤلاء الخليجيون في نظر السياسة الغربية إرهابيين تجب ملاحقتهم والقضاء عليهم.
ولهذا نقول إن الدعم السياسي الذي تقدمه دول الخليج للثورة السورية يعتبر كافيا، ويمثل قمة الدعم الشعبي والحكومي الخليجي لإخواننا في سوريا وجهادهم في تحرير أرضهم ومستقبلهم. فإن على دول الخليج والسلطات الأمنية الخليجية بالذات، العمل على منع مشاركة الشباب الخليجي في هذه المعارك، لقطع الطريق على أية مخططات مسبقة تهدف الى توريطهم بهذه المعارك، ومن ثم ملاحقتهم واتهامهم بالإرهاب من قبل من كانوا يدعمونهم، ولهذا فإننا نقول إن ما تقدمه دول الخليج من دعم سياسي ومالي للثورة السورية هو كاف. وهو بمثابة فرض كفاية بالنسبة للمجتمع الخليجي، ويمكن بالطبع الاستمرار في تقديم المساعدات والمعونات بالتنسيق مع الجهات الخليجية المسؤولة، لضمان وصولها إلى المحتاجين من ابناء الشعب السوري. هذا بالإضافة الى أن ما تحتاجه الثورة السورية ليس العتاد البشري فلديها من الثوار ما يكفي، ولكن يلزمها الدعم المالي والسياسي، وهو دور الحكومات.
وعليه، يجب علينا كمجتمع خليجي وحكومات خليجية، الضرب بيد من حديد ضد كل من يحاول انتهاج افكار شاذة متطرفة تكفيرية، بتصنيف نفسه كفرقة ناجية والآخرين بأنهم غير مؤمنين، وكما وقفنا ضد الفئة الشاذة التكفيرية المتطرفة، فإن الوقت حان لكي نتصدى لفكر ونظرية وثورة الولي الفقيه، الذي قام بتكفير مليار ونصف مليار سني، واصفا اياهم بأنهم نواصب لا يدخلون الجنة، حتى لا نندم يوما على تساهلنا مع هذه الفئة التكفيرية الشاذة، فالمواطنة والأمن في دول الخليج، أولا، وقبل كل التنظيرات.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية