العدد 2932
الإثنين 24 أكتوبر 2016
banner
الحق لا يُميّع ولا يُضيّع غسان الشهابي
غسان الشهابي
ذرائع
الإثنين 24 أكتوبر 2016

موقفي المبدئي تجاه الرئيس العراقي السابق صدام حسين، موقف مبدئي لا علاقة له بشخصه بل بأفعاله، والنسبة الكبيرة من الأفعال ليست بالمستوى المشرّف إنْ على الصعيد الإنساني أو الصعيد السياسي، ومن أهمها، نقطة التحول الكبير الذي تمثّل في غزوه الكويت 1990، الأمر الذي جرّ من الويلات الكثير على الأمة العربية.
عندها، تهاوت سمات الجدّ عن وجه الأمة، وأصاب ركبتيها الوهن، سهل عليها الركوع، وأخذت تتسارع في تلبية النداءات لعقد الصلح مع عدوّها التاريخي “إسرائيل”، والمؤتمرات تجرّ المؤتمرات، والتنازلات تتبع التنازلات. كانت أشبه ببيت متداعٍ انتظر دفعة صغيرة أشبه ما تكون برصاصة الرحمة، دَفعة واحدة كنقطة الحياء التي “زَرّت” كما نقول عن موضعها، فكانت السباقات التطبيعية على أشدّها، وبدأت تظهر وتنشر الملفات عن الزيارات السرية، والوفود، وتلقي الأموال، والعمالة المزدوجة، وبما أن الأكثرية في الخيانة سواء، فلم يكن للخجل محل، بينما الشعوب الطرف الوحيد الذي أغلق فمه، من هو المصاب، خشية أن يفتحه تعجباً، فينزل عليه حديدٌ فيه بأسٌ شديد كان يُعدّ لقتال عدو الأمة، فصار يوجَّه لقتل الأمة!
اليوم بعد 68 عاماً على النكبة الكبرى، و49 عاماً على احتلال الضفة الغربية والقدس، و25 عاماً على المباحثات السرية في العاصمة النرويجية (أوسلو)، الممهدة لاتفاق السلام بين منظمة التحرير الفلسطينية والعدو، والذي لن يكون إلا عدوّاً مهما حاولت موجات التمييع أن تتفذلك بالتسميات؛ فإننا نشهد عدداً لا بأس به من بيننا يذهب إلى زيارة القدس بحجة تفقد أحوال أهلنا هناك، وتقوية قلوبهم، والشدّ على أيديهم، وأننا معهم ولن ننساهم، وبحجة إيصال المساعدات مباشرة إليهم، ونقل الصورة الحقيقية إلى مجتمعاتنا التي نسيت، أو أوشكت، القضية الفلسطينية، لكثرة ما خيّم على الأمة من دخان أحال نهار الحق ليلاً معتماً، أو يكاد. وهناك من ينظّر لهذا الحراك، وهناك من يفتي بأنه ما ورد في الدين من ذي قبل، وهناك من يشير إلى التفكير خارج الصندوق في التعاطي مع القضية إذ سبق أن دعمناها بالشكل الكلاسيكي، فلنغيّر شكل الدعم اليوم لعله يفلح.
هكذا بكل تجرّد، يمكن القول إن محاولات إقناعنا بأن نغيّر مواقفنا تجاه العدو الإسرائيلي عليها أن تنتظر حتى نفنى، وإقناعنا بأن لا فائدة، وأن علينا الاستسلام، وأن يكفي ما يكفي، لن تحيل الباطل إلى حق، ولن تقلب الموازين، ولن تعيد فلسطينيي الشتات إلى بيوتهم، ولن تمنع الصهاينة عن ابتلاع الأرض الفلسطينية شبراً شبراً، ولن توقف الانتهاك والقتل بدم بارد، ولن تجعلهم يحترمون مقدساتنا التي إن خففنا القبضة عنها لن يخفف أهلنا هناك دمهم وأرواحهم التي يبذلونها دوناً عنها، بينما الأوغاد يزدادون حرصاً وتشبثاً بمعتقداتهم ومقدساتهم.
أوضح أكثر لأقول: شُلت قدم أي صهيوني قبل أن تدنس قدمه تراباً عربياً.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .