العدد 2928
الخميس 20 أكتوبر 2016
banner
وجودك عندي كأنك غائب غسان الشهابي
غسان الشهابي
ذرائع
الخميس 20 أكتوبر 2016

ولأنني أدفع لك الضرائب، وأعلم أنك كاذبٌ ابن كاذبٍ، وأنك على الدوام كاذب، فلا معي وقفتَ، ولا دمي حقنتَ، ولا أرضي أعدتَ، ولم أرَ منك إلا النوائب، فكم “قُلّة” عليّ أن أكسر وراءك، وكم زِقّ “عصير” عليك شارب، لعلّ سنوات ولايتك، وولاية من هم قبلك ومن سيأتون بعدك لا تثير التثاؤب.
رائعٌ أنت بربطة العُنُق، نظيفٌ جداً، سريع التأثر، عدوّ الغبار، رصينٌ في الملمات، بليدٌ في المهمات، بليغٌ في التأتآت، تخونك العبارات في اللحظات الحاسمة، تسوقك الأقطاب إلى السحابات الحالمة، لم تسكن يوماً أيّ وجع، ولا نراك إلا وحاجبك من الذهول ارتفع، ولونك من المرارة امتقع، ولونك تغيّر واصفرّ، وتبدو كالزهد نبراساً لأبي ذر، وفي الحكمة تفوّقت على طاغور، لا تحرّك ساكناً، ولا تُسكن متحركاً، ولشدة هدوئك، وهو في غير محله، تحطّ على كتفيك الطيور، تترفع عن التفاهات، وتتهافت على القضايا الصغيرات. يحيط بك من يدحرج الكرة الأرضية لتدور، ولولاهم ما دارت، ولا نبت الزرع في الأراضي البور، ولا تعاقب الظل والحرور. سنوات أخرى من الكسب، ومراقبة لعبة الغالب والمغلوب، وإن شكوتَ لهم أعطوك أذناً من طين وأذناً من طوب، ولكن دائماً في العمر بقيّة، وللقصة بقية، وسنة بعد أخرى لا نملك إلا أن نقول: “ما فيش فايدة... غطّيني يا صفيّة”.
أموالنا قادت المنظمة للتضخّم والتوسع حتى صارت متخمة بالأجهزة: جهاز للثقافة، وذاك للعلوم، وآخر للبيئة، وذلك للتنمية، وأولئك “للجمبزة”.. أفعالكم قاصرة، ونتائجكم نادرة، وأخباركم موجزة... فإلى أين أنت ذاهبة يا “مَطْنَزَة”؟! فلقد بلغ مبلغه منّا السأم، وجرحنا ينزّ وما مرّة التأم، واعتدنا أن نضع جميع مكاسبنا منكم في ميزان الخسارة، ألا ليت بنايتكم الجميلة تهاوت منذ زمن، كما تهاوى برجا التجارة، ونعاود تأسيس كيان ليس فيه كبار ولا صغار، ولا يتحكم فينا “الفيتو” تحكم الأقدار، ولا يجاور القتلى قاتلوهم رغماً عنهم تبعاً للأحرف الأبجدية، ولا يتباهى الجلاد بفرو الضحية، كيان جديد تقل فيه الخُشُب المسنّدة، وينعم بالدفء والنبض بدلاً من اللحوم المجمّدة، ولا يتلوى الفقراء وحدهم ألماً من العقوبات المشدّدة. فإن كان لكل قصّة زمرة من الأبطال، فقصتنا يتسيّد فيها المجرمون والأنذال، ولهم وحدهم الصيت والغنى والكأس المعلّى، وتنقاد لهم قوانين الأمم أهلاً وسهلا. على منصة الخطابة، إذ يتساوى أصحاب الوزن الثقيل، ووزن الذبابة، للجميع أن يقول ما يريد، ويعود إلى مقعده وهو سعيد، قبل أن يسود قانون الغابة.
لذا لا يهمني، يا أيها القادم من البرتغال من أنت وما ضميرك وكيف ستمضي عهدك، ولا يهمني من تكون... فكلكم عندي سواء... إلى كل من سيأتي بعد بان كي مون.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .