العدد 2605
الأربعاء 02 ديسمبر 2015
banner
التغير المناخي العالمي... إلى أين؟ أحمد مبارك سالم
أحمد مبارك سالم
وقفات
الأربعاء 02 ديسمبر 2015

يمثل المحيط الحيوي الذي يعتبر المناخ وعاءه الذي يتفاعل من خلاله ضمن نطاق موزون نعمة خلق المولى تعالى عليها الكون فأبدع ما خلق، فما من شيء قرره تعالى في هذا العالم إلا وله نطاق ودور متى ما تحقق قيامه به وفق ما اقتضته سنة الكون؛ ليستمر كل شيء في الكون ضمن نطاق تفاعل يحفظ على الإنسان وعلى سائر المخلوقات استقرارها البيولوجي كي تحيا في بيئة تناسب احتياجاتها.
إلا أن طمع الإنسان وجشعه الذي مازال مستمراً يهدد البيئة في مقتل، وذلك حتى أصبحت مراعاة المصالح الذاتية تأتي دائماً على حساب المصالح الإنسانية المشتركة فيما يتعلق بالأمور البيئية وغيرها من الأمور، وها هي قمة المناخ تنعقد في باريس لتؤكد مبادئ اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ وبرتوكول كيوتو التابع لها بما يحتويان عليه من مبادئ وأحكام قانونية ملزمة، وبصفة خاصة المادة 3 و4 من الاتفاقية بما يعكس أسس التعاون الدولي في هذا المجال.
إذاً الإشكالية في تفاقم مشكلة التغير المناخي عالمياً تتمثل في عدم تحمل الدول - خصوصا الدول الصناعية العظمى منها – مسؤوليتها في تحقيق التوازن بين المصالح الوطنية والمصلحة العالمية المرتبطة في بعدها الإنساني بالمحيط البيئي، لاسيما في ظل التأثير الكبير للتغير المناخي على ارتفاع مستوى سطح البحر بصورة باتت تهدد الكثير من الأقاليم بالخطر، حيث باتت هذه المشكلة تشكل هاجساً لكثير من الدول وأنشطتها الاقتصادية الحيوية وبنيتها التحتية المرتكزة على السواحل، بالإضافة إلى تعرض المياه الجوفية بسبب ارتفاع منسوب المياه إلى الخطر.
أما بالنسبة لدول مجلس التعاون ومملكة البحرين كونها جزءا لا يتجزأ منها وموقفها من الالتزامات الدولية للتغير المناخي، فإنها كانت ومازالت تعمل من خلال المعنيين على حضور الاجتماعات التنسيقية لدول مجلس التعاون والمجموعة العربية لتغير المناخ، كما يطلع المعنيون في دول المجلس كذلك بشكل مكثف على مواقف ومرتكزات التفاوض لمجموعة الدول الجزرية التي تعتبر مملكة البحرين إحداها، حيث تمخض عن ذلك جميعه وضع إطار خليجي عربي محدد يحمي مصالح المجموعة في تقرير المساهمات المحددة وطنياً.
وإلى جانب ما يؤدي إليه تغير المناخ من ارتفاع في مستوى سطح البحر وارتفاع في نسبة الملوحة في المياه الجوفية، فإن من المشاكل الكبرى التي تتسبب فيها هذه المشكلة ارتفاع معدلات الحرارة، حيث أثبتت العديد من الدراسات العلمية أن درجات الحرارة في المنطقة ارتفعت عما كانت عليه خلال السبعين سنة الماضية، كما شحت الأمطار وزادت شدة وتيرة العواصف الرملية والترابية، وأدى ذلك إلى تصحر الأراضي وتراجع الإنتاج الزراعي في المناطق الزراعية، والتي تعد من أهم موارد تحقيق الأمن الغذائي للإنسان، ناهيك عن التأثيرات ذات العلاقة بالصحة والأمراض المرتبطة بارتفاع درجات الحرارة وارتفاع نسبة الغبار في الجو.
إن ما سبق يمثل جانباً من جوانب الخطورة التي باتت تشكلها مشكلة التغير المناخي التي لم تعد الإجراءات التي يقوم بها المجتمع الدولي – وعلى رأسه القوى العظمى – مجدية لحلها واحتوائها، حيث لحق الضرر بسبب التغير المناخي الكثير من الجوانب المرتبطة بالتوازن البيئي والمحيط الحيوي، وباتت هذه المشكلة مؤرقة لدول العالم أجمع في ظل ارتفاع المشكلات البيئية المرتبطة بها على المدى القريب وعلى المدى البعيد، مما يستلزم ضرورة الحسم من خلال تبني استراتيجية جادة ومدروسة لاحتواء تداعيات المشكلة بصورة أكثر جدية وتأثيراً لحماية المحيط الحيوي من مزيد من التدهور والدمار.
        
زبدة القول
إن من رحمة المولى تعالى أنه كما خلق الكون وصوره ضمن نطاق موزون يحفظ على المخلوقات محيطها التي تعيش فيه، فإن الإنسان مطالب اليوم قبل الغد بأن يتخذ إجراءات حاسمة لإعادة الأمور إلى نصابها، فمن رحمته تعالى أن جعل البيئة ذات نطاق مرن يمكن من خلاله أن يعود النطاق الموزون إلى البيئة كي تكون ذات صلاحية لعيش من عليها في محيطها، وذلك متى ما تحفظ الإنسان عن الجور والتعسف في تحقيق الانتفاع بالبيئة المحيطة به وعمل على قيامه إزاء هذا الانتفاع بدوره المنشود في حمايتها وحفظ توازنها.
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية