العدد 2454
السبت 04 يوليو 2015
banner
التحريض على الكراهية في المجتمع أحمد مبارك سالم
أحمد مبارك سالم
وقفات
السبت 04 يوليو 2015

يمثل التعايش في أوساط المجتمع بين مختلف فئاته توجهاً ينبغي أن يكون الداعم في المقام الأول له متمثلاً برجالات السياسة التي ينبغي أن تجمع في محيطها مختلف فئات المجتمع لخدمته في مختلف القطاعات بهدف استثمار القدرات من خلال اعتماد بعد واحد يتمثل بالمواطنة التي تجمع مختلف الأطياف.
في ظل التحديات المحيطة التي ارتفعت فيها معدلات الطائفية لدرجة بلغت حدة السعار بسبب الأحداث الدامية في الدول المحيطة بدول مجلس التعاون، حيث برزت السمة الطائفية للصراع في بلاد الشام من خلال النزاع الدائر هناك بين النظام الحاكم كممثل للنصيرية مع الطوائف السنية، إلى جانب بروز تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام الذي يتبنى منهجاً طائفياً تكفيرياً في توجهه وتصنيفه لفئات المجتمع ومحاربته لكل من يخالفه، حيث ظهر في مقابله ما عرف بالحشد الشعبي الذي تبنى هو في المقابل نفساً طائفياً كانت ضحيته الطوائف السنية التي كانت تعيش في وئام تام مع الطوائف السنية في العراق، أما في اليمن فالصراع ذو نفس لا يختلف عن سابقيه، فهو متمثل في ظاهره في صراع بين النظام الشرعي المعترف به هناك من جانب، والحوثيين وأنصار الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح من جانب آخر، إلا أنه يحمل في تفاصيله نفساً طائفياً يعكس في حيثياته ومتضمناته صراعاً طائفياً بات يهدد أمن واستقرار اليمن في مقتل.
أما دول الخليج العربي فهي مستهدفة من قبل تنظيم داعش الذي تتعدد الروايات فيمن زرعه في بلاد الشام والعراق حتى وصل إلى هذا النفوذ الذي بات يهدد دول الخليج في الداخل، كما تشيع في أوساط المجتمع اليوم دعوات تمثل ضمن نطاقها التحريض على الكراهية بصورة مقصودة أو غير مقصودة، وذلك من خلال تعميم الاتهامات والانشغال بإبراز مثالب الطوائف الأخرى المخالفة للمحرض على الكراهية بدعوى إبراز ما يعتبر في فكره مصنفاً ضمن إطار المغالطات والفهم المقلوب للدين.
ومن أجل ذلك فإننا نقولها بأعلى صوت.. أوقفوا دعوات التحريض على الكراهية، ولنرفع شعاراً مضمونه أن الوطن لله والدين للجميع، وأن يكون القاسم الذي يجمعنا هو الأرض التي نعيش في أوساطها في ظل القيادة الرشيدة التي نراها تجمع ولا تفرق، وتستهدف بحكمتها خلق التعايش المطلوب بين طوائف المجتمع دون تبنٍ لفكر متطرف بالمضادة لفكر متطرف في مقابله، فنحن كمجتمع حتى نتجنب ظاهرة شيوع التحريض على الكراهية لابد أن نحارب التطرف أياً كان من يمثله باعتباره عواراً في التفكير وسلبية في المنهج وينبغي أن يتجنبه العقلاء في تعاطيهم مع الأفكار السائدة في المجتمع.
إن المجتمع يجب أن يئد دعوات التحريض على الكراهية قبل تفاقمها واستشرائها في المجتمع لدرجة تصل إلى أن تكون ممثلة لثقافة المجتمع الذي تتبناه غالبية أوساطه الفكرية، ولا مانع لاحتواء هذه الإشكالية التي تمثل تمهيداً للصراع الطائفي في المجتمع من دعم ثقافة الحوار الفكري النقدي والبناء استهدافاً لتبادل طرح فكري بناء يقرب أفكار المجتمع كي تكون أدعى لتبني الأفكار الصحيحة والبناءة التي تبرز من خلالها منظومة التعايش في المجتمع بعيداً عن التوتر في العلاقة الذي بات سائداً ويهدد أمن دول الخليج في مقتل، ولا شك أن ذلك يستلزم تبني بعد استراتيجي مدروس لاحتواء بروز الفكر الذي يتم ضمن منظومته التحريض على الكراهية في المجتمع بنفس طائفي من شأنه أن يعكس تهديداً لحالة التعايش السائدة في المجتمع بين الأديان والطوائف.
 
زبدة القول
في ظل المعطيات الراهنة التي باتت فيها دول مجلس التعاون على صفيح ساخن يستهدف الوقوف صفاً واحداً أمام ما تدعمه التنظيمات المتطرفة من تحريض على نشر ثقافة الكراهية في المجتمع؛ وعليه فإنه لابد من تبني بعد استراتيجي لدعم منظومة التعايش في المجتمع بصورة أو بأخرى، مع الاستفادة من نماذج التعايش الناجحة، والتي منها النموذج السنغافوري والنموذج الماليزي، بل والأقرب من هذين النموذجين يتمثل بالنموذج العماني الذي عكست معطياته إبرازاً كبيراً لتقويض ثقافة التحريض على الكراهية في المجتمع من خلال دعم منظومة التعايش والتجانس بين مختلف أطيافه وتوجهاته.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .