العدد 2359
الثلاثاء 31 مارس 2015
banner
القــادة العــرب ومرحلـــة التحـــول أحمد مبارك سالم
أحمد مبارك سالم
وقفات
الثلاثاء 31 مارس 2015

قبل قرابة السبعين عاماً تمثلت إرهاصات الرغبة العربية في إنشاء كيان مشترك يتم من خلاله تنسيق الجهود في سبيل تعزيز وحدة الصف والتكامل الاقتصادي والسياسي والأمني، وعلى امتداد العقود الماضية لم تكن جامعة الدول العربية تمثل المؤسسة التي تضم إليها أفئدة قلوب المواطنين العرب الشرفاء نظراً لضعف جهودها وتواضع تأثيرها في تنسيق الجهود العربية المشتركة.
منذ اندلاع أحداث الربيع العربي وما آلت إليه الأمور في العديد من البلدان العربية تغيرت حسابات وتبدلت أدوار نتيجة ارتفاع وتيرة التهديدات الأمنية للمجتمعات العربية؛ لتبقى الإشكالية مرتبطة في ذلك بضعف تبني المجتمعات العربية ممثلة بقادتها مواقف وقائية من شأنها أن تحول دون وقوع الكثير من الأزمات التي ترتبط في أسبابها بنطاقات تراكمية لم تتخذ إزاءها مواقف جادة منذ اندلاع الشرارة الأولى لها، لاسيما في ظل تشعب المواقف وتضارب الكثير من التوجهات تجاه توصيف الأخطار المحيطة بالمجتمعات العربية من كل جانب.
ومن خلال هذه المعطيات يثار تساؤل حول ما إذا كانت العملية العسكرية (عاصفة الحزم)، وعزم القادة العرب في القمة العربية التي عقدت بعد يومين على إنشاء قوة عسكرية مشتركة من انطلاق العملية العسكرية تمثل نقطة ومرحلة للتحول في التعاون العربي المشترك.
إن المشكلة التي يعاني منها العرب كونهم مصنفين من شعوب العالم الثالث تتمثل في عدم تبنيهم لبعد استراتيجي من شأنه أن يقضي على الإشكالات الناجمة عن التراكمات منذ تفجرها، كما أن هذه الإشكالات لا يتم احتواؤها ومعالجتها حتى بعد استفحالها واستشرائها وفق بعد استراتيجي مؤثر من شأنه أن يعمل على احتوائها، وهذا ما يمثله موقف العرب في العديد من القضايا المستجدة.
وإذا كان المقرر يتمثل في عدم وجود خلاف في أن المواقف الراهنة للمؤسسة العربية المشتركة المتمثلة بالجامعة يمثل نقطة تحول في مواقف الجامعة إزاء الظروف والمستجدات خصوصا بعد تولي الدكتور العربي رئاسة أمانتها، إلا أن ما يثار ضمن هذا النطاق يتمثل في إثارة التساؤل حول ملف القضية الفلسطينية التي كانت ومازالت تتفاقم دون اتخاذ القرار لإنهاء التسلط الإسرائيلي، لاسيما من خلال ما عبر عنه رئيس وزراء إسرائيل عندما أكد رفضه لحل الدولتين من حيث المبدأ... ألا يحتاج الأمر إلى وقفة من أجل إنهاء هذا الاستهتار الإسرائيلي بمقدرات الشعب الفلسطيني؟
كثيرة تلك الملفات العالقة التي مازالت جامعة الدول العربية عاجزة عن حلحلتها، فبالإضافة إلى الملف الفلسطيني هناك ملف الصراع الدائر في سوريا، وانتشار نفوذ التنظيمات الإرهابية هنا وهناك، وما إلى ذلك من تحديات مازالت تعصف بالعالم العربي دون وجود جهود عربية مؤثرة.
إن على العالم العربي ألا يقتصر تبنيه على الاستراتيجيات  في سبيل مواجهة التطرف والتدخلات الخارجية، بل لابد من السعي لمعالجة المشاكل وحلحلة الكثير من الملفات الاقتصادية من خلال تعزيز التعاون العربي المشترك، وأن يكون ذلك وفق استراتيجية مشتركة تتلاقح من خلالها الخبرات العربية مستثمرة خير استثمار لمقدراتها وكفاءاتها، وعندئذ سيكون العالم العربي فعلاً قد حقق نقطة تحول شمولية من شأنها أن تثمر تعزيزاً لمقدرات الشعوب.

زبدة القول
إذا كانت البدايات المتمثلة بالعملية العسكرية “عاصفة الحزم” وإعلان تشكيل قوة عربية مشتركة تعكس تحولاً عربياً نوعياً لحسم الكثير من الملفات العالقة ضمن نطاق العلاقات العربية المشتركة، فإن اقتران ذلك بتعزيز التعاون في الجوانب الأخرى لابد أن يكون على نحو من شأنه أن يكفل احتواء العديد من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية في العالم العربي من خلال خلق بعد استراتيجي للرؤية العربية المشتركة، والمولى تعالى وحده في ذلك هو الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .