العدد 2335
السبت 07 مارس 2015
banner
مشكلة العمالة السائبة إلى أين؟ أحمد مبارك سالم
أحمد مبارك سالم
وقفات
السبت 07 مارس 2015

تمتد مشكلة العمالة السائبة إلى عدة عقود في ارتباطها بالطفرة النفطية التي حصلت في دول مجلس التعاون، فهي مشكلة طرحت للنقاش نظرياً وعملياً منذ الستينات من القرن الماضي، ولئن كانت ذات سمات تنعت بالخصوصية في دول المجلس، فإنها تبقى مشكلة متشابكة ومتشعبة وتحتاج إلى فرض معطيات تراكمية لاحتواء المشكلة والتغلب عليها.
إن هذه المشكلة لا تقترن ببعد محلي، بل لها بعد خليجي يقترن بخصوصيتها؛ لذلك فإن الاستراتيجية المثمرة للتعامل معها لا يمكن البتة التعامل من خلالها وفق منظور محلي بحت، بل لابد من استيعاب المشكلة في تشعباتها الخليجية، لاسيما أن مملكة البحرين مقارنة بالدول المجاورة تعتبر ذات نسبة متوسطة في كثافة العمالة الوافدة.
في الأسبوع المنصرم جرى طرح هذا الموضوع للمناقشة العامة في مجلس النواب، وكانت الغالبية الساحقة من النواب غير مقتنعة بالمبررات التي ساقها ممثلو مختلف الجهات الحكومية في احتواء ظاهرة العمالة السائبة، الأمر الذي حذا بـ (31) نائباً إلى التقدم بطلب تشكيل لجنة تحقيق في هذا الشأن للبحث عن أسباب ارتفاع معدلات هذه العمالة، وإجراءات الوزارات والجهات الحكومية في القيام بمسؤولياتها القانونية إزاء ذلك، ومدى تقيد هذه الجهات بالقوانين والأنظمة وكفايتها وفعاليتها في الحد من هذه الظاهرة وإيجاد الحلول المناسبة لها، لاسيما في ظل اتهام النواب للجهات الحكومية بالفشل في معالجة هذه الظاهرة بسبب وجود أيدٍ خفية ومتنفذين، وعدم التعاطي الجاد مع الجهات المعنية وغياب التنسيق بينها، وما يفرزه ذلك من أضرار على الاقتصاد الوطني في ظل المبادرات الخجولة والعشوائية – على حد وصف النائب العرادي – من قبل السلطات التنفيذية على المشكلة، كما ذكر أن هناك مافيا في البحرين تقوم بالاتجار بالبشر من خلال هذه العمالة، وأن القصور في ذلك لا يتمثل في عدم وجود تشريعات بل يتمثل في أن هناك قوانين تحتاج إلى تطبيق، إلى جانب مداخلات أخرى صرح بها عدد من النواب اقترحوا من خلالها عقوبات رادعة في هذا النطاق، إلى جانب التساؤل عن السبب في عجز وزير العمل عن حل المشكلة.
أما بالجانب الحكومي، فقد أوضح وزير الصناعة والتجارة وجود فراغات تشريعية أخرت احتواء هذه المشكلة، وأكد ضرورة تثقيف الناس بمضار (الفري فيزا)، كما أشار وزير العمل إلى أن الوزارة قامت بتعديل الوضع القانوني لـ (39) ألف عامل أجنبي في 2014م، فيما أشار ممثل الداخلية إلى أنه على الرغم من وجود (60) ألف عامل ضمن العمالة السائبة، فإن وزارة الداخلية قامت بترحيل (19) ألف منهم في العام 2014م.
هذا هو ملخص السجال والنقاش الذي دار بين الحكومة ومجلس النواب في الجلسة الأخيرة، وهو عبارة عن اتهامات من النواب للحكومة، وتبرير من قبل الحكومة بكفاية إجراءاتها مع اعترافها بأن القصور ليس بالحجم الذي يضخمه النواب، وذلك حتى انتهى المجلس إلى توجهه إلى تشكيل لجنة تحقيق لهذا الغرض.
إن مشكلة العمالة السائبة هي مشكلة تنبثق من مشكلة أخرى ينبغي وضع الحلول لها في المقام الأول، وهي تتمثل في كثافة العمالة الوافدة في دول مجلس التعاون بصورة عامة وبنسب متفاوتة أعلاها في قطر وفق ما تقرره آخر الإحصائيات، حيث بلغت نسبة العمالة فيها 95 %، تليها الإمارات بنسبة 70 %، فيما هي في البحرين بلغت 60 %، وهي ومن دون شك نسبة ينبغي احتواؤها في المقام الأول، لاسيما في ظل وجود بطالة في أوساط المواطنين، ومن ثم العمل على معالجة المشكلة المنبثقة عنها والمتمثلة بالعمالة السائبة التي لا تشكل إلا 10 % من النسبة الكلية للعمالة الوافدة في مملكة البحرين.
 
زبدة القول
إن مشكلة العمالة الوافدة التي تنبثق عنها مشكلة العمالة السائبة تحتاج نظراً لتجذرها في دول مجلس التعاون إلى تبني بعد استراتيجي مدروس ومشترك يتم من خلاله توحيد السياسات على مستوى دول المجلس لاحتواء المشكلة بصورة تدريجية للحيلولة دون التأثير على الطفرة التي تعيشها دول المجلس، والتي ينبغي ألا تكون على حساب الأبعاد الأمنية والاجتماعية والاقتصادية للمجتمع الخليجي.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .