العدد 2258
السبت 20 ديسمبر 2014
banner
عيدٌ وطنيٌّ يجمع الخليجيين أحمد مبارك سالم
أحمد مبارك سالم
وقفات
السبت 20 ديسمبر 2014

 تمثل الثوابت والقواسم المشتركة بين الخليجيين جانبًا محوريًّا عكس بلورة صلبة للتقارب والتجانس بين القيادات السياسية والشعوب في هذه البلدان، فبين هذه الكيانات وحدة روحية وحسية يبلورها في كثير من الأحيان تقارب في الرحم وصداقة ليس لها نظير، وليس أدل على ذلك من المواقف التي تسجلها الدول مع بعضها البعض لتؤكد البعد الحضاري المشترك الذي يجمعها ضمن بوتقة التعاون، ونسأل المولى تعالى أن يعجّل لها بالاتحاد الذي يزيدها تماسكًا ووحدة وانسجامًا وتوحيدًا في الرؤى، وتبني وجهات النظر الموحّدة على المستوى الإقليمي والعالمي. لم يكن التقارب بين الخليجيين خلال السنوات الأخيرة كما كان في سابق عهدهم، فقد شهدت السنوات الأخيرة – لا سيما بعد دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك حفظه المولى تعالى ورعاه إلى إنشاء اتحاد خليجي مشترك – تطورات عكست قوة العلاقات الوثيقة بينها على مستوى المؤسسات الرسمية وعلى مستوى الشعوب، كما تبلور من خلال هذه العلاقات تماسكًا وانسجامًا أكبر بعد ارتفاع الخلاف الخليجي بين مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة من جانب، ودولة قطر في الجانب الآخر، حيث انعقدت كثمرة لتلك القمة الخليجية الأخيرة قبل عدة أيام في دولة قطر؛ لتنطوي بذلك صفحة من الخلاف بلا رجعة، ولتعود القيادات السياسية والشعوب متماسكة أكثر من ذي قبل. لم يعتد الخليجيون أن تكون احتفالاتهم بالأعياد الوطنية في بلدانهم بهذه الصورة التي تعكس زيادة في إيمانهم بالقواسم المشتركة، فقد برزت في السنوات الأخيرة مشاركة في الاحتفال بالأعياد الوطنية بصورة أوسع نطاقًا مما كانت عليه في السابق، ففي شهر ديسمبر من كل عام يرتحل الخليجيون بين بلدانهم ليحتفلوا مع أشقائهم بالأيام الوطنية، وقد زار مملكة البحرين في الأسبوع المنصرم عدد من أولئك الذين كانت لهم رغبة أكيدة في المشاركة مع أبناء البحرين للاحتفال باليوم الوطني المجيد، وقبل ذلك شارك أهل البحرين أهلهم في الشقيقة الإمارات الاحتفال بيومهم الوطني المجيد، وهكذا أصبحت المشاركة الحسية والوجدانية حاضرة بصورة لم نعهدها من قبل بين الأشقاء الخليجيين، وهي مؤشرات إيجابية تبرز القواسم المشتركة بين دول مجلس التعاون. ومن هذا المنطلق، وبمناسبة ما تمر به هذه البلدان في هذه الأيام من إحياء للاحتفال بأعياد الاستقلال وأعياد الجلوس، فإننا نرفع أسمى آيات التهنئة والعرفان للقيادات الرشيدة في دول مجلس التعاون، ونتطلّع إلى رفع اقتراح لأصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس باعتماد عيد مشترك يحتفل به الخليجيون في يوم واحد، ويكون فيه ترابط بين القنوات الإعلامية الخليجية المختلفة، إلى جانب بث إعلامي مشترك على مستوى دول المجلس، وليس من شك في أن هذا الإحياء المشترك سيمثل قاعدة صلبة لخلق الانسجام والتآلف بين شعوب الدول في المنطقة، وسيعزّز اللُّحمة المشتركة بين القيادات، وسيذر الرماد في عيون أولئك الذين لا يرقبون في شعوب الخليج إلاً ولا ذمّة، ويسعون بكل ما يملكون إلى تفرقتهم وبث الشحناء فيما بينهم بكل ما يملكون من قوة وأدوات. إن هذا الاقتراح نرفعه لأصحاب الجلالة والسمو لفكرة توحّد بين قيادات وشعوب دول المنطقة بصورة أكثر مما هو سائد في ظل معطيات الواقع المعاصر، ولا شك أن اليوم الذي تدشّن وانطلق فيه مجلس التعاون هو اليوم الأنسب لذلك، الأمر الذي يستلزم اعتماد برنامج مشترك لإحيائه على مستوى دول المجلس بصورة أكثر زخمًا وأوسع إحياءً حتى يرتبط الشعوب بهذا الكيان المشترك فلا يكون ارتباطهم به عابرًا، ويقترن بروح قوية ترتبط به وجدانيًّا بصفة مستدامة، وحفظ المولى تعالى دول مجلس التعاون بقياداتها وشعوبها من كل مكروه . اللهم آمين.

زبدة القول:
ليس من شك في أن اعتماد يوم وطني خليجي مشترك يمثل مطلبًا شعبيًّا بلورته المشاركات بين قيادات وأبناء دول المجلس للاحتفال بالأيام الوطنية في كل دولة على حدة؛ ومن أجل ذلك فإننا نتطلع إلى أن يأخذ أصحاب الجلالة والسمو هذا الموضوع بجدية حتى يرى النور في القريب العاجل ليزيد تلاحم دول المجلس وشعوبها بصورة أكبر مما هي عليه الآن، وذلك بما يلبي التطلعات والآمال المرجوة بمزيد من الوحدة والترابط في بناء الكيان الخليجي المشترك.
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .