العدد 2202
السبت 25 أكتوبر 2014
banner
الذكاء الدبلوماسي السعودي كما يمثله الأمير سعود الفيصل أحمد مبارك سالم
أحمد مبارك سالم
وقفات
السبت 25 أكتوبر 2014

تمثل الدبلوماسية ضمن إطار منظومة العلاقات الدولية محوراً مهماً في صناعة هذه العلاقات، وهي تستلزم مهندساً بارعاً قادراً على التعاطي مع القوى الدولية في ظل مساعيها الحثيثة لبسط النفوذ وتوسيع نطاق السيطرة.
لقد ولدت المملكة العربية السعودية قبل ما يفوق الثمانية عقود، ومنذ تلك الفترة التي أسس فيها الوالد المؤسس الملك عبدالعزيز آل سعود “طيب المولى تعالى ثراه” الدولة السعودية، وهي تنهج نهجاً دبلوماسياً يمثل مدرسة متكاملة لصناعة الدبلوماسية، وقد أمسك بزمام القيادة لبلورة هذه الدبلوماسية بأرقى درجات الذكاء صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي لأكثر من ثلاثة عقود، ونشأ الأمير سعود الفيصل في بيئة سياسية بحتة، وكان قريباً من السلطة ويستمد الحكمة من والده الملك فيصل.
وإذا كان يُطلق على رئيسة وزراء بريطانيا تاتشر لقب “المرأة الحديدية”، وذلك بعد توليها رئاسة الوزراء في عام 1979م، فإنه يصدق أن نقول عن الأمير سعود الفيصل الذي تولى حقيبة وزارة الخارجية منذ عام 1975م إنه “الوزير الحديدي”.
وقال عنه عبدالله بن ناصر الخريف: “أكاد أكون من القلائل، ولا أعرف تحديداً منهم، الذين ينجذبون - بذهول - لشخصية سعود الفيصل، فأنا ولله الحمد والمنة لا تربطني بالسياسة أية علاقة، ولا أفهم في مفاوضات السلام سوى تلك الحمامة البيضاء وغصن الزيتون، ويكفي أنني مؤمن مثل بقية المسلمين بالنهاية “المنطقية” لهذا الصراع، وذلك في معركة نهاية الزمان أو ما يسميها اليهود “هرمجدون”، ومصدر ذهولي أن هذه الشخصية لم تحضَ باهتمام بالغ لدينا، بل كل الاهتمام جاء من رجال السياسة في الخارج ومن عاصروه في العمل، هو يقوم بمهام مختلفة وبجدول أعمال مزدحم لا يكاد يجد وقتاً كافياً لينام أو يسترخي به؛ ولذلك ستتعب حينما تبحث له عن صورة شخصية فأغلبها صور في مؤتمرات ولجان دولية”.
إن سعود الفيصل يتحدث بوضوح تام يجعل محادثيه في حيرة من أمرهم، كيف يكون وزير خارجية بهذا الصدق كما قال عنه أحد مستشاري الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وهو يستطيع أن يحصل على ما يريد ولا يأبه بشيء، يحب الحق والوضوح، وأمام الكاميرات والعالم أجمع كما قال عنه ديفيد ميلند وزير خارجية بريطانيا.
إن الذكاء الذي ارتسم في السياسة الخارجية للمملكة العربية السعودية لم يولد من فراغ، بل ولد بفكر ورؤية شخصية استثنائية ليس على المستوى الإقليمي فحسب، بل على المستوى العالمي، ومن يعرف صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل يتقن أن كل كلمة وكل تصريح يطلقه يعنيه، ودائماً ما تكون كلماته مرتبطة بمقاصدها في الجملة والتفصيل.
زبدة القول
إن شخصية كشخصية الأمير سعود الفيصل تمثل مدرسة في الذكاء الدبلوماسي الخلاق الذي استطاع من خلاله أن يبلور السياسة الخارجية للشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية، فاستطاع بذلك أن يبرز محورية الدور السعودي في صياغة الرأي العالمي وبلورته.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .