العدد 864
الجمعة 25 فبراير 2011
banner
بعد لا لوقف الاستيطان .. هل نثق بالأمريكان ؟ د.عمران الكبيسي
د.عمران الكبيسي
الجمعة 25 فبراير 2011

 لا أظن أحدا لم يسمع أن أمريكا استخدمت صوتها في مجلس الأمن لإيقاف إصدار قرار يحمل السلطة الصهيونية على وقف الاستيطان  في الأراضي المحتلة، فصوتت ضده بمفردها بعد أن وافقت علية كل دول مجلس الأمن وعددها أربع عشرة دولة، وكانت هي من تدعي أنها تطالب إسرائيل بإيقاف الاستيطان وتتبجح أمام العرب ليأخذوا لها سلام مربع، ومع ذلك ما زالت تدعي أن قرارها بالفيتو لا يعنى أنها ضد وقف الاستيطان ! فمن يا ترى يكذب على من؟ في “رهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حقّ رعايتها” الحديد27، أسابيع وشهور وسنون ينادون ويطالبون ربيبتهم إسرائيل بوقف الاستيطان، يضحكون بها على ذقون العرب، ونصدق! ونحمد لهم ذلك وننتظر، فإذا دقت الساعة، بان المستور على حقيقته “وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال” إبراهيم 46.
ماذا ننتظر بعد الآن وقد “جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا” الإسراء 82، فهل من أمل يرتجى ؟ ووعد ينتظر؟ وخير مقبل من أمريكا ؟ أو من أوباما ومدام كلنتون؟ وماذا بقي لنا من أسلو، واللجنة الرباعية، ودعوة السلام مقابل الأرض وغيرها كثير والحقيقة والواقع”فإن المُنْبَتَّ لا أرضا قطع، ولا ظهرا أبقى” صدق رسول الله.
  منذ الصغر ونحن نقرأ ونتعلم وبين أيدينا الحديث الشريف “لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين”. ترى من هو المؤمن الذي بقي لم يلدغ مرتين من جحر أمريكا حتى الآن إن لم يكن عشرا، والحكاية كما يروي البخاري- باختصار- أن أبا عزة الشاعر وقع أسيرا في يد المسلمين في غزوة بدر، واستعطف النبي صلي الله عليه وسلم أن يخلي سبيله، ففعل مشترطا عليه ألا يقاتل المسلمين، ولا يحرض عليهم، فلما كانت غزوة أحد خرج مع المشركين يحرضهم ويحمسهم ضد المسلمين، فكان إن وقع في الأسر مرة أخرى، وكان الأسير الوحيد الذي وقع في أيدي المسلمين، فعاد يكرر طلبه للنبي أن يمن عليه، فقال: صلي الله عليه وسلم: “لا تذهب تهز عطفيك في مكة تقول خدعت محمدا مرتين، لا يلدغ مؤمن من جحر مرتين” ولا يسعنا إلا القول مكرهين “ عفا الله عما سلف، فهل سنرتدع ، بعد ان لم تبق لنا حجة؟
ولتعرفوا المزيد اسمعوا: آخر ما صرح به قائد القوات الأمريكية في أفغانستان ديفيد بتريوس، وقد شن جنده هجوما على قرية كونار في شرق البلاد سقطت  فيه خمسين ضحية أغلبهم من الأطفال والنساء: أتدرون ماذا قال؟: هم يقتلون أولادهم ليقولوا: إن الأمريكيين يوقعون المزيد من الضحايا الأبرياء: لا إله إلا الله! المسلمون يقتلون أولادهم لكي يقولوا قتلهم الأمريكان! هو لا يقول إن المسلمين يضحون بأنفسهم لكي يضمنوا مستقبل أولادهم، فما ترجون من قوم هكذا ينظرون إلينا؟ وهكذا يفكرون ويكذبون حتى كتبوا عند الله كذابين؟
يا جماعة الخير، هل من يسأل أمريكا رائدة الديمقراطية؟ لماذا تقف هي عائقا أمام إرادة العالم أجمع؟ فتلغي بصوتها أربعة عشر صوتا، صوتوا لصالح قرار وقف الاستيطان، أليست الديمقراطية هي من يحتكم إلى الصندوق ورأي الأغلبية؟ فهل تعلمنا من قبل؟ “إن فاقد الشيء لا يعطيه” فما بالنا لا نتعلم؟
 إذا كانت سيد تنا الجميلة المبجلة أمريكا، لا ترضى بوقف الاستيطان ترى هل ستوافق على إعادة الأراضي التي احتلت بالقوة؟ وإذا كانت أمريكا ترى كل يوم قيام السلطات الإسرائيلية بهدم بيوت الفلسطينيين التي أقاموها قبل سنين طويلة، أو امتلكوها عن أجدادهم وتخرجهم منها إلى العراء وتصمت، بل وتجد لها الأعذار، أو تقبلها ظلما وعدوانا ومكرا، فهل ستوافق على إعادة الفلسطينيين المهجرين في دول العالم إليها وتعيد لهم حقوقهم؟ وإذا كانت لا توافق على وقف الاستيطان في القدس، كيف ستمنحها عاصمة للفلسطينيين؟ فعلى ماذا بالله عليكم نتفاوض؟
يا جماعة الخير، نعم نحن أحفاد أولائك العربان أكلة الجرابيع والجرذان، فما بال الجرذان والجرابيع  تتكالب على أكلنا ولا حراك لنا؟ فما الذي جرى؟
يا جماعة الخير  كان أجدادنا من أرباب الشاة والبعير وما وكانوا أرباب شر إلا إذا استحكمت عليهم حلقاتها، كانت لهم أنفة وكبرياء وعزة نفس وكرامة، وقالوا لنا: ومن لم يذد عن حوضه بسلاحه يهدم، ومن هاب أسباب المنايا ينلنه، وقالوا لنا :إذا أنت لم تشرب مرارا على القذى ظمئت، وقالوا لنا:إذا لم تكن أسدا على الأرض أجردا بالت عليك الثعالب،  وكن شامخا كي لا تداس بأرجل، فماذا ستتركون لأحفادكم من القول ليتأسوا به؟

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية