العدد 2418
الجمعة 29 مايو 2015
banner
قصة الحوثيين وجنايتهم على اليمن (5) د.عمران الكبيسي
د.عمران الكبيسي
الجمعة 29 مايو 2015

سعى الحوثيون لإسقاط حكومة علي صالح بكل الوسائل ولم يستثنوا المواجهة المسلحة، وكشفوا كل أوراقهم وبدأ اللعب بها على المكشوف، فلديهم الجبال والموانع الطبيعية يتحصنون بها، ولديهم البحر يساعدهم على تهريب السلاح وتجارته، عندها اتهمهم الرئيس صالح رسميا بارتباطهم بحزب الله والعمالة لإيران، والعمل لإعادة نظام الإمامة بالقوة، وهو ما أعطى للحركة الحوثية مجالا للتمادي أكثر بطروحاتها وتجنح بأتباعها نحو التطرف مذهبيا حتى اتهمهم فقهاء من الزيدية بينهم مؤسسون لحركة الشباب المؤمن باتباع الجارودية المتطرفة واقتفاء الشيعة الاثني عشرية، وقال عنهم محمد بن عبدالعظيم الحوثي وأتباعه: مارقون ملاحدة ليسوا من الزيدية في شيء وحكم عليهم بالردة والخروج عن مذهب آل البيت وأنكرت الحركة خروجها عن المذهب الزيدي، ونفت انتماءها إلى الاثني عشرية واعترفت بمشتركات فقهية بينهما، وعللت اتهامات المعارضين بمحاباة السلطان. كما نفت إيران إعلاميا علاقتها بما يجري على أرض اليمن.
ناهض الحوثيون مذهب أهل السنة والجماعة ودعوهم بالسلفية والوهابية، وألف أعضاؤها مصنفات في نقدهم وتجريحهم والهجوم عليهم بكل الوسائل والسبل، ووقفوا موقف المعادي لما يدعو إليه مقبل الوادعي أحد أعلام السلفية الذي أكمل دراسته في السعودية واستطاع استقطاب أنصارا ومؤيدين. وحاول الحوثيون إخفاء الطابع المذهبي الطائفي لحركتهم والتمويه بأن ليس لهم طموحات زيدية مذهبية متطرفة، لكن تاريخهم ومسيرتهم تفصح عن نواياهم الخبيثة. واستفادوا من الفقر والجهل والبؤس الذي يعيشه سكان المناطق حول صعدة وألبوا الناس ضد الحكومة، لتوسيع حركة تمردهم المسلحة وأنهم قادرون على خوض حرب عصابات ضد الحكومة التي يتهمونها بالفشل ليخفوا كونهم حركة إرهابية فمعظم المؤيدين لجماعة الحوثيين لا يحملون أهدافاً وطنية أو إنسانية، وإنما شحنوا بالتعاطف الديني وأصبحوا أتباعا مؤدلجين طائفيا وتحزبا جهويا وقبليا، ولديهم الاستعداد للقتال ضد الدولة والمغامرة بأنفسهم من غير وعي ويقظة، وهنا مكمن الخطورة حيث بدأ أنصار الحوثيين بارتكاب جرائم بشعة ضد معارضيهم بلغت حد حرق أسر بكاملها، وهو ما يكشف طبيعة هذه الحركة وخطرها؟
وأبان الحملة الأميركية لغزو العراق قاد الحوثيون مظاهرات حاشدة ضد أميركا مستغلين كراهية الناس لها مستعرضين قوتهم، وفتح احتلال العراق الباب أمامهم للتفكير الجدي والسريع ببناء دولة مذهبية على ذات الطراز العرقي والطائفي، وبدأوا يرفعون أعلام نصر الله الذي أخذ يهرب لهم السلاح الإيراني بحرا بمساعدة سوريا وعن طريق السودان، ويتطلعون لإقامة دولة على النموذج الإيراني بقوة السلاح متحدين بلا خوف ولا وجل، وجعل حسين بدر الدين من نفسه المؤسس الحقيقي للحركة والقائد الميداني للثورة، وشعارهم الموت لأميركا والموت لإسرائيل، يرددونها ويكتبونها على الجدران، ويقتلون اليمنيين، وبدأت المناوشات والتحرشات وعرض العضلات والتمترس بالأتباع بذريعة الدفاع عن النفس، وأعلن أول تمرد عسكري مسلح على الحكومة في 19/6/ 2004 فقتل في واحدة من عمليات القصف، وقيل على يد احد قادة الفرق العسكرية الحكومية، وأعقبه أخوه عبد الملك الحوثي الذي سار على نهجه الخطابي التعبوي، وجعل أخاه يحيى اللاجئ السياسي في ألمانيا ناطقا إعلاميا لهم خارج اليمن.
وفي فبراير 2005 فجر الحوثيون الحرب الثانية، بقيادة عبد الملك الحوثي ثم دخل الجانبان بمفاوضات حسمت في أبريل2006م، واندلعت الحرب الثالثة في يناير 2007م, وشنت الحكومة اليمنية الحرب الرابعة في ابريل 2008 م متهمة الحوثيين بطرد اليهود اليمنيين من صعدة تمهيدا للخلاص منهم قبل الانفصال وتكوين دولتهم، وعلى الرغم من وجود لجنة قطرية للمصالحة كانت المواجهات تتكرر من وقت لآخر حتى وصلت إلى طريق مؤصدة، ولم تفلح أموال وهبات الوسطاء القطريين في إصلاح ذات الشأن وإعادة بناء ما دمرته الحروب.
وبفعل هذا النشاط المسلح التخريبي المستمر بلا انقطاع تراجعت جهود التنمية في اليمن لانشغال الحكومة بمجابهة مخططات الحوثيين الجهنمية، واتجه الناتج القومي نحو تغطية نفقات السلاح والعتاد ومخلفات الحروب الداخلية، من قتلى وجرحى وتدمير وتعطيل لأعمال المؤسسات والناس فضلا عن تفرغ عدد كبير من شباب اليمن للحرب على مدى خمسة عشر عاما مضت يحصد اليمن نتائجها الوخيمة اليوم حيث لا يجد الكثير من أبنائه ما يسكن بظله ولا ما يأكل ويشرب أو يلبس ليتقي برد الشتاء وحر الصيف وهذا ما جناه اليمن من الحركة الحوثية.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .