العدد 2383
الجمعة 24 أبريل 2015
banner
التفكير الإيجابي والتخطيط للنجاح د.عمران الكبيسي
د.عمران الكبيسي
الجمعة 24 أبريل 2015

كنت دائما أذكر وأكرر على طلبتي القول: من لم يبادر بالتفكير الإيجابي والتخطيط الإستراتيجي للنجاح فهو يخطط للفشل، وذات مرة استوقفتني طالبة قائلة: أستاذ أجد في العبارة ألفاظا ليس من اليسير فهمها بدقة، رجاء لو تفضلت بشرحها.. توقفت وكتبت العبارة على اللوحة واستوضحت منهم بالاستفسار عما إذا حدد كل منهم هدفه في الحياة وما يسعى لتحقيقه، فلم أجد من بينهم من استطاع أن يحدد لنفسه رؤية واضحة ورسالة يؤديها رغم كونهم طلبة جامعة كان عليهم أن يعوا أهمية ذلك، وبدأت بإيضاح المراد من كل مفردة في ضوء مهمتها الدلالية ضمن تركيب العبارة.
 أردت من التفكير أن نمنح أنفسنا حيزا كافيا من الوقت والاهتمام الجدي للبحث بقضايانا الشخصية المصيرية وعلى رأسها تحديد ماهية الأهداف التي أريد تحقيقها وأسعى إليها في الحياة، فأضع لنفسي رؤية طموحة، أعد لها نفسي، وأحاول إنجازها قبل مغادرتي الحياة، ورسالة أعمل لها بلا توقف وتستمر معي طوال حياتي، فمثلا من يريد المال عليه أن يشغل نفسه بالصناعة والتجارة، ومن يريد السلطة والشهرة عليه بالسياسة والمغامرة، ومن يريد خدمة الإنسانية والخلود عليه بالعلم، ومن يريد الرضا بالقليل مقابل الأمان والاستقرار فيقنع بالوظيفة، ومن يريد السعادة عليه البحث عن الحب، وفي كل ذلك عدم السماح لمشاغلنا اليومية أن تلتهم حياتنا بالسير على غير هدى منا، فنغدو كمن خرج للسير في الطريق من دون أن يحدد إلى أين هو ذاهب! فلابد لكل منا أن يحدد لنفسه أهدافا طموحة وموضوعية واضحة قابلة للإنجاز، وقياس ما ينجز منها وما يتبقى، في كل مرحلة من مراحل حياتيه، ونتبنى رسالة مجزية نؤديها وتستمر معنا ما عشنا.
وينبغي لما يوصف بالإيجابية أن يكون ديدنه التفاؤل والثقة العالية بالنفس، والإيمان بالقدرة على تحقيق ما نصبو إليه في جو من الثبات والمواصلة بإصرار وتكرار، فما نفكر به جيدا يمكن تحقيقه وفق “قانون الجذب” أي من يسعى للنجاح يجده، ومن يعتقد أنه سيفشل مهما عمل فسيفشل حتى لو كان أهلا للنجاح..
 تفاءلوا بالخير تجدوه” اضحك للدنيا تضحك لك، ووفق قانون الوفرة في الحياة بمعنى مثلما منحت الدنيا فرص النجاح لغيرنا ووفِق في حياته، فرص النجاح التي تجود بها الحياة متوافرة وكثيرة ومفتوحة أمامي وأمام غيري، فقط “من يزرع يحصد”، و”ليس للإنسان إلا ما سعى”.
أما التخطيط فيعتمد على التنبؤ بالمستقبل وعدم إشغال النفس بالماضي كثيرا، محوره الرد كيف أحقق أهدافي وأصل إليها، أكثر من إطالة التساؤل مع النفس لماذا تعثرت، فحينما انطلق بسيارتي قاصدا مكانا ما بهدف الوصول إليه فمن الطبيعي أطيل النظر في الطريق أمامي وأكتفي بالمرآة العاكسة في رؤية ما خلفي من دون الالتفات للوراء، التخطيط يتضمن التنبؤ بالمستقبل في ضوء تجارب الماضي، فأستفيد من تجاربي الماضية في الإعداد لما يتطلبه المستقبل من العدد والعدة، أي الوقت والجهد والكلفة، مقارنة بما أمتلك من عناصر القوة والفرص المساعدة، وعوامل الضعف والتحسب لمفارقات الزمن ومعاكساته.
أما الإستراتيجية فتعني التخطيط للأهداف الكبرى، فالحياة مهما طالت تعد قصيرة، ولابد من تحقيق الأهداف الكبرى وهي الأولى بالاهتمام، أما الأهداف اليومية الصغيرة والمتوسطة فيمكن تحقيقها ونحن ماضون في الطريق إلى أهدافنا الكبرى، وثانيا التخطيط للزمن البعيد الأمد الذي يستغرق عقودا، بمعنى التخطيط لما أريد تحقيقه من رسالتي في حياتي الوظيفية بعملي الحالي على مدى خمس إلى عشر سنوات، إضافة إلى ما أريد تحقيقه في حياتي بعد ابتعادي عن الوظيفة، سواء بتركها مبكرا أو بعد الإحالة على التقاعد، ومحنة الكثير منا أن يخطط لما يريد ولكنه لا يشرع بتنفيذ ما خطط له وهذا خطأ كبير، فإذا عزمت فتوكل على الله، ويبقى لديك المراجعة من حين لآخر.
يشر بعض الباحثين أن نسبة الناجحين الذين يخططون لحياتهم في بلادنا أقل من 1 % أما ما تبقى فينشغلون بالحياة اليومية وأعمالهم الروتينية وفي النهاية نجد 50 % من هؤلاء بعد العقد السادس من العمر يعيشون عالة على أبنائهم أو من التأمينات الاجتماعية، و20 % مفلسين أفقراء مدينين، و25 % رحلوا إلى العالم الآخر و4 % فقط لا بأس بأوضاعهم. فمن أي الناس تود أن تكون؟

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية