العدد 2358
الإثنين 30 مارس 2015
banner
عاصفة الحزم تنطلق في لحظة الحسم د.عمران الكبيسي
د.عمران الكبيسي
الإثنين 30 مارس 2015

“وآخر العلاج الكي” هذا ما أراده الحوثيون وأنصار الرئيس السابق المخلوع، وسعوا إليه حينما تغولوا في اليمن، ولم يكن للعرب ولاسيما الخليجيين خيار غير ما اختاره الحوثيون وشركاؤهم بأنفسهم لأنفسهم حينما طغوا وبغوا، فهم من حدد ساعة الحسم التي انطلقت فيها حملة عاصفة الحزم، ولم يكن لأحد خيار فيها بعد أن لم يكبحهم كابح ولم يردعهم رادع، “وفي الشر نجاة حين لا ينجيك إحسان” لقد طفح الكيل بالحوثيين، وبلغ السيل الزبا من شرورهم، ولم يبق في قوس الصبر منزع على تماديهم.
الحوثيون هم وشريكهم اليوم علي عبدالله صالح عدوهم بالأمس من اختار المواجهة بالسلاح، وخاضوا مواجهات دامية فيما بينهم، تكررت سبع مرات على مدى عشر سنوات، وهم من خرج عن الصف الوطني، ولطالما قاطعوا طاولة الحوار حتى سئم الوسطاء من مقاطعاتهم وتمردهم، وكانوا يعدون أسلوب الحوار مضيعة للوقت، وهم آخر من كان يوقع على مقررات الحوار الذي ترعاه الدول الخليجية وأول من يرتد على مخرجاته وينقض تعهداته وينكث وعوده حتى ضاق الجمع بهم ذرعا، فلم يكن يرضا الحوثيون إلا بالاستحواذ على كل شيء، السلطة والمال والأرض، فأية وطنية يدعون؟ وعن أي توافق يتحدثون؟
الحوثيون يدعون الانتساب إلى القبائل العربية وأحفاد آل بيت العرب، وهم من خرج على الصف القومي العربي، وطعنوا العرب في ظهورهم ومن تحت خواصرهم، وأشاحوا بظهورهم عن كل الدول العربية، واتخذوا من دولة إيران الفارسية معينا يسندون ظهورهم إليه من دون العرب، يتواصلون معها سرا وعلنا، وهم يعلمون جيدا أن إيران لا تضمر للعرب إلا الحقد العنصري بعد أن أطفأ العرب نيران عبوديتهم ونكسوا أعلام امبراطوريتهم، ولا يوجد لإيران طموح في الوقت الحاضر إلا التمدد والتوسع على حساب العرب ومصالحهم، ولذلك تمدهم بالمال، وتزودهم بالسلاح وترسل المستشارين والمدربين وتسخر لهم الإعلام المروج، وإلا ليقولوا لنا من أين لهم السلاح؟ ومن أين لهم المال؟ الذي لا يمكن لغير دولة كإيران أن تقدمه لهم طعما مسموما.
الحوثيون هم من باعوا دينهم بدنياهم، وخرجوا عن مذهب الزيدية المعتدل حين وضعوا أيديهم بأيدي الصفويين الذين يكفرونهم ولا يعترفون بزيد بن علي بن الحسين إمام الزيديين إماما، وليس من بين أئمتهم من يدعى زيد، فما الذي دفع الحوثيين إلى التطرف والتعصب ومناصبة إخوانهم الزيدية المعتدلة والمذاهب الأخرى العداء حتى دخلوا معهم في صراع دموي مسلح؟ أي دين يدعون وهم من حاصروا الطلبة من حفظة القرآن الكريم في دماج وهجروهم ودمروا مساجدهم ومدارسهم، وهم من اختاروا الزحف على المحافظات واحدة تلو الأخرى يجتاحونها كالجراد لا يدعون فيها أخضرا ولا يابسا؟
الحوثيون هم من اعتدوا على حدود السعودية ورئيسهم الحوثي هو من هدد المملكة العربية السعودية بالاجتياح، وهم من أنكر فضل الخليج عليهم، ورفضوا المبادرة الخليجية، لقد كنا من زمن بعيد نتمنى على العرب وعلى وجه الخصوص الخليجيين الوقوف بحزم بوجه الأطماع الإيرانية التي تسترت تحت غطاء الحوثيين حتى صاروا يهددون المنطقة ووجودها بالفناء، الحوثيون هم من طالت مخالبهم وكشروا عن أنيابهم، والخليجيون يتمسكون بالصبر ويأملون أن يفيق الحوثيون من غفلتهم ويعودوا لرشدهم ويتدبروا أمرهم لكي لا يوقعوا أنفسهم وشعبهم وأمتهم فيما لا يحمد عقباه ولكنهم سدوا آذانهم عن كل نصح وناصح.
الحوثيون الذين يتباكون اليوم بعد ان حاقت بهم عاصفة الحزم على السلمية والحرية والحلول السياسية الوطنية بعد أن ذاقوا طعم المهانة والهلاك هم من سلب الجيش الوطني اليمني سلاحه وقتل جنوده وخرب معسكراته، وهم من حاصروا رئيس البلاد ورئيس الحكومة والوزراء في مقراتهم واعتقلوهم وأجبروهم على الامتثال لأوامرهم، فأي فعل قبيح لم يرتكبه الحوثيون باسم الفقراء والمعدمين والثوار كذبا ونفاقا، ولم تجد معهم كل السبل السلمية والدبلوماسية واستهانوا بالعرب والخليج، فدعهم اليوم يتجرعون السم كما تجرعه من قبل أصدقاؤهم، ومن عاصفة الحزم التي انطلقت في لحظة الحسم سيعلم الذين ظلموا أنفسهم أي منقلب ينقلبون.. وقديما قالها الشاعر العربي:
صفحنا عن بني ذهل... وقلنا: القوم إخوان - عسى الأيام أن يرجع... ن قوماً كالذي كانوا - فلما صرّح الشر... فأمسى وهو عريان - ولم يبق سوى العدوا... ن دنّاهم كما دانوا - مشينا مشية الليث... غدا والليث غضبان - بضرب فيه توهين... وتخضيع وإقران - وطعن كفم الزقّ... غدا والزقّ ملآن -  وبعض الحلم عند الجه... ل للذلة إذعان! - وفي الشر نجاة حي... ن لا ينجيك إحسان.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية