العدد 2784
الأحد 29 مايو 2016
banner
اللهم احفظنا من سوء المنقلب.. أحمد إبراهيم
أحمد إبراهيم
الأحد 29 مايو 2016



أعلنت شركة “طيران الخليج”، أمس الأول من خلال بيان مزعج، أن إحدى طائراتها القادمة من مانيلا إلى البحرين تعرضت لمطبّات هوائية عاصفة اضطرت على أثرها إلى تغيير مسارها وهبطت بسلام في أحد مطارات مومباي في الهند.
المشكلة أن بيان الشركة تضمّن اعتذاراً للركاب عن التأخير، وكأن المسألة مسألة وقت ليس إلا، ورغم أن التأخير في مواعيد “طيران الخليج” ليس جديداً أو غريباً، فمعظم رحلات الشركة يطرأ عليها التأخير، المهم هنا سلامة الركاب، وليس مهماً متى يصلون، بل المهم أن يصلوا سالمين، وأتمنى أن نجد توضيحًا من الشركة عن أسباب ما حدث في رحلة مانيلا، خصوصًا بعد تقييم الطاقم الهندسي للطائرة.
منذ أيام سقطت طائرة “مصر للطيران”، في مياه البحر المتوسط، ومن قبلها تكررت حوادث الطائرات، وفي كل مرة نسمع بيانات من مسؤولي صناعة النقل الجوي بأن الطائرات هي الوسيلة الأكثر أمانًًا بين وسائل المواصلات الأخرى.
طبيعي أنني أخاف من السفر جواً، وأكره الحديث عن كوارث الطائرات، وكلما سمعت بكارثة جوية ازداد خوفي من هذا “المخلوق الغريب”، ويتملكني رعب يظل معي لشهور.
حوادث الطائرات هذه الأيام أعادتني الى ذكرى الكارثة الكبرى التي تعرضت لها طائرة “طيران الخليج” القادمة من القاهرة عام 2000. أذكر تلك الليلة المشؤومة، وكنت آنذاك أشغل منصب مدير تحرير صحيفة “الرياضي” السعودية في البحرين، وكُلفت بتغطية هذه الحادثة المؤلمة، ذهبت مضطراً بخطوات متثاقلة إلى موقع الكارثة بالتحديد في منطقة الدير، حيث هوت الطائرة في مياه الخليج وعلى متنها 146 راكبًا مع الطاقم لقوا جميعهم حتفهم.
لسوء الطالع اضطررت لمرافقة رجال الإنقاذ منبشًا عن أية معلومات شافية عن أسباب الكارثة، وأعترف أن عيني قد وقعت على أبشع مشاهد في حياتي، حيث جثث بلا رؤوس، وأقدام تبحث عن أجسادها. رأيت سيارات الإسعاف وهي تهرول الى المكان وسط صعوبة بالغة في فضّ تجمهر أقارب وأصحاب الضحايا، إذ كان على متن الطائرة المنكوبة 147 راكبًا لقوا جميعا حتفهم.
لم يغب عن بالي أيضاً ذلك المشهد الإنساني عندما خصصت الحكومة المصرية طائرة خاصة لنقل أهالي الضحايا إلى البحرين للتعرف على ذويهم، حيث كان من بين الذين لقوا حتفهم 46 راكبًا معظمهم ممن يعملون في حقل التعليم بالبحرين.
هناك مأساة أخرى وقعت عندما تقرر نقل الأشلاء إلى فندق الخليج، وكيف حاصر الأهالي المكان وسط صرخات مدوية غطت المشهد تماماً.
هذه الكارثة وغيرها جعلتني أكره السفر جوًا وأتمنى ألا يضعني أحد في ذلك الموقف الصعب الذي أختار فيه بين راحتي على الأرض أو التحليق في السماء حيث القدر المحتمل المحتوم..
الحمد لله على سلامة ركاب رحلة مانيلا، وحفظهم الله من سوء المنقلب.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية