+A
A-

وزير الداخلية: لا مكان لمن تورط بمحاولة الانقلاب على الشرعية في مستقبلنا السياسي

المنامة - بنا: انطلاقا من منهجية وزارة الداخلية في تعزيز الشراكة المجتمعية والتواصل المستمر مع المواطنين والمقيمين وجميع الفعاليات والأطياف، التقى وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة صباح أمس، مع نخبة من أبناء الوطن، ضمت أصحاب الفضيلة علماء الدين، وأعضاء من مجلسي الشورى والنواب، وغرفة تجارة وصناعة البحرين، ورؤساء تحرير الصحف المحلية، وممثلين عن المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى جمع من رجال الأعمال والمحامين، وأصحاب المجالس والوجهاء، ورؤساء عدد من جمعيات المجتمع المدني والمراكز الشبابية. وألقى وزير الداخلية، كلمة قال فيها: “يطيب لي بداية أن أرحب بكم، شاكراً تفضلكم بحضور هذا اللقاء الذي سأتحدث فيه عن شؤوننا الأمنية الراهنة إضافة إلى استشراف التحديات الأمنية واستعراض عدد من الخطوات التي نحن بحاجة إلى تطبيقها من أجل تحقيق مستقبل بحريني آمن بإذن الله”.

الوضع الأمني الدولي
وأضاف وزير الداخلية في كلمته “تلاحظون أن الوضع الأمني الدولي يتعرض لاختلال في موازين الأمن والاستقرار، في ظل وجود تحديات مقلقة على الساحة الأمنية في مناطق متعددة من العالم، مما أدى إلى إرباك مشاعر الطمأنينة والإحساس بالأمان بشكل عام. وتعزيز مظاهر الحضور الأمني، إضافة إلى تعديل العديد من الإجراءات والقوانين ذات العلاقة بالنواحي الأمنية”.

الأوضاع الأمنية الداخلية
وعند حديثه عن الأوضاع الأمنية الداخلية، قال الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله “استطيع أن أقول بأننا وضعنا خلفنا حقبة أمنية صعبة؛ لننتقل إلى مرحلة أمنية أكثر وضوحاً، مفاجأتها الأمنية محدودة التأثير”. وبمعنى آخر فإن المشهد الأمني الداخلي أصبح واضحاً أكثر من أي فترة مضت ولكن لكل مرحلة تحدياتها.
وذكر الوزير أنه كانت هناك محاولات لاستدراج رجال الأمن وبأشكال وأساليب مختلفة ومؤثرة من أجل انفلات زمام ضبط الموقف، ولكن هدفنا كان يتطلب ما هو أكبر من مجرد رد الفعل؛ لأن انتصار دولة القانون والمؤسسات يتحقق بتضحيات جسام، وكنا نرى الحل وما يحتاجه ذلك من وقت لتحقيق الاستقرار بشكل عام.

الإجراءات الأمنية الأخيرة
أما بالنسبة للإجراءات الأمنية التي تم اتخاذها في الفترة الأخيرة، فأوضح أنها “ليست وليدة الساعة، والأمر هو أن الدولة تستكمل خطوات وإجراءات تحقيق الأمن والاستقرار ودفع عجلة التطور والإصلاح في إطار الوحدة الوطنية، وإن ما تم اتخاذه من إجراءات قانونية ضد المؤسسات والأشخاص مؤخراً ليست عملية استهدافية انتقامية كما فسرها البعض، أو إجراءات ضد طائفة معينة. إنها في الواقع نتيجة ما قادت إليه التحريات الأمنية عبر إجراءات عمل مهنية أمنية استمرت لسنوات عدة. وإننا مستمرون في معالجة ما تبقى من البؤر المخلة بالأمن الوطني التي من شأنها التأثير على أمننا في المستقبل، وإن القانون يأخذ مجراه”.

ردود فعل سلبية
واستطرد الوزير “كانت هناك ردود فعل سلبية متسرعة في الخارج على بعض الإجراءات الأمنية الداخلية وكأنهم يريدون منا أن نترك الحبل على الغارب، وبرأيي أنها كانت مواقف منحازة لا تعكس تحري الدقة في معلوماتها أو أنها كانت وليدة قناعات ومواقف بنيت أساساً على أثر تفاهمات وتواصل مع الأشخاص الذين كانوا يعملون بشكل مخالف ضد الدولة”. ولاحظنا العديد من الإجراءات التي اتخذتها بعض الدول لضمان أمنها واستقرارها وفي المقابل لاحظنا أيضاً تفهماً لتلك الإجراءات بل وعروضاً لتقديم المساعدة من أجل ضمان المثول أمام العدالة لمن خالفوا القانون وحاولوا الانقلاب على الدولة.

نجاح المشروع الإصلاحي
وذكر وزير الداخلية أن “أهم الضمانات الأساسية للأمن حماية مكتسباتنا السياسية والتي يتصدرها المشروع الإصلاحي لعاهل البلاد صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، هذا المشروع الذي حاول البعض عرقلته، والسؤال: لماذا؟ كونه مبادرة وطنية ليست مستوردة من الخارج ولم تخضع إلى ولاءات خارجية. إن نجاح هذا المشروع الإصلاحي يرتكز على الجهود البحرينية المخلصة التي تقدم المصلحة الوطنية على أي مصلحة فئوية كانت أو خارجية، ولله الحمد فإن برنامج الإصلاح اليوم يستند إلى القاعدة الوطنية الأكثر صلابة وثقة من أجل العمل على تحقيق أهدافه وتطلعاته الراهنة والمستقبلية”.
وأكد أن “كل من كان له علاقة بمحاولات إسقاط النظام والانقلاب على الشرعية، لا يمكن أن يكون ضمن الكوادر السياسية القادمة ولا مكان له في مستقبلنا السياسي”.

الموقف الفئوي السياسي
وقال “إن ما يجعلني أركز على هذا الأمر السياسي في هذا اللقاء هو أن السبب الرئيس للاضطرابات الأمنية التي مرت بها البلاد كان يرجع إلى ذلك الموقف الفئوي السياسي الذي جاء لفرض هيمنته على الساحة باسم الشعب. والأمر المهم هو أن هناك جهودا أمنية مخلصة تصون الأمن في البحرين”.
وشكر الوزير في كلمته، كل من ساهم في ذلك وخص بالشكر والثناء، إنابة عن الحضور، مصابينا من رجال الأمن المخلصين وترحم على شهدائنا الأبرار، مقدراً بعظيم الامتنان جهود الرجال الأوفياء الذين يؤدون واجبهم ويسهرون على راحة الناس وأمنهم على الدوام محافظين على التزامهم وكفاءتهم وانضباطهم في كل مواقع المسؤولية.

الحديث عن المستقبل
ثم انتقل الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله عقب ذلك للحديث عن المستقبل واستعرض بعض الحقائق عن موقفنا الأمني. وانتهز هذه الفرصة ملقيا الضوء على الملتقى الحكومي 2016 الذي عُقد تحت رعاية رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، وذلك من خلال الأرقام والإحصاءات الايجابية التي تضمنتها كلمة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، والتي عززت الثقة في الأداء الحكومي وكانت دافعا ملموسا نحو مزيد من العطاء وتعزيز الاستقرار وتحويل المشهد الإعلامي للتركيز على نمو المستقبل الاقتصادي لمملكة البحرين.
وقال “إن مؤشرات النمو في الناتج المحلي والزيادة في عدد النزلاء بالفنادق وارتفاع إصدار التأشيرات وكذلك تصاريح الإنشاءات وإصدار السجلات التجارية، تعكس بوضوح ما حدث من تطور ونمو بعد أحداث 2011 وحتى اليوم والتي كان لها الأثر الأكبر في النجاح المميز والباهر الذي عكسه الملتقى الحكومي”.
ثم انتقل الوزير في حديثا مستعرضا بعض إحصاءات الموقف الأمني لنفس الفترة تقريباً. وكانت أول إحصائية بينها هي معلومات التزايد السكاني، موضحا أن الوضع الطبيعي يشير إلى أن من المفترض وجود علاقة طردية بين عدد السكان وعدد القضايا، إلا أنه ولله الحمد نلاحظ استقرارا في معدلات الجريمة بشكل عام، بل هناك انخفاض في بعض الحالات على سبيل المثال جرائم السرقة والتي كانت بالعام 2008 حوالي (10300) جريمة انخفضت في العام 2014 لتكون حوالي (8300) جريمة، كما نلاحظ ثباتا في قضايا المخدرات بالسنوات الماضية، كما أن هناك انخفاضا في قضايا الاحتيال في العام 2014 عنها في العام 2007. فقد كان واضحاً أنه في الوقت الذي ارتفعت فيه مؤشرات النمو والنجاح، كان خلف هذه الصورة تدني وانخفاض في معدلات الجريمة ومخالفة القانون، وهذا ما يؤكد تلازم العلاقة بين التنمية الاقتصادية والوضع الأمني، فالأمن هو مظلة النهوض والتقدم والتنمية والرخاء والنماء.

التحديات الأمنية المستقبلية
وركز الوزير على بعض التحديات الأمنية المستقبلية، وقال “من أجل مستقبل آمن فإننا نعمل من خلال رؤية أمنية استشرافية على ضوء الافتراضات الأمنية المبنية على المعطيات والمعلومات المتاحة، ويمكن في هذا الشأن الإشارة إلى عدد من التحديات التي نتعامل معها والتي يعتبر بعضها تحديات أمنية مستمرة، وهي كالتالي:
- موضوع الطائفية، فهل يمكن أن نترك تهديداً مثل التطرف الطائفي والكراهية إرثاً لأبنائنا، وكأننا نعمل بمقولة “فرّق تسد”، إنها برأيي نظرة استعمارية وليست بأي حال من الأحوال نظرة وطنية، وأنا شخصياً لا أومن بها على حساب الهوية الوطنية ويبقى تماسك النسيج الاجتماعي في الوطن يمثل حصانة ودرعاً واقياً أمام أي تدخلات خارجية من شأنها أن تنال من أمن الوطن واستقراره والمجتمع البحريني من خلال إرثه الحضاري وثقافته وله الدور الأكبر في تقوية هذا النسيج وتعزيز وحدته الوطنية.
- التطرف: أما بالنسبة لموضوع التطرف، فهل من الممكن ألا نواجه خطر التطرف وانتشاره في المجتمع حيث إنه كلما زاد الأمر تطرفاً زاد الحل تعقيداً باعتباره خطراً بالغا يتم مواجهته من قبل مختلف الدول من خلال العمل على تجفيف منابعه ومواجهة فكره المتطرف بالفكر المستنير والمناصحة القويمة وإننا نتعاون مع وزارة الداخلية بالمملكة العربية السعودية الشقيقة على إثر تجربتهم الناجحة في برنامج المناصحة.
- مكافحة الإرهاب: وعند الحديث عن تهديد الإرهاب، فإن هذا التحدي، أصبح يزداد ويتسع في العالم أجمع، ونحن ملتزمون دولياً بالتعاون في مكافحة الإرهاب، ولدينا تنسيق مع أخواننا في دول مجلس التعاون في إطار الاتفاقية الأمنية وكذلك من خلال الاتصالات وتبادل المعلومات الخاصة بالإرهاب وهناك تمارين أمنية على مستويات مختلفة، وتنسيق بين الأجهزة الأمنية لتطوير قدراتنا الأمنية في مكافحة الإرهاب.
- التهديد الإيراني: لا يمكن أن ننسى التهديد الذي تمثله إيران على أمننا الداخلي، فقد باتت التدخلات الإيرانية أكثر صراحة ووضوحا من خلال التصريحات المعادية لكبار المسؤولين الإيرانيين تجاه البحرين والتي تتعمد اللعب على الوتر الديني الطائفي، فقد بلغت هذه التصريحات من يناير إلى أغسطس 2016 فقط حوالي (124) تصريحا ناهيك عن إيواء المطلوبين وعمليات التخطيط والتحريض والتدريب وعمليات التهريب للأسلحة والمتفجرات وما يحتاجه ذلك من تمويل.
ويقودنا هذا إلى وضع المزيد من الضوابط في التعامل مع إيران بشكل عام من خلال اتخاذ التدابير اللازمة للحد من التدخل في الشؤون الداخلية الأمنية، فنحن دولة ذات سيادة ولديها القوانين والأنظمة والثقافة التي يجب أن تحترم مثل ما نحترم سيادة الآخرين، وعلى إيران أن تظهر الالتزام المطلوب بعدم التدخل في شؤوننا الداخلية واحترام سيادتنا.
- المخدرات: كما أن مكافحة المخدرات تعتبر هدفاً رئيساً نتعامل معه بشكل مستمر؛ نظراً لازدياد ما هو معروض بالمنطقة وبأشكال مختلفة من حبوب وغيرها إضافة إلى المخدرات بأشكالها الجديدة كالمخدرات الرقمية الأمر الذي يؤكد أهمية تفعيل وتطوير الإستراتيجية الوطنية لمواجهة المخدرات والعمل على تكثيف التعاون الدولي في هذا الشأن، علماً أننا بدأنا في توعية النشء لدينا من خلال برنامج مكافحة العنف والإدمان (معاً) والذي بدأ منذ العام 2011 حيث استفاد منه حوالي (68000) من الطلبة وأصبح يغطي حوالي (40 %) من مدراس البحرين وما زال البرنامج مستمراً ويقوم على تنفيذه أفراد شرطة المجتمع وبإشراف اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات.
- الجرائم الإلكترونية: إن انتشار الجرائم الإلكترونية في ظل التقدم التكنولوجي الذي بات يشهده العالم، يفرض علينا تحدياً مهما يستوجب التعامل معه بتطوير القدرات الوطنية وسن التشريعات التي تدعم الحفاظ على أمن المعلومات والأفراد. وأضاف: في السنوات الأخيرة تم استحداث تنظيم أمني بالوزارة للتعامل مع هذا الخطر ومعظم العاملين بهذا التنظيم هم من شبابنا المتعلم كما أن الجهود مستمرة لزيادة القدرات في هذا الاختصاص من خلال التعاون مع الدول الشقيقة والصديقة والمؤسسات الخاصة في هذا الشأن.
- التهديد النووي والإشعاعي: وعلى مستوي التهديد النووي خصوصا التلوث الكيماوي يظل هذا الخطر قائماً في ظل احتمالية وقوع كارثة تسرب كيماوي وبيئي من أي مفاعل نووي بالمنطقة في ظل وجود مفاعل نووي في بوشهر وانتشار المحطات التي تعمل بالطاقة النووية في المنطقة، وهذا الأمر يحتم علينا زيادة الوعي والتعامل معه بالجدية اللازمة من أجل حماية المجتمع من أية تأثيرات قد تنتج عن أي تسرب لا سمح الله، وعليه فقد تم التواصل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية من أجل إعداد خطة وطنية للأمن النووي ومراجعة خطة الطوارئ الإشعاعية، كما أننا نعمل على تطوير قدرات الدفاع المدني بالتعاون مع الدول المتقدمة في هذا المجال.
- حقوق الإنسان: أصبح هذا الأمر يشكل منبر اتهام وسبباً للتدخل في شؤون الدول من خلال هذا الهدف الإنساني دون تحري الدقة ويجب أن يعرف الحقوقيون أننا مؤمنون، نخاف الله، ومن يخاف الله، لا يظلم الناس، بل يكون لهم نصيراً ومعيناً، فقد ورثنا حب الناس واحترامهم من أهلنا وورثنا منهم أيضا، الولاء والتضحية والوطنية والعروبة وحماية الناس حتى من أنفسهم. ونحن ولله الحمد في مملكة البحرين لدينا من المؤسسات الحقوقية المستقلة التي نفتخر بها مثل المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، والأمانة العامة للتظلمات، ومفوضية حقوق السجناء والمحتجزين، ووحدة التحقيق الخاصة بالنيابة العامة، وهذه خطوات تتحدث عن نفسها ومن المفترض أن تكون محل إشادة وتقدير.
- المحافظة على النظام: إن علامات الفوضى كانت من أهم مساوئ الفترة الماضية علماً أنه من أهم عناصر النجاح لأي بلد هو احترام القانون والمحافظة على النظام العام وهو الأمر الذي سنسعى للتركيز عليه في الفترة القادمة مراهنين على ثقافة أهل البلد والتزامهم وتعاونهم وعلى سن القوانين المنظمة لذلك.
وفي ختام اللقاء، ذكر وزير الداخلية انه استكمالاً لهذا اللقاء وفي إطار الشراكة المجتمعية ستعمل الوزارة على تخصيص يوم يجتمع فيه القيادات الأمنية بالوزارة مع مختلف أطياف المجتمع لبحث جميع المواضيع المتعلقة بالشأن الأمني. وتوجه بالشكر لرب العالمين على عقد هذا اللقاء في ظل ظروف مؤشراتها تبعث على الاطمئنان، وهو أمر يمنحنا الثقة على مواصلة الطريق لإنجاز ما هو مطلوب لتجاوز التحديات التي أمامنا من خلال تضافر جهود الجميع في ظل قيادة عاهل البلاد.