+A
A-

القس هاني عزيز ل “البلاد”: الأجواء الحاضنة للمسيحيين بالخليج متميزة وغير مسبوقة

البلاد - إبراهيم النهام
قال مسؤول الكنيسة الإنجيلية الوطنية بمملكة البحرين القس هاني عزيز إن الأجواء الحاضنة للمسيحيين في البحرين والخليج العربي مميزة ومتفردة، وتعكس تسامح أهل الخليج وانفتاحهم على الحضارات والآخر.
وأوضح عزيز في حواره مع “البلاد” أن “سقف الحريات الذي توفره دول الخليج لأصحاب الديانات المتنوعة واسع وغير موجود حتى في الولايات المتحدة وأوروبا واستراليا”. وفيما يتعلق بانتشار فوبيا الإسلام لدى الغرب، بين أن الجماعات الإسلامية المتطرفة قدمت للغرب مكاسب كبيرة على طبق من ذهب، عجزت هي أن تحققها ضد الإسلام لعقود طويلة، مطالباً بمعالجة التطرف من جذوره. وفيما يلي نص اللقاء:
بداية، ما قراءة قداستكم للأجواء الحاضنة للأديان بدول الخليج؟ وما المختلف الذي يميزها عالمياً؟
الخليج منطقة متفردة، وأهل الخليج وبالرغم من سفرهم الكثيف للخارج، وتأثرهم بالحضارات المختلفة، إلا أن لديهم تمسكا واضحا بالدين مع الانفتاح على الحضارات والآخر، مع وجود روح التسامح والتعاطف،
وعليه، فقد أخذوا من الحضارات ما يفيدهم، وتركوا ما يتعارض مع دينهم، ومع العرف والتقاليد، والملاحظ بأن أكثر من نصف عدد سكان كل بلد خليجي من المغتربين الذين تركوا أوطانهم بحثاً عن الرزق، والله أكرمهم بأن يجدوه بهذه البلدان العامرة بالخير.
حكومات الخليج لم تبخل على أي شخص يوفد إليها بحثاً عن لقمة العيش بأن توفره له المناخ والأمان والخدمات، وهو أمر رائع يعكس حكمة حكامها الذين يشاركون الجميع خيرات أوطانهم.
وما يميز بلدان الخليج عن العالم، هو التنوع العرقي والديني والتسامح والتعايش القائم والذي يربط كافة مكوناتها، ومع وجود التواصل فيما بينهم، بالزيارات والفعاليات، ويتشاركوا الأفكار والآراء، يضاف عليها الحريات الدينية الواسعة.

وماذا عن المسيحين؟ هل ترى أن سقف الحريات القائم يلبي تطلعاتكم؟
سقف الحريات الذي توفره لنا دول الخليج بممارسة شعائرنا عال جداً، بل إنه غير موجود ببعض المناطق في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا وأستراليا والتي تمنع المسيحيين عن التعبير عن أعيادهم بأي رمز يشير لهذه الأعياد ومنها شجرة الميلاد وتحت ذريعة جرح مشاعر الآخرين.

هل ترى أن التفاعل ما بين أصحاب الأديان بمنطقة الخليج العربي متمازجة؟
في البحرين والإمارات والكويت هنالك مزج واضح بين الأديان والمذاهب المختلفة، ولحمة وتواصل، لأن الشعوب منفتحة أكثر من غيرها، ولديها قبول للآخر مهما كانت صفاته ومهما كانت عاداته، الأمر الذي ينعكس على توفير الأجواء الملائمة لكي تكون هنالك علاقات اجتماعية ودينية واسعة.

كيف نستطيع أن نوظف الاختلاف الفكري والثقافي والعقائدي ليكون الأرضية الخصبة التي تزرع بها الثقافات والحضارات التي تحتضن وتحتوي الآخرين؟
الله عز وجل جعل الخليقة كلها متنوعة، وفي ذلك حكمة، فالتنوع يضفي للخليقة وللفكر قوة وإثراء، ويوجد اختلاف بالفكر والذي من الممكن أن يخلق عداوة بين الناس حين يكون الأفق ضيقًا، وحين ينظر أصحابه للأمور بشكل أحادي بعيد عن التنوع وعن النظرة العامة التي تقوم على الوحدة، فالاختلاف يثري الفكر، والتنوع أصل الخليقة.
ومن إرادة الله انه خلقنا متنوعين، الأمر الذي يدفعنا إلى ضرورة الاستفادة من هذا التنوع وهذا الاختلاف الموجود بين البشر.

لماذا يتخوف البعض من مفهوم “التعايش”؟
هناك من يظن أن الهدف من التعايش هو احتواء الآخر وإلغاء دينه وعقيدته، وهو ليس صحيحا، فالتعايش هو أن نعيش في وحدة متنوعة ومتناغمة، كما هو الحال بجسم الإنسان، جسد واحد بأعضاء كثيرة، كل منها له مكان ومكانة خاصة، ومن غير أحدها يصبح الجسم مشوها، وكذلك الإنسانية، لها جسد واحد وأعضاء يمثلها البشر بمختلف أطيافهم وأديانهم.

هل هنالك إحصائية بعدد الكنائس بالخليج العربي؟ وما هو تصنيفها بالغالب؟
الكنائس موجودة بكل دول الخليج (ماعدا السعودية) وتمثل ثلاث طوائف رئيسية، الكاثوليك، الأرثودوكس، البروتستانت (الإنجيلية).
وفي البحرين هنالك 18 كنيسة، في الإمارات هنالك مجمع كنائسي بدبي وأبوظبي، في عمان كنيسة تحتضن الجميع، وبقطر مجمع كنائسي، والكويت بها أيضا مجمع كنائسي ومجموعة من الكنائس الفردية.
ولي زيارات عدة لهذه الكنائس، وأقودها، وفي لقاءاتي مع المصلين هنالك، أرى امتناناً للحكومات على الحريات الكاملة التي يمارسونها في عباداتهم.

ما الجديد فيما يخص المجمع الكنائسي والكاتدرائية الكبرى للكاثوليك التي أعلن عنها بالبحرين مسبقاً؟
قبل عامين اثنين انتقل المركز المسؤول عن الكنيسة البابوية للكاثوليك من الكويت للبحرين يمثلها مطران، والذي طلب أرضا يبني عليها كاتدرائية كبيرة ستكون الأكبر للكاثوليك في الخليج، فأعطوه قطعة أرض من الأرض المخصصة للمجمع الكنائسي، وهو حاليا بمراحله الأخيرة لاستيفاء الأوراق الخاصة بالكاتدرائية، إضافة إلى جمع التبرعات اللازمة لبنائها، بمعنى أن الموضوع مستمر وبلا عراقيل.

أين تتمركز الجاليات المسيحية العربية في الخليج؟
أكثر أعدادها يتمركز في الكويت، تليها الامارات فالبحرين، والجنسيات التي تمثلها المصرية واللبنانية والعراقية والسورية والأردنية، والمذهب الأكثر هو الكاثوليك، فالأرثوذكس، فالبروتستانت.

هل تؤيد دخول رجال الدين للعمل السياسي؟ لماذا؟
أؤيد دائماً الفصل ما بين الدين والسياسة، وأنادي بأن يكون رجل الدين روحياً ملتزما بتعاليم دينه، وألا يضيع مجهوده ووقته بالسياسة، ولأن دخوله بمعتركها يصبح طرفا بمشكلة، والطبيعي أن يكون رجل الدين ملجأ لحل المشاكل والفصل بها، فكيف سيكون ذلك إذ ما كان طرفا بها.
أضف أن التاريخ يحدثنا عن فشل هذه التجربة، فحين دخلت الكنيسة بالعصور الوسطى بالسياسة، ابتعدت عن تعاليم الدين المسيحي وتعاليم سيدنا المسيح، وأدخلت أوروبا بعصور مظلمة مأساوية، وبفعل غلبة جانب السياسة والمال على الدين وتسييسه.

“الإسلام فوبيا” لدى الغرب حالة جديدة تخالف بمفهومها الواقع، بل وتزيفه، بم تفسر ذلك؟
الجماعات الإرهابية الإسلامية كـ “القاعدة” و”داعش” أعطت مكاسب للعالم الغربي ضد الإسلام أكثر مما كان يتمناه الغرب أنفسهم، وبهدف تشويه صورة الإسلام وعلى مدى عقود طويلة من اجتهاداتها والملايين التي تصرفها على تحقيق هذا المشروع الظلامي.
وعليه، فقد أسعفوا الغربيين على أن تكون لهم الذريعة بأن يضعوا أيديهم وفكرهم في العالمين العربي والإسلامي، فهذه الفوبيا ترعرعت من هذه الجماعات والتي تظن أنها تخدم الإسلام، لكن الحقيقة تخالف ذلك تماماً.

هنالك محاولات اليوم لمواجهة الإرهاب بالمد الديني أو الطائفي، هل تراها ناجحة؟ لماذا؟
لا، لأن معالجة الإرهاب كقضية سوداء باتت تقضم كل مكان اليوم وبلا هوادة، يجب أن تبدأ المعالجة من الجذور، ولأن الإرهاب كالشجرة الكبيرة لها جذور عميقة بالأرض.
ففي السابق، كانت القناعات بأن أغلب من ينضوون بالجماعات الإرهابية هم من الفقراء، لكن الواقع يخالف ذلك اليوم، حيث نرى أبناء الكثير من العوائل الغنية والثرية معهم، بل أن هنالك منهم من يترك أوطانه والثراء الفاحش الذي يتمرغ به ويشد الرحال لينضم إلى داعش وغيرها.
فالموضوع هو معالجة فكر قبل أي شيء آخر، ناهيك عن ضرورة اهتمام الحكومات العربية بالشباب العربي المهمش على كافة المستويات حماية لهم من التقاط الإرهابيين لهم، وبأن تعمل الحكومات على وضع خطط واسعة على المستويين الاقتصادي والشبابي من جانب، وحلحلة ملفات البطالة من جانب آخر.