+A
A-

أطفال يدمنون “المدواخ” في جلسات “المزاج”

البلاد - بدور المالكي
في عمر الزهور، طلاب ابتدائية “دايخين”، يستندون على عتبة أسمنتية مجاورة لإحدى البرادات، تحسبهم سكارى وما هم بسكارى، في أيديهم قطعة بلاستيكية أشبه بالسيجارة، لكن لا تبدو على أي منهم رائحة التدخين.
تسأل أحد الأطفال ذا الثامنة من العمر، أنّى لك هذا؟ فيشير إلى البرادة: من هناك. وماذا تصنع مع زملائك هنا؟ فيجيب: “احنا في جلسة (مزاج). الجلسة كل يوم تتكرّر بعد (الهدة). “نبسّط هني” وندخن (المدواخ). نشتريه في كل يوم من تلك البرادة”.
ويقول آخر لم يتجاوز التاسعة من العمر: “ندمن (المدواخ)؛ لأنه سريع الاحتراق، ونستخدمه أيضًا في البيت عند الدخول إلى الحمام؛ فهو لا يترك رائحة وراءه مثل: السجائر الأخرى، ولذلك لا يعرف أهلنا أننا ندخّن”.
ويضيف آخر: “أنا وأصدقائي نشعر بالسعادة عند تدخين (المدواخ)؛ لأنه يحترق وينطفئ سريعًا ولا يترك رائحة. لا يمكن لأحد معرفة أننا ندخن (المدواخ)، وهو يشعرنا بالدوخة (الحلوة)”.
سمّ “المدواخ”
ولمن لا يعرف “المدواخ”؛ فهي قطعة خشبية أو بلاستيكية، تشبه السيجارة العادية من حيث السماكة والشكل، تستخدم في تدخين التبغ، وقد بدأت تنتشر التسمية حديثًا في الإمارات ثم انتقلت إلى البحرين.
تقول رئيس مجموعة مكافحة التدخين والتبغ بإدارة الصحة العامة إجلال العلوي إن الإدارة تصلها بلاغات وشكاوى على الخط الساخن، للتبليغ عن “برادات” ومحلات، تبيع أطفالاً مازالوا في المرحلة الابتدائية، وبعضهم في سن السابعة والثامنة من العمر.
وتضيف أن الأطفال يستغلون مصروفهم اليومي لشراء “المدواخ” والإدمان عليه، بل بعضهم يقوم بالهرب من المدرسة للاستمتاع “بجلسة كيف” مع أصحابه وأقرانه قد تستمر لعدة دقائق، ولكنها تدفعه للإدمان مدى العمر.
تصريح رسمي
وتؤكد العلوي في تصريحات لـ “البلاد” أن “المدواخ” كان ممنوعًا رسميًّا بالبحرين حتى العام 2012، ولكن بعد هذا التاريخ تم التصريح بإدخاله، ورُخِّص لبيعه في البرادات والمحلات.
وتشير إلى أنه وبعد وصول بلاغ إلى الإدارة الأسبوع الماضي عملنا كمينًا لضبط إحدى البرادات التي كانت تبيعه لطفل لم يتجاوز الثالث عشرة، وحولت القضية للنيابة العامة، لتطبيق الإجراءات القانونية، بشأن القضية.
غشّ تجاري
وأوضحت رئيس مجموعة مكافحة التدخين في وزارة الصحة أن تركيز النيكوتين بـ “المدواخ” حسب التحاليل التي أجرتها الإدارة عالٍ جدًّا.
وبيّنت أن التحاليل أكدت أن النسبة هي 1.3 %، وهي تعادل أكثر من 20 ضعفًا مما هو مذكور على الملصق وهو 0.05 %، وهذا نوع من أنواع الغش التجاري الذي تمارسه بعض الشركات لزيادة مبيعاتها، أو لتقليل الخوف من الإقبال على منتجاتها.
مبادرة وطنية
ودعت العلوي إلى ضرورة أن تتبنى الجهات الحكومية والأهلية مبادرة وطنية لمنع بيع “المدواخ”؛ لأنه الطريق إلى الإدمان على التبغ للأطفال وأنه الطريق الأول لتدمير صحتهم ومستقبلهم.
وأكدت أن الموضوع خطير جدًّا وبحاجة إلى قرار حكومي عاجل من أجل الحفاظ على جيل المستقبل.
وقالت: لنتحرك جميعًا لحماية الأجيال الحالية والمقبلة من العواقب الصحية المدمرة، وما ترافقها من مشكلات اجتماعية وبيئية واقتصادية لتعاطي التبغ والتعرض لدخانه المضرة صحيًّا.