+A
A-

“البلاد سبورت” يطرح السؤال الأزلي:

أحمد مهدي
عندما فسخ اتحاد الكرة البحريني عقد مدرب المنتخب الوطني، الأرجنتيني باتيستا مؤخرًا بشكل ودي، بدا تأكيدًا على أن مشكلة “الأحمر” مع عدم الاستقرار الفني أصبحت بالفعل مشكلة أزلية.
مدربون عديدون تعاقبوا على تدريب “الأحمر”، لكنه لم يعرف الاستقرار الفني معهم، والمحصلة أصبح المنتخب هو الضحية والنتائج غير حاضرة. تراجع مستوى “الأحمر” في الفترات الماضية، وظلت كأس الخليج عصية علينا، وكذلك التأهل لكأس العالم هدف سعينا لأجله، لكن دون تحقيقه. توالى المدربون واحدًا بعد واحد، بين أجنبي ووطني، ولكن في الحاصل أن لا تغيير نوعيًّا في مستوى المنتخب.
في كل مرة يتم تعيين مدرب يتحدث الجميع عن نية الاستقرار، وبمجرد دخول المنتخب في موجة من النتائج السيئة يخرج الجميع مطالبًا بإقالة المدرب، والاستجابة عادة ما تكون سريعة، والتبديل مفتوح على مصراعيه، فمدرب يذهب وآخر يأتي، فيما لا تغيير مع هذا أو ذاك. “البلاد سبورت” استطلعت آراء عدد من المدربين والمحللين الوطنيين فيما يخص مسألة عدم الاستقرار الفني، والرؤى المستقبلية للمدرب القادم للمنتخب.

منظومة خاطئة
قال المحلل الوطني طلال حسن إن منظومة خاطئة هي السبب الرئيسي وراء عدم الاستقرار الفني لمنتخبنا الوطني الأول.
ولفت إلى أن الجميع سمع عن تكوين لجنة فنية مكونة من 4 أشخاص، مبينًا أن هذه المجموعة بها أشخاص بعيدون عن الدوري، وتساءل: كيف لمسؤولين أن يختاروا مدربًا للمنتخب وهم في الأساس لا يعلمون عن نوعية اللاعبين أو المستوى الذي يناسب اللاعب البحريني، خصوصًا مع عدم علمهم بالدوري المحلي؟
وأكد أن هذه المنظومة تتسبب في اختيار غير صحيح، وهو الأمر الذي يؤدي إلى عمليات استبدال للمدربين من فترة إلى أخرى في المنتخب الأول.

استقالة
وأكد طلال حسن أن اللجان الفنية العديدة التي تكونت لاختيار الأجهزة الفنية للمنتخبات أخفقت مرة واثنتين وثلاثًا، وهو أمر طبيعي، مبينًا أننا لم نسمع في يوم من الأيام أن أحد المسؤولين في اللجان تقدم باستقالته لتكرار إخفاقه، وهو أمر يدعو إلى الغرابة.

رقم خرافي
ولفت طلال حسن إلى أن عدد المدربين الذين توالوا على تدريب المنتخب بمثابة “الرقم الخرافي”.
وأشار إلى أن الفترة من العام 2013 وإلى يومنا هذا شهدنا العديد من المدربين، لكن في محصلة النتيجة لا تغيير على الواقع.
وأرجع كثرة تبديل المدربين إلى أن الظروف المحيطة بالعمل لا تشجع ولا تريح المدرب الأجنبي على وجه التعيين، خصوصًا مع مقارنة هذه الظروف بالعوامل الموجودة في المنطقة الخليجية على أقل تقدير.
وبيّن أن المدرب الأخير باتيستا بان عليه الكره للعمل في ظل الأجواء المحيطة من بداية عمله، مضيفًا: “شاهدنا المدرب يسافر في مرات عديدة ومتكررة، خصوصًا بعدما عرف الوضع الكروي، لكن يبقى السؤال لماذا لا يعرض الواقع على أي مدرب قبل التوقيع معه؟”.
هناك سببان
بدوره، قال المحلل والمدرب الوطني صلاح حبيب إن سببين رئيسين هما وراء كثرة التغييرات وعدم الاستقرار في الجهاز الفني لـ”الأحمر”.
وقال: “السبب الأول يكمن في عدم ثقة المدربين الأجانب الذين يتولون تدريب المنتخب في المنتخب نفسه. نرى من يأتي لتولي الإدارة الفنية لـ”الأحمر” يركز في مقامه الأول على الجانب المادي، ولعلّ المبالغ المالية الخيالية التي استلمها المدربون كانت شاهدًا على ذلك”.
وأضاف: “أما السبب الثاني، فهو في تساهل إدارة الاتحاد مع المدرب. شاهدنا الوضع الذي عاشه الاتحاد مع المدرب المفسوخ عقده حديثا الأرجنتيني باتيستا، وهي الإجازات التي امتدت لفترات طويلة، وهو أمر عانى منه المنتخب”.
بدون كفاءة
ولفت صلاح حبيب إلى أن المدربين الأجانب تقدم لهم جميع التسهيلات قياسًا بالمدرب الوطني.
وتابع: “يحصل الأجنبي إذا تولى تدريب المنتخب على صلاحيات واسعة، ومن ضمنها أنه يعين المساعدين وقد يبعد الخيار الوطني عن جهازه الفني، وشاهدنا هذا الأمر رفقة المدرب باتيستا، والذي عين مساعدًا له وهو في الحقيقة أحد أقربائه، دون النظر إلى الكفاءة، والتي تكاد تكون شبه معدومة، بعكس إذا ما تواجد الوطني القريب من اللاعب ونفسيته”.

الصدفة
بدوره، قال المدرب والمحلل الفني فارس الدوسري إن أغلب الاختيارات الخاصة بمدرب المنتخب الكروي الأول تأتي صدفة.
ولفت إلى أن الاختيار عادة ما يتم باختيار لجنة فنية، وبدون النظر إلى اعتبارات أخرى كالإمكانيات التي تملكها وما إذا كانت تناسب المدرب القادم للمنتخب أو لا.
وأضاف: “نشاهد في أغلب الاختيارات لمدرب المنتخب الأول أن التعيين لا يتم وفق خطة مدروسة، فيترب الباب مفتوحًا على مصراعيه، دون تخطيط ودون وجود هدف سواء أكان لتحقيق إنجازات أم لبناء فريق، وهو ما يؤدي في النهائي إلى عدم الاستقرار الفني”.

ضغط كبير
وحول أسباب عدم بقاء المدرب الأجنبي لفترات طويلة على رأس الإدارة الفنية لـ”الأحمر”، أوضح الدوسري أن الضغط الكبير الواقع على الجهاز الفني ينتج عنه عدم استمرارية الخيار الأجنبي مع المنتخب.
وقال: “لا بد للمسؤولين في الاتحاد أن يكونوا واضحين في موضوع مدرب المنتخب الأول والهدف من التعاقد معه، فكما أشرت سابقًا إلى أن عدم وجود هدف وغاية يسعى المنتخب لتحقيقها، فإن هذا الأمر يشكل الضغط على المدرب وتجعله يتهرب من عمله”.

إجماع
وأجمع المحللون والمدربون المشاركون في الاستطلاع على أن خيار المدرب الوطني سيكون الأفضل للمرحلة المقبلة.
وقال المدرب صلاح حبيب إنه لطالما كنا نعيش في ظل دوري الهواة، فإن الخيار الوطني الأنسب لقيادة منتخبنا.
ونوّه إلى أن ذلك يعود إلى أسباب يأتي في مقدمتها معرفته بالظروف والبيئة المحيطة باللاعب، علاوة على سرعة استجابته وتفاعله مع الحالة النفسية للاعب في مختلف الظروف والأحداث، بالإضافة إلى قربه في الجوانب الاجتماعية، وهو أمر يساعد اللاعب ذهنيًّا، نفسيًّا وفنيًّا.
أما المدرب فارس الدوسري، فقال إنه حان الوقت لإعطاء المدرب الوطني فرصته ودوره في عمل “الأحمر”.
وأكد أن المدرب الوطني يمتلك الكفاءة الكافية لقيادة المنتخب في الفترة المقبلة، شريطة تحديد المطلوب منه، حتى لا نقع في الأخطاء التي وقعنا فيها مع المدربين السابقين.
أما المحلل طلال حسن، فدعا إلى النظر والاستفادة من تجربة دوري إسبانيا مثلاً، في كون أغلب المدربين المشرفين على الأندية هم من المواطنين.
وقال إن صبغة اللاعب المحلي تصبغ بالصبغة التي يعمل عليها مدربو الأندية، وهو ما يعود بالنفع على الصالح العام، إذ نرى أن منتخب إسبانيا يقدم مستويات لافتة، والسبب يعود في أن أغلب الأجهزة الفنية للنوادي هم إسبانيون.
وأكد أن هذا الموسم شهد في دورينا سيطرة للمدرب المحلي، بعد أن أخذ فرصته في أغلب الأندية، وحان الوقت لقيادة الوطني لـ”الأحمر”.