+A
A-

وزير الخارجية في ندوة بصحيفة “الأهرام”: زيارة الملك رسالة لمن يريد الاستفراد بمصر أو بدول التعاون

القاهرة - بنا: أكد وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة أن زيارة جلالة الملك إلى مصر تشكل لبنة مهمة جدا في صرح العلاقات الأخوية الممتدة بين البلدين الشقيقين، مشيرا إلى أنها شهدت زخما من الفعاليات واللقاءات، وتم خلالها توقيع نحو 19 اتفاقية للتعاون في شتى المجالات.
جاء ذلك خلال ندوة بصحيفة “الأهرام” استضافت خلالها وزير الخارجية، حيث تناول خلال الندوة القضايا التي تتعلق بالعلاقات الثنائية بين مصر والبحرين، والوضع الإقليمي والقضايا المحلية والعربية والدولية.
وقال الوزير “إن العلاقة بين البحرين ومصر تمتد إلى ما قبل الزيارات الرسمية، وأنها علاقة شعبية أخوية، فالبحرينيون مازالوا يتذكرون هديتهم التي أهدوها إلى أمير الشعراء أحمد شوقي آنذاك، فحين لُقِّبَ بأمير الشعراء قدموا له نخلة بحرينية من الذهب، وكان البلح الذي فيها من لؤلؤ البحرين.. وهذا الشيء نعتز فيه جدا، لكن ما نعتز به أكثر هو موقف الشعب المصري على مر العقود وخلال القرن الماضي في دعم شعب البحرين، من ناحية التنمية والتعليم وبناء نهضة البحرين الحديثة، فهذا الشيء لن ننساه لمصر”.
وردا على سؤال حول اهتمام قادة دول مجلس التعاون بزيارة مصر هذه الأيام، قال إن ذلك يرجع إلى أهمية مصر لاستقرار المنطقة، وأهمية أن تكون دول مجلس التعاون ومصر على تواصل مستمر.
وأضاف .. هذا ليس أمرا جديدا أو طارئا في علاقتهم المشتركة، فالعلاقات عندما تكون قوية سترسل الرسالة الصحيحة للقاصي والداني، لمن يستهدف مصر واستقرارها، ولمن يستهدف دول الخليج واستقرارها، ولمن يظن أنه سيتمكن من الاستفراد بدولة مثل مصر أو بدول الخليج على حدة، وهذه الزيارة من شأنها أن ترسل الرسالة الصحيحة بأن هذا الشيء غير ممكن.
وأوضح أن مسألة العلاقة الحالية مع مصر مبنية على طبقات من المراحل التى بُنِيَت وقويت فيها عبر التاريخ، فيربطنا الرابط العربى، وأننا كلنا من أمة واحدة، كما يربطنا تاريخنا الحديث بأننا دائما كنا ننظر إلى بعضنا البعض كمجموعة واحدة هنا بقيادة البلد الكبير مصر.
وأضاف قائلا .. في الحقيقة نحن متفائلون جدا، فهذه الزيارات إن دلت على شيء، فإنها تدل على أن القيادات فى دول مجلس التعاون متفائلة بمستقبل مصر.. وبالطريقة التي تسير عليها مصر الآن إلى المستقبل، سواء في ناحية التنمية ومعالجة المشكلات والتغلب على الظروف المحيطة، أو التي كانت داخلية، وهذا يدل على أننا لدينا ثقة في الشعب المصري، ونتطلع إلى أن تكون الزيارة الحالية التي يقوم بها حضرة صاحب الجلالة الملك إلى مصر لبنة مهمة فى بناء وتقوية العلاقات الثنائية، وأيضا على أساس العلاقة ما بين دول الخليج وجمهورية مصر العربية.
وقال الوزير .. إننا الآن فخورون جدا أن هناك قطعا بحرية مصرية زارت البحرين وستزورها مرة أخرى، وهذه هي الرسالة الصحيحة التي نوجهها عندما يصدر صوت ناشز من إيران، بأن يذهب رئيس مصر للبحرين لزيارة تستغرق يوما واحدا فقط، فإن هذه هي الرسالة التي توجهها مصر دائما إلى من ينوي شرا بدول الخليج، ووجود القطع البحرية المصرية عندنا أهم من وجود أي قطع بحرية أخرى.
ومن هذا المنطلق الذي نعيشه الآن، يجب أن نعي أن هذا هو مستقبلنا في المنطقة، فأمورنا في يدنا، فنحن جزء فاعل فى هذا العالم ولسنا جزءا اتكاليا، فنحن الآن نبذل دماءنا وأبناءنا في الدفاع عن مصالحنا، لسنا كالفترة الماضية، والتي أسميها الأيام التي ذهبت ولا أتوقع أنها ستعود، أن يكون هناك اتكال على الغير للدفاع عن المنطقة، فالآن نقوم بواجبنا بأنفسنا وبتكاتفنا كدول المنطقة.
وردا على سؤال حول مشاعر البحرينيين الجميلة المعهودة تجاه المصريين، ذكر الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة أن الجميع يتحدث الآن عن الوقوف مع مصر وكأن مصر لم تقف معنا في الماضي، مهما عملنا مع مصر اليوم أو قدمنا لها، فلن نستطيع أن نفيها حقها أو نرد لها جميلها، والأمور لا تقاس ماديا، وهذا هو شعور كل مواطن بحريني، وسترون هذه المشاعر الطيبة تجاه مصر موجودة فى عيون كل البحرينيين قبل أن تسمعوا كلامهم.
وهنأ وزير الخارجية مصر قيادة وشعبا بالذكرى الرابعة والثلاثين لتحرير سيناء، واسترجع الشيخ خالد آل خليفة ذاكرته إلى العام 1967، مؤكدا أن عمره آنذاك كان يبلغ سبع سنوات، ولم يكن يفهم وقتها ما يجري، وكان هناك الكثير من التشكيك فى قدرة الانتصار فى هذه اللحظة، خصوصا ما بعد العام 1967، لكن الأخبار كانت تتوالي، ورحم الله الرئيس محمد أنور السادات والقادة العسكريين كلهم وعلى رأسهم أحمد إسماعيل على ومحمد عبدالغني الجمسي، فهم كانوا قادة، وكانوا أيضا أبطالا بالنسبة لنا في وجدان الشعب البحريني، ومن ثَمَّ بدأت تلك المرحلة واستعادت مصر كل شبر من أراضيها فى تلك اللحظة.
كما هنأ معالي وزير الخارجية الإخوة المسيحيين في مصر بأعيادهم.
وحول القمة الخليجية الأميركية الأخيرة، أوضح أنها كانت مهمة جدا، وهي ليست أمرا جديدا، فهي بدأت في العام الماضي في كامب ديفيد، وكلنا نعرف بالطبع أن كامب ديفيد كانت في نهاية السبعينات، لكن الرئيس الأميركي باراك أوباما حاول أن يتكلم معنا عما كان في خاطره من أمور بالنسبة لما يطمح إليه من تغيير فى السياسات، أو تعديل في العلاقات بين بلاده وبين دول في المنطقة، خصوصا كبلد مثل إيران، ونحن في دولنا لنا تاريخ من التحالف والعلاقة العميقة وأيضا مصر مع الولايات المتحدة الأميركية.
وقال “إننا نحن أيضا لدينا أمورنا وهمومنا ومشكلاتنا مع بلد مثل إيران، فلذلك نحن أيضا رحبنا بالاتفاق النووى الإيراني (5+1)، لكننا أيضا أبدينا ترحيبا متحفظا.. والسبب ليس عدم ثقة في توجه (5+1)، بل السبب هو تخوفنا من سوء فهم الجانب الإيراني لهذا الاتفاق، أو سوء تقديرهم لما يسمح لهم به هذا الاتفاق، فهذا الاتفاق ليس بين رئيس الولايات المتحدة وإيران، بل هو اتفاق بين ست دول، منها روسيا والصين التي هى أقرب في مواقفها إلى إيران، فإن فهموا أن هذا الاتفاق سيتعلق بالملف النووي، فقط وأنه يجب أن يسهم في إبعاد شبح الحروب والخلاف في المنطقة فهذا فهم صحيح، لكن إن فهموا أن هذا سيطلق أيديهم فى المنطقة، أو فهموا أنه استهداف واستبدال حديث بحديث، فإن ذلك سيكون فهما خاطئا لن يُسمَح به، فأمريكا أكبر من سياسة مرحلة من المراحل، فالولايات المتحدة الأمريكية فيها شعب وكونجرس ومؤسسات فكرية ورأى عام كبير وقوي، ولن يتغير كل هذا فى لحظة بناءً على رغبة سياسية آنية فى وقت ما، فلذلك نتطلع إلى أن إيران لا تفكر كثيرا فى إطلاق يدها في المنطقة أو أن هناك استبدالا.
وردا على سول حول ما إذا كانت أمريكا تريد أن تجعل من إيران شرطى الخليج؟ أجاب الوزير: أن تجعل من إيران شرطيا للخليج مرة ثانية، فإن الأميركيين لديهم في حياتهم وتقاليدهم مسألة الشريف - أي رجل الشرطة- على أن يقبله أهل القرية والمدينة بأنه شريف أو شرطي، لكن أن يأتي أحد ويقول إن إيران هي الشرطي فلن نقبل بذلك، فنحن كدول مجلس التعاون ومصر وعدد من الدول العربية الشقيقة أولى بأمورنا في هذا الشأن، وإن أرادت إيران أن تكون عاملا مسهما فى الاستقرار ودعمه فمرحبا به، وأذكر أننى كنت في إحدى المرات في زيارة إيران، واجتمعت خلالها بوزير خارجيتها آنذاك منوشهر متقي سألني: ماذا تفعل هذه الأساطيل الأجنبية في البحرين وعلى رأسها الأسطول الخامس الأميركي التى تسهم جميعها في حنايا هذا الممر الحيوي؟ وقال إن وجودها تهديد مباشر لإيران، فرددت عليه في الاجتماع بأن هذا ليس تهديدا مباشرا لكم، بل أنت أكبر مستفيد من هذا الوجود، فأنتم تصدرون نفطكم، ولولا هذه القوة التي نتمنى يوما ما أن يكون الأسطول الإيرانى جزءا منها، لما أصبحت تستطيع أن تفرق بين هذا الخليج العربى وخليج عدن المليء بالقراصنة، فسكت الوزير الإيراني وخرجت للمؤتمر الصحفي ووجهت لي السؤال نفسه صحفية إيرانية كانت تحضره، فأجبتها علنا بالجواب نفسه.
وأوضح: إن التحدى الذى تواجهه البحرين اليوم هو أن العالم فيه اتفاقات وعدد من المعاهدات الدولية التي وقعنا عليها وننتمي لها، وبعضها لنا عليها بعض التحفظات، والتحدى هو كيف نتعامل معها فى ظل وجود منظمات المجتمع المدني، والتي وصلت إلى درجة من القوة في بعض الدول إلى درجة أنها تتكلم كأنها الدولة، ونحن يجب أن يكون لدينا ما يمثلنا كمجتمع عربى وفكر تنموى حر يتطلع إلى حماية نفسه من كل هذه المؤثرات، وعلينا ألا نكون سذجا لأن النوايا ليست طيبة من كثير من الأطراف، وعلينا ألا نكون مثاليين ونظن أن الجميع يريد لنا خيرا، فيجب أن نحمي أنفسنا من هذه الأوضاع، وليس معنى ذلك أن نحاربها، بل نتعلم ونوظفها لخدمة مجتمعنا بشكل حقيقي وليس خدمة الحكومات.
وردا على سؤال حول الفرق بين القوة العربية والتحالف الإسلامي، أوضح وزير الخارجية أن القوة العربية المشتركة هي لحماية الدول والدولة الوطنية من مختلف التحديات لتعزيز العمل العربي المشترك، بأسلوب جديد وحقيقي، وليس فقط بما نصدره فى الجامعة العربية من بيانات تعبر عما فى نفوسنا، لكن لا تتعدى في الواقع قدرتها على التأثير، حدا معينا بسيطا.
وردا على سؤال حول الترتيبات الأمنية والعسكرية التى تعتمد عليها البحرين في حماية أمنها، أشار وزير الخارجية إلى أن الترتيبات الأمنية الموجودة اليوم هي ترتيبات مع دول مجلس التعاون الخليجي، في حماية بعضها البعض، وترتيبات أخرى مع دول عربية شقيقة مثل مصر والأردن، ومع دول أخرى، وقد تجسد كل ذلك في اجتماع القاهرة الذي أعطى الشرعية المطلوبة لتحرير الكويت.
وحول ما إذا كان توقيع اتفاقية تعاون دفاعى بين مصر والبحرين هو توجه جديد له علاقة بالموقف الأميركي الجديد وتصريحات أوباما الأخيرة؟”، أوضح الوزير أنه ليس لهذا التوجه علاقة بتصريحات الرئيس أوباما، بل هذا الأمر مبني على مراحل متعددة قديمة مع مصر، تطورت بانتظام، لنصل لمذكرة التفاهم هذه، وهي تتعلق بالعمل المشترك والتدريب المشترك وتبادل الخبرات في أمور كثيرة وليست رد فعل سياسيا أبدا.
وعن مواجهة البحرين للهجمة الشرسة ضدها من جانب الإعلام الغربى وبعض عناصر المعارضة، قال الوزير .. نحن واجهنا حملة إعلامية أشبه بـ “تسونامي” لم نواجه ما واجهناه فى العام 2011 في سابق تاريخنا، ولم تكن لدينا أي قدرة في التعامل مع ما واجهناه، ولم نكن الدولة الوحيدة التي واجهت هذا الهجوم وهذه الحملات الظالمة، شعرنا أن هناك توجها من منظمات المجتمع المدني تستهدف البحرين، لكن هدفها لم يكن البحرين فقط، بل دول اخرى في المنطقة، فمصر تعرضت بشكل كبير لحملات ظالمة، اليوم عرفنا مآربهم وأساليبهم، وأهم شيء اليوم هو حماية الدولة، ووضع آليات حقيقية لعدم تكرار أي خطأ كان.