+A
A-

بخيت ل “البلاد”: تشكيل أول لجنة وطنية بحرينية تعنى بالخلايا الجذعية

بدور المالكي من جامعة الخليج العربي
انطلقت صباح أمس في جامعة الخليج العربي أعمال المؤتمر الإقليمي الثامن لبرنامج سليم الحص للأخلاقيات الأحيائية والاحتراف، التابع لكلية الطب والمركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت، تحت عنوان “الخلايا الجذعية: بين الوعود والجدل” والذي يستمر ليومين، ويعقد بالشراكة مع جامعة الخليج العربي ومركز كليفلاند للتعليم الطبي المستمر المعتمد من قبل مجلس الاعتمادية الأميركي للتعليم الطبي المستمر.
وأشار نائب رئيس جامعة الخليج العربي خالد طبارة إلى أن المؤتمر الذي تستضيفه الجامعة، يقام للمرة الأولى بالبحرين، من خلال التأسيس لأول شراكة في المنطقة مع جامعة الخليج العربي لإقامة هذا المؤتمر؛ لما تمثله جامعة الخليج العربي من دور إقليمي مهم على صعيد الأبحاث والدراسات، والمبادرات الإستراتيجية المهمة للمنطقة.
وأوضح أن جامعة الخليج العربي إذ تحرص على تطور علوم الخلايا الجذعية في المنطقة لما يعول عليها في تحقيق طفرة هائلة على مستوى العلوم الطبية، تعمل بعناية على أن يكون هذه التطور قائماً على الضوابط الأخلاقية، التي تراعي سلامة المرضى، والخصوصية الثقافية والدينية لكل مجتمع.
وأشار طبارة إلى أن المؤتمر في محوره الأول سيناقش أبرز القضايا المتعلقة بتطورات أبحاث الخلايا الجذعية، بينما يناقش المحور الثاني استكشاف التبعات الأخلاقية والسريرية المتوقعة من الاكتشافات العلمية الجديدة في مجال الخلايا الجذعية، وطرح ونظرة الأديان لتلك الاكتشافات وتطبيقاتها، من خلال الخصوصية الثقافية الدينية لكل مجتمع.
وأوضح طبارة في تصريحات لـ”البلاد” أن المؤتمرين سيناقشون التحديات والفرص المتاحة لأبحاث الخلايا الجذعية في المنطقة، وضرورة وضع مبادئ أخلاقية توجيهية لأبحاث الخلايا الجذعية، والملامح العامة للمبادئ التوجيهية المنقحة لأبحاث الخلايا الجذعية، إضافة إلى تبيان دور لجنة الأخلاقيات في الإشراف على التوجهات المبتكرة لأبحاث الخلايا الجذعية، واستعراض أهم التحديات التي تواجه واضعي السياسات في الاستجابة لعلم الخلايا الجذعية، والتحديات التي تعترض تطوير استخدامها، وزيادة مجال ألأبحاث والدراسات المتخصصة بالخلايا الجذعية.
وأوضح نائب رئيس جامعة الخليج العربي طبارة أن المؤتمر يضم نخبة “متخصصة” من الأطباء والباحثين الدوليين المتخصصين في مجال أبحاث الخلايا الجذعية، مبينا أن العلاج بالخلايا الجذعية يعتبر ثورة علمية على الصعيد الطبي.

عرض تجربة شخصية
وعلى كرسي متحرك استعرض عضو جمعية التصلب العضلي المتعدد خلال المؤتمر عبدالله بوجيري، وأمام المؤتمرين، معاناته وتجربته الشخصية مع مرض التصلب العضلي، والتي استمرت منذ العام 1986 ولازال يعيشها حتى الآن، ومعاناته جراء صعوبة تشخيص المرض خلال حقبة الثمانينات، وسفره للعديد من الدول في الخليج والمنطقة، ثم الهند وأوكرانيا، وغيرها من الدول، وتكبده المبالغ المالية المكلفة، أملا بالحصول على علاج شاف، متحدثا ومن خلال تجربته الشخصية عن تقييمه لتجربة العلاج بواسطة الخلايا الجذعية.
وأشار بو جيري في تصريحات لـ”البلاد” إلى أن أكثر من 600 بحريني يعانون هذا المرض، وأن علاج المرض يتم من خلال الخلايا الجذعية إذا تم تشخيصه وعلاجه مبكرا، مؤكدا أن وجود مركز متخصص لهذا المرض أصبح ضرورة ملحة لتزايد أعداد المرضى المصابين فيه، في ظل عدم وجود أعراض واضحة للمرض، وفي ظل عدم وجود توعية حول المرض للعامة من الناس، أو للمصابين فيه.

أول لجنة بالبحرين
وكشف رئيس قسم الطب الجزيئي بكلية الطب بجامعة الخليج العربي مدير مركز الأميرة الجوهرة لعلوم الموروثات والإمراض الوراثية البروفسور معز عمر بخيت، في تصريحات لـ”البلاد” عن أن جامعة الخليج العربي تعمل حاليا على تشكيل أول لجنة وطنية بحرينية تعنى بالخلايا الجذعية، وتضم في عضويتها مركز الأميرة الجوهرة لأبحاث الطب الجزيئي، وزارة الصحة، والهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية؛ لوضع اللوائح الداخلية والاختصاصات والقوانين لتطوير لوائح تنظيم الأبحاث والعلاج باستخدام الخلايا الجذعية في البحرين، مشيرا إلى أن اللجنة ستبدأ عملها قبل نهاية العام الحالي، وبعد طرح الموضوع على جهات الاختصاص.
وبين بخيت أن مركز الجوهرة وجامعة الخليج العربي، يهتمان جدا بالأبحاث والدراسات، وتعدها من أول اهتماماتها وعملها، مشيرا إلى أنهما يصدران وينشران أكثر من 110 بحوث سنويا متخصصة في كل فروع الطب الجزيئي.
من جانبها، أشارت المدير المؤسس لبرنامج سليم الحص للأخلاقيات الأحيائية والاحتراف في الجامعة الأميركية في بيروت “المركز الطبي” تاليا عراوي، وهي حاصلة على الدكتوراه لمرتين في الأخلاقيات الأحيائية، في تصريحات لـ”البلاد” إلى أن المؤتمر يسعى لاستكشاف التبعات الأخلاقية والسريرية المتوقعة من الاكتشافات العلمية الجديدة في مجال الخلايا الجذعية ونظرة الأديان لتلك الاكتشافات وتطبيقاتها.
كما سيناقش المؤتمر التحديات والفرص المتاحة لأبحاث الخلايا الجذعية في المنطقة، ومناقشة ضرورة وضع مبادئ أخلاقية توجيهية لأبحاث الخلايا الجذعية.
وأوضحت الخبيرة تاليا “حقق استخدام الخلايا الجذعية ثورة في عالم الطب في العالم للقضاء على العديد من الأمراض التي كانت تهدد حياة الناس مثل الأمراض السرطانية والسكر والزهايمر”، مردفة أن هذه الأبحاث وعلى أهميتها لكنها لازالت في طور نموها في الوطن العربي، موضحة أن برنامج سليم الحص يسعى لوضع ضوابط مهنية وأخلاقية للأبحاث والعلاج القائم على علوم الخلايا الجذعية.
وعلى جانب متصل، أفاد مدير الأخلاقيات الطبية في المركز الطبي الدولي بجدة محمد البار في تصريحات لـ”البلاد”، عن أن الخلايا الجذعية أصبحت تستخدم كحل طبي لعلاج الكثير من الأمراض التي لم يكن لها علاج حتى فترة قريبة، كالأمراض السرطانية مثل اللوكيميا، أمراض نقص المناعة الخلقي، والعديد من الأمراض الوراثية،والسكري والزهايمر، وأمراض القصبة الهوائية، والباركنسون، مؤكدا أن استخدام الخلايا الجذعية، استطاع أن ينقذ 90 % من مرضى السرطان الأطفال المصابين باللوكيميا.

الإسلام مع الخلايا الجذعية بشروط
وأوضح البار أن المملكة العربية السعودية لديها العديد من المراكز المتخصصة في هذا الجانب، مؤكدا أن شريعتنا الإسلامية لا تمنع حتى من إنشاء بنوك خاصة للاحتفاظ بهذه الخلايا مادامت تستخدم في العلاج، وإذا تم استخلاصها من المشيمة “الحبل السري” والذي يتم التخلص منه وإلقاؤه بعد الولادة، وليس هناك ما يمنع شرعا من نقل الخلايا الجينية في حالة الجنين الميت واستخدامها لعلاج الأمراض المستعصية في المخ، أو النخاع أو الكبد، وخلايا الكلي والأنسجة الأخرى مادامت تخضع للمعايير الأخلاقية والشرعية.
وأشار إلى أن المجمع الفقهي الإسلامي في السعودية أجاز في مارس 1990 العلاج بالخلايا الجذعية، إلا أنه حرم الإجهاض من أجل الحصول على خلايا الأجنة أو استثمارها تجاريا أو بيعها لإجراء التجارب عليها واستخدامها في زرع الأعضاء، واستخراج بعض العقاقير وأجاز الانتفاع بالخلايا الجينية المستحدثة من الأجنة المجهضة لأسباب علاجية أو الأجنة الساقطة والتي لم تنفخ فيها الروح بعد، سواء في زراعة الأعضاء أو الأبحاث والتجارب مع ضرورة الموازنة الشرعية بين المفاسد والمصالح.
وأشار البار إلى أن وجهة النظر إلاسلامية تؤكد أن الدين يحث على العلم والمعرفة من خلال العديد من آياته التي تدعو إلى التفكر والتبصر، مضيفا أنه لا يوجد خلاف بين الدين والعلم، فالحضارة الإسلامية زاخرة بالعلماء ومثال على التعايش الثقافي والنهضة المشتركة من خلال توظيفها لمختلف الأعراق والأديان التي عاشت في كنفها. واستشهد البار بمقولة العالم الإسلامي ابن رشد “من درس التشريح ازداد إيماناً بالله”، موضحاً أن نقاش العلماء يجب أن يتوجه إلى تنظيم الأبحاث الحديثة بما يراعي الأخلاقيات الإنسانية، ويتسق مع الشرائع، لكن الدين لا يتعارض مع العلم.