+A
A-

الخطاب الإعلامي الإيراني ما بعد الثورة: لإظهار قداسة المرشد واستعراض عضلات “النووي”

الجفير - جمعية الصحفيين البحرينية: ضمن فعاليات مجلسها الإعلامي الشهري، استضافت جمعية الصحفيين البحريني مستشار المؤسسة العربية لحقوق الإنسان عبدالستار الراوي، الذي تناول في ندوة مفتوحة تحت عنوان “حقيقة الخطاب الإعلامي الإيراني في المرحلة الراهنة”، إذ كشف عن أن الخطاب الإعلامي لما بعد الثورة الإيرانية كان يتلخص في مطلقات، قداسة المرشد ومثالية التجربة والزهو النووي باستعراض القوة والإعلان الصريح عن وجود قوات قاهرة، وتميز الخطاب بالمركزية وتفكيك الكيانات المعارضة للنظام والتحريض خارج الحدود.
وفي بداية الندوة، استعرض الراوي مراحل تطور الإعلام في إيران، مشيرا إلى أن تاريخه بدأ مع بدايات القرن الثامن عشر بصحيفة ذات صفحة واحدة، ثم تطور الأمر وصولا إلى العام 1851 الذي شهد ظهور أكثر من إصدار، وقال إن الصحافة المعارضة كان لها نشاط كبير من بداية تلك الفترة وحتى العام 1904، وإلى أن حدثت نقلة كبرى في الفترة من 1905 وحتى 1908، إذ صدرت أكثر من 371 صحيفة.
وأوضح الراوي أن عصر شاه إيران محمد رضا بهلوي شهد حرية في الصحافة لكنها كانت محدودة، ثم جاءت الثورة الخمينية بعد ذلك بوعود من الخميني بمنح الحرية للجميع، والذي قال في خطاب له إنه في حال وصوله للحكم فسيجعل الحرية كما هي في أوروبا، لكن لم يمض سوى 24 ساعة على ذلك الخطاب حتى تم إحراق صحيفتين وفي العام نفسه أُحرقت 54 صحيفة وشهدت الصحافة المعارضة والتيار اليساري هجوما شرسا من مسلحين تحت مسمى “فدائيو جيش الإمام”، كما تمت مصادرة 154 صحيفة وجرى طرد مراسلي الصحف ووكالات الأنباء العالمية، وأطلق على هذا اليوم “تفوق السيف على القلم”.
وقال مستشار المؤسسة العربية لحقوق الإنسان أن 444 صحيفة كانت تعمل قبل الثورة تم تصفيتها لتصل إلى 121 فقط وتلك التي كانت مؤيدة للنظام دون استثناء، ثم شهد العام 1981 تحولا كبيرا، بانتقال الإعلام ليصبح تابعا لمكتب الخميني، ونوه إلى أن فترة حكم رفسنجاني شهدت شبه انفتاح، إذ تم تعليق مصطلح تصدير الثورة واهتم بالصناعة، لكن العلاقة مع الصحافة والإعلام لم تكن بالجيدة، إذ أُغلقت عشرات الصحف.
وتأتي الفترة الذهبية للإعلام في فترة حكم محمد خاتمي “1997-2005”، إذ شهد الإعلام فيها نشاطا إيجابيا ملحوظا واسترد مكانته في إيران، وركز خاتمي في خطابه على الحرية والحوار مع الدول الأخرى والإصلاح الذي وصل إلى مؤسسات عديدة في الدولة، لكن عراقيل كثيرة وضعت في طريقه وتم تطويقه، وشاعت في فترة حكمه ظاهرة اغتيالات الكتاب ووضع عشرات الصحافيين والكتاب ممن ساندوه في السجون، لكنه لم يتردد في كشف ما يحيق به للشعب الذي انتخبه لفترة رئاسية ثانية.
وأوضح الراوي أن الدستور الإيراني وضع صلاحيات بلا حدود للمرشد الأعلى، ووقفت القوانين أمام الإصلاحي الذي كان يأمله خاتمي، ثم شهدت البلاد الحركة الخضراء الإصلاحية في عصر أحمدي نجاد “2005-2013” وطالب فيها الشعب بتقييد حرية المرشد الأعلى وأن يكون خاضعا للقانون والدستور الذي ذكر في مواده ما يؤكد قداسته وولايته المطلقة، لكن تم إعدام الصحافيين وإخفاء العشرات منهم قسريا، وترحيل آخرين بتهم التجسس والعداء للثورة الإسلامية حتى أطلق عليهم وقتها “المغضوب عليهم”.
ولفت الراوي إلى أن الخطاب الإعلامي عانى من صراع قديم بين الحوزة والجامعة، واستمر هذا الصراع حتى اليوم، وحاول الخميني التوحيد بين الاثنين لكنه فشل، وقال إن مفهوم الثورة مستمر في الخطاب الإعلامي، وإن تلك الثورة لديها قانون استثنائي ومن أمثلتها محاكم رجال الدين ولجان حماية الثورة والتي تحولت إلى أدوات قمع، وكان هدف الخطاب الإعلامي إرسال رسائل للداخل والخارج بأن الدولة الإيرانية مخلوق إلهي وأن إيران أرض الله.
وأشار عبدالستار إلى أن بعض العرب استبشروا خيرا بالثورة الإيرانية وانخدعوا فيها بسبب الشعارات المرفوعة وقتها وهي إسقاط إسرائيل وإقامة فلسطين مكانها، وهو ما تم فعله بالسفارة الإسرائيلية، لكن الخطاب الإعلامي للخارج كان تحريضيا وتعبويا للشعوب الإسلامية أن تنتفض على الأنظمة القائمة، واستمر هذا النهج لمدة 37 عاما هي عمر الثورة الإيرانية.