+A
A-

محامون ل “البلاد”: إهانة الجهات النظامية في “تويتر” تقود لإدانة قضائية

البلاد - عباس إبراهيم
قال محامون إن الفيصل ما بين حرية الرأي وجريمتي السب والقذف محل خلاف بين العاملين في الوسط القانوني، بمختلف مسمياتهم؛ لأن يرجع إلى تقدير قاضي الموضوع. وبيّنوا في استطلاع أجرته “البلاد” أن الضوابط التي وضعها الدستور واضحة وجلية، فقد نص على عدم المساس بأسس العقيدة الإسلامية، ووحدة الشعب، وعدم إثارة الانتقاد للفرقة والطائفية.
وأضافوا بأن ليس من المقبول إهانة أياً من الجهات النظامية، بواسطة أيٍ من أفراد المجتمع علانيةً، سواء عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو غيرها.
وبينوا أن على كل فرد أن يتجنب الألفاظ النابية أو المهينة، وألا يثير الفرقة والطائفية بين أبناء المجتمع الواحد، أو يمس كرامة أو سمعة عائلة معينة مثلاً.
وذكروا أنه طالما انتقى الفرد العبارات السليمة وعبر عن رأيه بطريقة مهذبة وتجنب إسناد الاتهامات جزافاً، فإنه لا يمكن إدانته بجريمتي السب والقذف.
وقالوا إن حرية الرأي مكفولة دستورياً، وعلى صاحب الرأي ألا يتعداها إلى حد الإساءة والاعتداء على الشرف والاعتبار بحق سلطات الدولة أو أفرادها.
حرية وضوابط
وقال المحامي إسلام غنيم إن حرية الرأي والتعبير مكفولة في الدساتير الديمقراطية، وإن أحد صورها هو “حق النقد”، والذي يعتبر ركيزة ودعامة أساسية لأي نظام ديمقراطي.
وأضاف أن الفيصل ما بين حرية الرأي وجريمتي السب والقذف محل خلاف بين العاملين في الوسط القانوني، بمختلف مسمياتهم؛ لأن يرجع إلى تقدير قاضي الموضوع.
وبيّن غنيم أن الضوابط التي وضعها الدستور واضحة وجلية، فقد نص على عدم المساس بأسس العقيدة الإسلامية، ووحدة الشعب، وعدم إثارة الانتقاد للفرقة والطائفية.
وأكد أن الدستور أتاح للأفراد المشاركة بالرأي في الشؤون العامة وإدارة وحل المشكلات التي تواجهها السلطات؛ بهدف تقويم أعمال الحكومة وتصحيح الخلل والقصور إن وجد، على حد تعبيره.
انتقاد موضوعي
وتابع: حرية النقد السياسي تخضع لقيد رئيس، مفاده عدم المساس بشرف الشخص أو اعتباره، فإن تجاوزه صاحب الرأي خرج عن نطاق الحماية الدستورية، وأصبح مسؤولا جنائياً.
وأوضح أن هذا الانتقاد لابد وأن يتعلق بمعالجة حقيقة ثابتة ذات أهمية اجتماعية مهمة للمصلحة العامة، وبوجه خاص يعد ضرورة لازمة لا يقوم من دونها العمل الوطني.
واعتبر أن النقد لا ينتقص من عمل المؤسسات، بشرط أن يقتصر على التصرف موضوع النقد ذاته، لا على الأشخاص أو الجهات.
مصادرة الحق
وأشار إلى أن المحكمة الدستورية العليا المصرية أوضحت في حكم لها حدود النقد السياسي البنّاء بقولها “أنه لا يراد بها أن ترصد السلطة التنفيذية الآراء التي تعارضها”؛ لأنه لو سلّمنا بذلك لكان من حق هذه السلطة أن تُصادر الحق في الحوار العام، وهو حق يتعين كفالته لكل مواطن على قدم المساواة.
وأكد غنيم أنه ومن باب أولى إن تعرضت السلطة التشريعية -الممثلة للشعب- للنقد البنّاء الذي يصحح مسار أعضائها، فليس لها الحق في مصادرة هذا النقد وملاحقة أصحابه، مادام الرأي يتضمن حقائق ثابتة ويستهدف المصلحة العامة ولا يتضمن مساساً بسمعة شخص أو اعتباره، حسب رأيه.
مكانة اجتماعية
وقال المحامي علي القطاف إنه ثمة قيد على كل قولٍ يندرج تحت مقولة الرأي أو التعبير، يتمثل بعدم الإساءة للغير فيما يتعلق بالشرف والاعتبار.
وعرّف الشرف والاعتبار من الجهة الموضوعية أنهما المكانة التي يحتلها كل شخص في المجتمع وما يتفرع عنها من حق في أن يعامل على النحو الذي يتفق مع هذه المكانة، أي أن يعطى الثقة والاحترام اللذين تقتضيهما مكانته الاجتماعية.
وتابع أما من الجهة الشخصية، فهما شعور كل شخص بكرامته وإحساسه بأنه يستحق من أفراد المجتمع معاملة واحتراماً متفقين مع هذا الشعور.
إهانة علنية
وأضاف لذلك، فإنه من هذا المنطلق ليس من المقبول أن يتم إهانة أياً من الجهات النظامية، بواسطة أيٍ من أفراد المجتمع علانيةً، سواء عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو غيرها.
وأشار إلى أن العلانية تتمثل في الوسيلة المستخدمة لوصول رأي فرد واحد لباقي أفراد المجتمع بالفعل الماس بشرف المجني عليه على نحو تهبط به مكانته لدى المجتمع.
علة التجريم
وأوضح القطاف أن علة تجريم إهانة الهيئات الحكومية تتمثل في حماية المكانة الاجتماعية للمجني عليه، تمكيناً له من الإسهام في رعاية مصالح ذات أهمية.
وأكد أنه في حال عدم إنكار تلك الجهات لما يعتبر إهانة لها، فإنها تدل على عدم وجود ثمة مكانة اجتماعية تحظى بها.
وقال إنه يتحتم على تلك الجهة إثارة الطلب للنيابة العامة بشأن تحريك دعاوى ضد الأشخاص المسيئين لشرف واعتبار المجني عليه.
انتقاد بنّاء
وعلى الصعيد ذاته، أوضحت المحامية نجلاء علي باقر أن حرية الرأي والتعبير مقيدة بقيود يجب أن يفرضها الفرد على نفسه قبل القانون أثناء إبدائه رأيه أو انتقاده أي شخص أو موظف أو سلطات الدولة.
وبينت أنها تنحصر في الإطار البنّاء فقط، والذي لا يمس أي جهة كانت، مؤكدة أنها مكفولة للجميع بموجب نصوص الدستور البحريني.
وأضافت أن على كل فرد أن يتجنب الألفاظ النابية أو المهينة، وألا يثير الفرقة والطائفية بين أبناء المجتمع الواحد، أو يمس كرامة أو سمعة عائلة معينة مثلاً.
أدب الحوار
وقالت باقر إنه طالما التزم الفرد بهذه الحدود وانتقى العبارات السليمة أو أبلغ بحسن نية لأي جهة إدارية أو قضائية بأمر يستوجب مسؤولية فاعله، وعبر عن رأيه بطريقة مهذبة، وتجنب إسناد الاتهامات جزافاً. وتابعت أنه في هذه الحالة لا يمكن إدانته بجريمتي السب والقذف، باعتبار أن ما أبداه هو مضمون حرية التعبير المكفولة دستورياً والمواثيق الدولية.
وأردفت على أن العبرة بالألفاظ المستخدمة في التعبير عن الرأي، وطريقة الإسناد للأفراد والجهات المعنية، ونشرها أمام العامة.
مشكلة شخصية
من جهته، رأى المحامي نايف الجنيد أن “شخصنة” الخلافات بديهياً ستصطدم مع حرية التعبير، ففي حال كان لدى أي فرد مشكلة مع شخص معين أو جهة معينة عليه أن يتجه إلى علاج أصل المشكلة من منطلق موضوعي.
وتابع أن حل المشكلة يجب أن يتم دون التعرض إلى الشخصيات سواء كانت اعتبارية “مؤسسات حكومية مثلاً” أو طبيعية “أفراد”.
ونبه إلى أن أي انتقاد من قبل الأفراد لمؤسسات الدولة عامة أو للأشخاص فيها، يجب ألا يتعارض مع المبادئ والأخلاق، بل على العكس يجب تغليفه بقالب مشروع دون التعرض إلى الأشخاص أنفسهم.