+A
A-

محمد حدّاد: سأرسم حياة فان جوخ موسيقيًا

محمد حدّاد مؤلف وناقد موسيقي انساق نحو سحر الموسيقى عندما كان في السابعة من عمره ثم صعد السلم الموسيقي بنجاح، درس في معهد الكونسرفتوار بأكاديمية الفنون بالقاهرة، وساهم في تأليف الموسيقى التصويرية للعديد من الأعمال المسرحية والسينمائية البحرينية والخليجية، وكتب العديد من المقالات عنها، ويشغل حاليًا منصب اختصاصي النشاط الموسيقي بجامعة البحرين.
- متى بدأ شغفك و توجهك نحو الموسيقى؟
في صغري كنت مغرم بأي شيء يصدر أنغاما، وكان الفنان خالد الشيخ يبهرني حين يمسك العود، أو في التجمع العائلي أرى قريبي حسن حداد يعزف، وتزايد هذا الحب حتى قررت أن أدرس الموسيقى، كما أن إيمان والديّ بالموسيقى ساعدني في ذلك؛ لأنهم عملوا على تشجيعي دائما بالهدايا الموسيقية التي كانت مكافأة مقابل نجاحي في المدرسة، وبعد ذلك سعوا لتذليل كل الصعوبات أمامي.

- كيف تكتب وتشكل الموسيقى التصويرية لعمل ما؟ كيف تحدد الآلة المناسبة للعمل؟
حسب نوع العمل، مثلاً في الأفلام الطويلة تمثل الفترة الزمنية أو المنطقة التي يتم تصوير لفيلم فيها أو الحالات النفسية للأبطال، أو لكل شخصية أساس في الفيلم تكون هناك موسيقى مصاحبة له حين ظهوره، وفي الأفلام القصيرة لأن مدة الفيلم تكون أقصر، ونستخدم موسيقى تعطي حالة شاملة، أما الآلات حسب سرد القصة، وفي نوع الأحداث يتم توظيف الخامة الصوتية والمقامات الموسيقية، مثلا قصة فيلم “مريمي” راقصة في الستينات وشخصيتها منبوذة، بحثت فوجدت في السعودية “إيقاع ينبعاوي”، وبنت عليه اللحن الحزين بالكمان؛ ليتوافق مع أجواء المنطقة.

- إلى أي مدى يمكن أن تساهم الموسيقى التصويرية في نجاح وانتشار العمل؟
هي عنصر أساس يساهم في نجاح المادة الفيلمية؛ لأنها تدعم الحالة الدرامية، وتترجم الانفعالات والأحداث لبداية أو نهاية حدث ما.
أما بالنسبة إلى انتشار العمل فتساهم في تسويق الأعمال أحيانا، وفي كثير من الأفلام يتم تسويقها عن طريق الثيمة الأساس للفيلم، فمثلا في بعض الأعمال تكون الثيمة غنائية، ومن الممكن أن تصل للناس بسهولة لأنه من الممكن حفظها.

- ما هو رأيك في الموسيقى الإلكترونية؟
أفضل دائما الأصوات الطبيعية، لكن استخدمها حين الحاجة إليها، وأحاول أن يكون الصوت قدر الإمكان قريب من الآلات الحقيقية، ففي موسيقى فيلم “سيحل النور” استخدمت حوارًا بين العود وبين الذبذبات الكهربائية للمصابيح حين اشتغالها.

كيف كان دور والدك في صقل تجربتك الفنية؟
كان المنزل أشبه ما يكون بمكتبة في كل غرفة، فهناك كومة من الكتب، وكانت أمي توقظنا صباحا بالشعر والغناء الفصيح، وحواراتنا معا تفوح منها رائحة الشعر، والعلاقة الأبوية بيننا مقتبسة من نصوصه التي حفظتها، وكنت أجادله بها أحيانا، كما استطاع والداي توجيه ذائقتي الفنية بشكل دقيق، وأن أكون محصنا من الإنتاجات الموسيقية الفاسدة دون فرض ذلك علي.

- حدثنا عن ألبوم طرفة بن الوردة الذي نال جائزة الموسيقى العالمية.. كيف كانت تجربة العمل معه وماذا أضافت لك؟
في زيارة له أثناء وجوده في ألمانيا، جاءت فكرة إمكانية محاكاة الموسيقى للنص، وكانت شقيقتي قد اتفقت معه مسبقا أن توثق التجربة، ثم تطورت الفكرة لعمل مشترك بيننا، لقد عملت مع والدي مسبقا، لكن هذه التجربة أضافت لي الكثير ولها خصوصية مختلفة، لأنه عمل عليها قرابة 40 عاما ومهمة بالنسبة له، كما كانت ممتعة، لأننا دخلنا في رحلة بحث عن شخصية طرفة، وتقديم شاعر برؤية موسيقية دون وجوده، ولا يوجد مصدر له إلا نصوصه وبعض ما كُتب عنه، إلى جانب ما كتبه والدي، كنص فنتازي يحتوي على بعض الخيال والتقمص، كل ذلك جعلني أكون في منطقة حرة للتأليف، واستعنت بالأصوات الموجودة في البحرين التي يقال إنه منها.

- “مكان آمن للحب” جملة شعرية لقاسم أصبحت تسمية لنادي الموسيقى بجامعة البحرين، كيف تصف علاقتك كأستاذ بالطلبة؟
حاولت منذ بداية عملي ألا يكون هذا المكان للموسيقى فقط، بل إلى كل أنواع الإبداع، لأن الطلبة لديهم طاقات ومواهب متعددة، وذلك جعل تجاربهم تنضج أكثر، لأنني أعتقد أن تجربة الموسيقى يجب أن تكون من الفنون الأخرى أيضا، كما أن تجاربهم مذهلة ولديهم القدرة في تطوير أنفسهم، وهذا ما نحتاجه من هذا الجيل لمواكبة العالم الإبداعي، وأتمنى فقط أن أكون قريبا من هذه التجارب.
- لقد تم اختيارك للانضمام إلى أكاديمية الموسيقى الأوروبية للسلام.. ماذا تمثل لك هذه العضوية؟
أعجبني ربط المشروع الموسيقي كمشروع أساس بالسلام، والذي نحن بحاجة له، ومحاولة خلق مشاريع تتقاطع مع المشاريع السلمية التي يسعى لها، كما أنه شرف كبير أن يتم اختياري، لأن بها نخبة مميزة من الفنانين العالميين، وأتمنى أن تصل الأكاديمية إلى تحقيق رؤيتها وأن أساهم في ذلك.

- شاركت مؤخرًا بحلقة نقاشية في معرض “إيقاع مجرد”، إلى أي مدى ترتبط الموسيقى بالفنون الأخرى؟
أعتقد أن الإيقاع موجود في كل الفنون، هذا المعرض كان بالتزامن مع فعاليات مهرجان البحرين الدولي للموسيقى، والجلسة كانت مثرية؛ لأنها احتوت على موسيقيين وتشكيليين و مصورين وجمع من المهتمين ممن لديهم حس بالإيقاع، وفيها تحدثنا عن استنطاق الإيقاع في العمل البصري وكيفية التمرد عليه.
حوار: فاطمة الناصر
طالبة إعلام بجامعة البحرين