+A
A-

الانسحابات من بورصة الكويت تبدد حلم الترقي للأسواق الناشئة

الكويت - رويترز: منذ أن تمت ترقية بورصتي قطر ودبي من مرتبة الأسواق المبتدئة إلى الأسواق الناشئة قبل نحو عام من الآن، يحلم المسؤولون الكويتيون بالوصول ببورصتهم إلى هذه المرتبة.
لكن هذا الحلم أصبح اليوم مهددا؛ بسبب موجة متصاعدة من الانسحابات للشركات المدرجة من البورصة.
وخلال 2014 و2015 أعلنت 17 شركة انسحابها النهائي وبشكل اختياري من بورصة الكويت من إجمالي 211 شركة كانت مدرجة بالبورصة في بداية 2014.
كما أعلنت البورصة من جانبها خلال الفترة نفسها إلغاء إدراج خمس شركات؛ بسبب افتقادها متطلبات الإدراج سواء بسبب إيقافها فترات طويلة عن التداول أو بسبب تجاوز خسائرها 75 % من رأس المال.
وفي المقابل، لم يتم خلال 2014 و2015 إدراج سوى شركتين فقط هما فيفا وميزان القابضة.
وعلى النقيض من بورصة الكويت، تبدو أسواق أخرى رئيسة في المنطقة جاذبة للشركات.
ففي سوق الأسهم السعودية أكبر بورصة في الوطن العربي، والتي تضم 171 سهما مدرجا لا توجد أي حالات انسحاب للشركات من البورصة. ومنذ بداية العام أدرجت ثلاث شركات جديدة أسهمها في السوق مقارنة بستة طروحات أولية في 2014.
وفتحت البورصة السعودية أبوابها أمام الاستثمار الأجنبي المباشر في يونيو من هذا العام.
وفي سوق دبي المالية، جرى إدراج أربع شركات جديدة خلال العام 2014، بينما اجتذبت سوق المال المصرية أربع طروحات أولية في عامي 2014 و2015، ولم تخرج سوى شركة واحدة هي بسكو مصر بعد استحواذ كيلوج الأمريكية عليها في مطلع 2015.
وتعتمد ترقية البورصات من مرتبة الأسواق المبتدئة إلى الأسواق الناشئة على معايير عدة، بعضها يتعلق بالاقتصاد الكلي ومدى تطوره، وكثير منها يتعلق بالبورصة ذاتها وتنوع الأدوات التي تسمح بتداولها ونسبة تملك الأجانب بها، والتشريعات التنظيمية للسوق ومدى التزام الشركات المدرجة بقواعد الحوكمة.
وتبرر الشركات انسحابها الاختياري بعدد من العوامل من أهمها ضعف حركة التداول وضآلة قيمتها اليومية والانخفاض المستمر للمؤشر الرئيس، إضافة للمصاريف التي تتكبدها هذه الشركات كرسوم سنوية مقابل الإدراج في وقت لا تزال تئن فيه من تداعيات أزمة 2008.
ويقول كثير من الخبراء إن الشركات المنسحبة تسعى كذلك لتجنب المصاريف الإضافية التي ستترتب عليها نتيجة لتطبيق معايير الحوكمة وفقا لقانون هيئة أسواق المال دون أن تجد عائدا ملموسا مقابل هذا التطبيق أو ترى له ضرورة.
وتلزم هذه المعايير الشركات بتعيين مدققي حسابات إضافيين ومديرين للمخاطر بمواصفات خاصة، وغير ذلك من الوظائف التي لم تكن موجودة في كثير من الشركات الكويتية سابقا.
وهوى المؤشر الرئيس لبورصة الكويت بسبب الأزمة العالمية من مستوى 15667 نقطة في 25 يونيو 2008 إلى أن هبط حاليا عن 5800 نقطة.
وفي ظل التراجع الكبير الذي تشهده بورصة الكويت، تجد الكثير من الشركات المدرجة أن الخروج من السوق سيوفر لها نفقات كبيرة، ويعفيها من عناء تلبية تعليمات هيئة أسواق المال وأوجه الرقابة التي تعتبرها مزعجة.
وتوقع مدير المجموعة المحاسبية في شركة الصالحية العقارية محمد المصيبيح مزيدا من الانسحاب للشركات الصغيرة لاسيما في القطاع الاستهلاكي وقطاع العقار مع ضآلة أرباح الشركات.
وقال المصيبيح إن تكاليف الإدراج وتلبية متطلبات الهيئة تصل في بعض الأحيان إلى نحو 20 % من الأرباح الصافية لشركة لا تربح سوى مليون دينار في السنة.
وتوقع أن تظل الشركات الكبيرة ذات الإمكانات الكبيرة فقط في السوق، وهو ما سيؤثر سلبا على القيمة المتداولة يوميا في البورصة؛ لأن الشركات الصغيرة “هي ملح السوق”، وكثير من المضاربات تحدث على أسهمها، بينما يكون من الصعب المضاربة على الأسهم الثقيلة التي تحتاج أموالا طائلة.
وأضاف أن هذا الأمر سيؤثر سلبا على إمكانات ترقية البورصة لوضع الأسواق الناشئة؛ لأنه “إذا راحت السيولة والمضاربة، فلن تكون هناك إمكانية للترقية”.
لكن الرئيس التنفيذي لشركة الفارابي للاستثمار فؤاد عبدالرحمن الهدلق، قال إن ظاهرة الانسحاب من البورصة لن تؤثر كثيرا على الخطوات الحكومية الرامية لترقية بورصة الكويت، والتي تمثل آخرها في إقرار تعديلات جديدة لقانون هيئة أسواق المال.
وأقر البرلمان الكويتي في أبريل الماضي تعديلات وصفت بالمهمة على قانون هيئة أسواق المال الذي صدر لأول مرة في 2010، حيث أعرب مسؤولون حكوميون في حينها ونواب في البرلمان عن أملهم أن تؤدي هذه الخطوة؛ لجذب مزيد من المستثمرين، وتساهم في ترقية بورصة الكويت لمرتبة الأسواق الناشئة.
وكان كثيرون يترقبون إقرار هذه التعديلات لمواجهة ما يعتبرونها قيودا فرضها القانون الأصلي على عمليات التداول والاستحواذ والمضاربات، ويرون أنها أدت إلى عزوف المستثمرين، وهبوط شديد في قيم التداول اليومية.
وأوضح الهدلق أن الشركات المنسحبة من البورصة صغيرة جدا، ولا تمثل تداولاتها سوى ما بين ثلاثة إلى أربعة في المئة من القيمة الإجمالية، وبالتالي فلن يؤثر غيابها كثيرا على البورصة التي تعتمد بشكل رئيس على الشركات الكبيرة مثل زين وبيت التمويل الكويتي وأجيليتي وبنك الكويت الوطني، والتي لا تفكر مطلقا في اتخاذ مثل هذه الخطوة.
وشكك مدير شركة العربي للوساطة المالية ميثم الشخص في المساعي الرامية لترقية البورصة الكويتية في ظل التراجع المستمر للمؤشرات ولأسعار الأسهم، مبينا أن الكثير من المستثمرين ممن اشتروا بهدف الاستثمار قصير الأجل سجلوا خسائر كبيرة.