+A
A-

النصري: إنشاء مجمع محاكم جزئية في كل محافظة سيطوي ملف القضايا المتراكمة نهائيا

البلاد - إبراهيم النهام
دعا المستشار القانوني إسماعيل عمر النصري إلى إنشاء مجمع محاكم جزئية في كل محافظة من محافظات البحرين، موضحاً بأن هذه الخطوة ستكون علاجاً ناجعاً للتكدس الذي تشهده المحاكم باختلاف أنواعها ودرجاتها، إضافة إلى خلق فرص وظيفية ممتازة لخريجي كليات القانون. وقال النصري في حوار مع “البلاد” بأنه يتوجب على الجهات المختصة أهمية وضع اشتراطات أوسع على منح المحامي ترخيصا لفتح مكتب باسمه وذلك بعد التأكد من أن هذا المحامي بالفعل هو متمكن في ممارسة المهنة، وتحقيق الإضافة المطلوبة لها “مزيدا” . سيسهم ذلك بخلق جيل قوي من المحامين، وهو ما نحتاجه فعلاً”.
وقال: “تسليط مزيد من الضوء على سيادة القانون كأصل من الأصول الدستورية بالمملكة مطلب ملح، بما يتحقق معه الهدف المنشود من ذلك، وهو تحقيق مبدأ الحماية ضد الأحكام التعسفية في الحالات الفردية، وهذا بدوره سيصب في مصلحة دعم مسيرة الاقتصاد البحريني في ظل تطبيق كل القوانين على الجميع”. وكانت مجلة (The Legal 500)، والتي تعنى بتسليط الضوء على المستشارين القانونيين الأكثر نفوذا على مستوى العالم، قد أوردت مؤخراً أسم المستشار النصري ضمن قائمة المستشارين القانونيين المئة الأكثر نفوذا على مستوى دول الشرق الأوسط، حيث تضمنت هذه القائمة أسماء (11) مستشاراً قانونياً ينشطون في مجال البنوك وشركات الاتصال والطيران والشركات القابضة.

وفيما يلي نص اللقاء:
- بداية، هل لك أن تقدم للقرّاء بطاقة شخصية موجزة؟
مستشار قانوني حاصل على شهادة البكالوريوس في القانون مع مرتبة الشرف من جامعة النيلين (جامعة القاهرة فرع الخرطوم) بالسودان، فضلاً عن أنني أعمل كعضو مشارك لدى معهد المحكمين القانونيين بإنجلترا، إضافة إلى ذلك، فإنني حاصل على موافقة مصرف البحرين المركزي للعمل كمراقب شرعي داخلي في البنوك الإسلامية.
بدأت حياتي المهنية كمحام متدرب بالسودان، ثم انتقلت للعمل بمملكة البحرين منذ نحو (12) عاماً للعمل بها، حيث تدرجت بالعمل لدى مكاتب المحاماة، وبعد حصولي على الخبرة اللازمة، انتقلت للعمل في مجال البنوك الإسلامية، ومنها للبنوك التقليدية، حيث أشغل حالياً منصب رئيس الشؤون القانونية، وسكرتير مجلس الإدارة لدى بنك (اليوباف) العربي الدولي.
- من خلال ممارساتك المهنية، كيف تقيم مدى النضج القانوني البحريني على الأصعدة كافة، وما الذي تحتاجه البحرين في الوقت الراهن والمستقبلي؟
تشهد مملكة البحرين -حالياً- نهضة اقتصادية كبيرة يقودها قطاع العقارات، ويلاحظ ذلك بشكل كبير في الانعكاس الواضح على مستوى قطاع السياحة والضيافة، حيث تم افتتاح العديد من الفنادق العالمية بالبحرين في الفترة الممتدة من نهاية العام الماضي وحتى الآن، كما أن البحرين تظل جاذبة للمستثمرين الذين يجدون في السوق البحرينية سوقاً مرنة وقابلة للاستثمار فيه أكثر من بعض الأسواق الأخرى في المنطقة.
وفيما يتعلق بالنضج القانوني البحريني، فإنه يوجد هنالك العديد من القوانين القديمة والحديثة وأيضاً المعدلة تحتاج آلية جادة لتطبيقها ولمتابعة تنفيذها ورصدها خصوصا تلك القوانين التي تدعم مسيرة الاقتصاد البحريني مثل قانون الشركات وقانون الإيجارات وقانون التحكيم.
وما تحتاجه البحرين في الوقت الراهن والمستقبل القريب هو تسليط مزيد من الضوء على سيادة القانون كأصل من الأصول الدستورية بالمملكة، بما يتحقق معه الهدف المنشود من ذلك، وهو تحقيق مبدأ الحماية ضد الأحكام التعسفية في الحالات الفردية، وهذا بدوره سيصب في مصلحة دعم مسيرة الاقتصاد البحريني في ظل تطبيق كل القوانين على الجميع.
- ما أهم الإشكالات التي تواجهها المحاكم المدنية والشرعية والجنائية البحرينية؟
الكم الهائل من القضايا المنظورة أمامها بشكل يومي في ظل محدودية المحاكم التي تنظر هذه القضايا باختلاف أنواعها ودرجاتها؛ الأمر الذي يشكل ضغطاً كبيراً على هذه المحاكم والقضاة العاملين فيها.
ولذلك، فإنني أقترح إنشاء مجمع محاكم جزئية في كل محافظة من محافظات البحرين يتضمن جميع المحاكم المدنية والشرعية والجنائية الصغرى منها، والكبرى وأيضاً الاستئناف والتنفيذ، على أن تظل محكمة التمييز بشكلها ومقرها الحالي بالمنطقة الدبلوماسية.
إنني على قناعة تامة بأن هذه الخطوة ستكون علاجاً ناجعاً للتكدس الذي تشهده المحاكم باختلاف أنواعها ودرجاتها، وأيضاً سيخلق فرصا وظيفية ممتازة لخريجي كليات القانون، وفيه أيضاً الكثير من التخفيف على المتقاضين الذين يعانون الويلات في التنقل من مناطقهم لمقر المحاكم الحالي بالمنطقة الدبلوماسية، ومن ثم البحث عن موقف مناسب لسياراتهم.
- ما مقترحاتك لتطوير المنظومة القضائية، ومدى تأثير ذلك على الاقتصاد البحريني؟
بداية، لي أن أشيد بمشروع قضاة المستقبل الذي تتبناه وزارة العدل بالتنسيق مع الجهات الرسمية مثل معهد الدراسات القضائية والقانونية، وهذا يعمل على خلق كادر بشري مؤهل لتسيير العمل القضائي بالبحرين.
ولكن هذا الكادر البشري بحاجة لمنظومة تساعده على القيام بواجبه على النحو الأمثل والأكمل، فيما يتعلق بضرورة الالتزام بالوقت المحدد في القانون للبت في القضايا وسرعة تنفيذ الأحكام الصادرة، والحزم في ذلك مع إمكان تخصيص هذه الخدمة العدلية، وهذا لن يحدث عموما إلا بإدخال وسائل التقنية الحديثة لإجراءات التقاضي من ترافع وتبادل المذكرات إلكترونياً فيما بين المتقاضين والمحاكم والشفافية في ذلك.
- تطوير المنظومة القضائية يحتاج تطوير المحامين أيضاً؛ بوصفهم يمثلون القضاء الواقف؟
هذا صحيح، وخصوصاً بعد توقيع البحرين اتفاقية التجارة الحرة مع أمريكا في العام 2004 ودخولها حيز النفاذ في العام 2006، والذي منح الحق لمكاتب المحاماة الأمريكية بفتح مكاتب وفروع لها بالبحرين، والدليل أن أغلب المؤسسات المالية بالبحرين صارت تتعامل مع هذه المكاتب فيما يتعلق بالاستشارات وصياغة مراجعة العقود؛ وحتى يتسنى لمكاتب المحاماة المحلية منافسة هذه الشركات الأمريكية يتوجب عليها أن تقوم بتطوير لغتها الإنجليزية القانونية.
أضف أن اللجوء للمحاكم يتوجب أن يكون آخر خيار بالنسبة للمحامي، والذي يمكنه اللجوء لتسوية المنازعات بالطرق البديلة مثل التحكيم والتوفيق والوساطة، بما يحفظ له الوقت والجهد والمال بشكل مباشر.
- هناك شكاوى عدة فيما يخص المستويات العامة للمحاميين وانعكاس أدائها على القضايا القائمة أمام المحاكم، كيف تفسر ذلك؟ وبم تنصح؟
الشكاوي لن ولم تختف فيما يتعلق بمستويات المحامين، حيث إنه وفي كل مجال يوجد الشخص المتمكن والشخص غير المتمكن؛ ولذلك يتوجب على الجهات ذات الاختصاص وضع اشتراطات أكثر على منح المحامي ترخيصا لفتح مكتب باسمه، بعد التأكد من أن هذا المحامي بالفعل هو متمكن في ممارسة المهنة، وتحقيق الإضافة المطلوبة لها.
وحتى يتم خلق جيل قوي من المحامين في المستقبل وتنقيحهم، فإنه يتوجب إخضاعهم لامتحان تنظيم لمهنة القانون، وفي حال النجاح فيه يتم منح المحامي رخصة لمزاولة المهنة، كما هو معمول به في السودان على سبيل المثال، والذي استقى هذا الأمر من إنجلترا، والتي مازالت تعمل بهذا الأمر.
- البحرين تحتل المركز الثالث في نسبة الطلاق على مستوى دول المنطقة، كيف تفسر ذلك، وبم تنصح؟
بالفعل، هذه نسبة مخيفة جداً وذلك بالنظر للتعداد السكاني للبحرين، حيث تم تسجيل 1795 حالة طلاق في العام 2014 وفقاً لإحصائية صادرة عن وزارة العدل، وعموماً، فإن الطلاق يعد ظاهرة حقيقية على المستوى العربي، حيث أثبتت الإحصاءات في العام الماضي 2014 وقوع أربعة حالات طلاق في اليوم في دبي. أما في مصر فتقع حالة طلاق كل ساعة!
ومن أسباب الطلاق الزواج المبكر والخيانة، ولذلك يتوجب إنشاء مركز شامل لتثقيف المقبلين على الزواج وتعريفهم بالزواج وحقوقهم ومسؤولياتهم وعمل الاختبارات اللازمة لهم بهذا الخصوص، ومن ثم منحهم شهادة بأهليتهم للزواج، تماماً كما فعلت ماليزيا، والتي حققت نتائج قياسية في خفض نسب الطلاق لديها بشكل ملحوظ، بعدما كانت في مستويات مرتفعة جداً.

- تمت إضافة اسمكم ضمن قائمة أفضل (100) مستشار قانوني للشركات على مستوى دول الشرق الأوسط، ما الآلية المتبعة في منح هذه الجائزة؟
ابتداء لابد من إعطاء الخلفية المناسبة لهذه الجائزة، والتي تصدر للعام الثامن والعشرين من قبل المجلة القانونية البريطانية المرموقة (Legal 500)، والتي تلعب دور أساس في تسليط الضوء على المستشارين القانونين الداخليين الذين يقودون العمل القانوني والسير به إلى الأمام، حيث قامت المجلة في هذا العام بتسليط الضوء خصوصا على المستشارين القانونيين الأكثر نفوذاً على مستوى الشرق الأوسط مع ملاحظة الإسهامات القانونية التي قام بها المستشارون المذكورون في إدارتهم أعمالهم في البنوك والشركات التي يعملون لديها وذلك بإيجاد وخلق حلول تقنية فاعلة ومبتكرة للإشكالات القانونية كافة التي كانت تعترضهم أثناء إدارة المعاملات القانونية.
الأمر الذي ساهم بشكل كبير في حماية مصالح البنوك والشركات التي يعملون لديها، وتحقيق الأرباح المطلوبة، وليس ذلك فحسب، بل إن الحلول القانونية التي خرجوا بها اعتبرت منهاجاً يمكن لبقية المستشارين القانونيين السير عليها والأخذ بها، حيث يذكر بأنه سيتم تكريم جميع المستشارين المختارين بتاريخ 15 سبتمبر المقبل في حفل سيتم على شرفهم بإمارة دبي.
- ماذا يعني ورود أسماء أحد عشر مستشاراً قانونياً دفعة واحدة من البحرين ضمن القائمة؟
يعني بأن بيئة العمل القانوني في البحرين هي بيئة مناسبة للإبداع، ولحث القانوني على إثبات نفسه وتقوية مهنته وعمله، وذلك من خلال البحث الدءوب بضروب المعرفة القانونية كافة؛ للحصول على الرأي القانوني السديد الذي يحمي مصالح الجهة التي يعمل لديها الشخص، وانعكس ذلك بشكل مباشر وصريح في بروز هذا العدد من المستشارين الأكفاء في مجالهم وإبداعهم في تقديم استشارات قانونية عالية الجودة ومبتكرة.
- كلمة أخيرة للمحامين الشباب؟
لابد من الاجتهاد والاطلاع على جميع المستجدات على الساحة القانونية من قوانين وتشريعات وبحوث ومقالات، يمكن لها أن تثري المعلومة القانونية لكل محام شاب ومبتدئ، مع ضرورة تطبيق ذلك على أرض الواقع، وعلى التحديات القانونية التي تعترض طريقه، كما ويجب عليه التكاتف مع زملائه المحامين، والتعاون معهم لتحقيق الغايات المنشودة ومن خلاله، فإنه من المتوجب على المحامي أن يواجه التنافس مع نفسه أولا؛ لكي يتحدى ذاته لبلوغ هدفه الذي يصبو إليه.