+A
A-

رئيس التخطيط الاستراتيجي: “الأشغال” من أقوى الوزارات تنظيمًا ووحدة خاصة بالتنسيق مع المجالس البلدية

قالت وزارة الأشغال وشؤون البلديات والتخطيط العمراني إنها “سخّرت قدراتها لوضع استراتيجية محكمة وفق أنجع المنهجيات العالمية وأكثرها مصداقية، وهو ما مكنها أن تقفز قفزة نوعية في أدائها وخدماتها ومخرجاتها وصيتها كمؤسسة متقدمة سواء داخل البحرين أو خارجها، ومع تعاقب فعاليات الإدارة الاستراتيجية لتعزيز الأداء الاستراتيجي وتعزيز الثقافة المؤسسية الداعمة تمكنت الوزارة من ترسيخ الإدارة الاستراتيجية في الوزارة”. وأشارت الوزارة إلى أن أحد نتائج الاستطلاعات التي قامت بها لقياس مدى إدراك موظفيها بتوجهاتها الإستراتيجية كشفت عن بلوغ نسبة 86 %، وهي من أعلى النسب العالمية لإسهام الموظفين في الاستراتيجية وتدل على نجاح المؤسسة في مشاركة موظفيها في استراتيجيتها. وللحديث عن هذه الجوانب وغيرها كان هذا اللقاء مع رئيس التخطيط الاستراتيجي بوزارة الأشغال وشؤون البلديات والتخطيط العمراني رجاء الزياني ودار معها الحوار الآتي:
ما المقصود برؤية الوزارة أو المؤسسة؟
- الرؤية هي وضعية مستقبلية تتمنى المؤسسة الوصول إليها مع أفق ما في المستقبل، ورؤية وزارة الأشغال هي أن تكون “مؤسسة مهنية رائدة توفر خدمات عالية الجودة” مع أفق 2015.
ووضعتها الإدارة العليا في الوزارة سنة 2004 إثر دراسة استراتيجية مستفيضة للبيئة الداخلية والخارجية للوزارة (2002-2004). وشارك في وضعها مجموعة مما يقارب 44 شخصًا من أعلى المناصب في الوزارة، شملت الوزير والوكيل والوكلاء المساعدين والمديرين ورؤساء الأقسام الرئيسة والمستشارين. ولتحقيق هذه الرؤية فقد سخرت الوزارة أعلى قدراتها لوضع إستراتيجية محكمة وفق أنجع المنهجيات العالمية وأكثرها مصداقية، وهو ما مكنها أن تقفز قفزة نوعية في أدائها وخدماتها ومخرجاتها وصيتها كمؤسسة متقدمة سواء داخل البحرين أو خارجها.

تتحدثين عن قفزة نوعية من سنة 2004 إلى سنة 2015 فكيف تم تحقيقها وما الذي حكم مسارها الإستراتيجي؟
- فعلاً هي قفزة نوعية تغير فيها حال الوزارة ووضعها بشكل جوهري، فغدت اليوم من أقوى الوزارات تنظيمًا وعملاً، وحققت العديد من المكاسب سواءً على الساحة الداخلية في البلد مع العملاء أو مع شركائها الاستراتيجيين في الحكومة، وكذلك على الصعيد العالمي حيث تبوأت مكانة عالمية في تخطيط وإدارة الاستراتيجيات، كما حصدت العديد من الجوائز العالمية والمحلية، وأصبحت من الوزارات التي يُحتذى بها في العديد من المجالات المهنية والإدارية. فخلال السنوات الثماني السابقة فإن أثر أداء الوزارة على الناتج المحلي الفعلي كان 1.84 أي أن لكل دينار تصرفه الدولة من خلال مشاريع الوزارة عائد يساوي 0.84 دينار. ومن أهم ما ساهم في إحداث هذا التأثير الإيجابي على اقتصاد البلد هو نجاح الوزارة في فتح العديد من مشاريع الطرق الرئيسية، وما تبع فتحها من تسهيل للحركة المرورية اللازمة لسرعة نقل البضائع ومباشرة الأعمال.
والمراقب لمصروفات الوزارة ما بين 2001 - 2010 يرى ارتفاعًا متعاظمًا في المشاريع يقابله ثبات شبه مستقيم في مصروفات القوى العاملة مما يدل على أن الوزارة استطاعت أن تعطي أكثر بنفس القوى العاملة تقريبًا، وهو ما يعرف في لغة الإدارة بالفاعلية. كما استطاعت الوزارة نيل ثقة المتعاملين حسب ما دلت عليه الإحصاءات المتتالية التي تحرص الوزارة على تطبيقها، وذلك ضمانًا لأثر أدائها على المواطنين. وتفاوتت هذه الإحصائيات عن رضى المواطنين عن أداء الخدمات الرئيسة للوزارة من طرق ومجارٍ ومبانٍ عامة إلى قياس مستوى إدماج موظفي الوزارة إلى رضى الشركاء الرئيسيين ورضى الوحدات الهيكلية في الوزارة عن التعامل مع بعضها البعض.
الوزارة عملت من خلال خطة استراتيجية واضحة المعالم ومتينة الأساس، حيث بنت المحتوى الاستراتيجي من خلال دراسة تحليلية شاملة بكل عناصرها وعملياتها وخدماتها وأنظمتها وقوانينها وتشريعاتها وما يتطلبه عملائها وشركائها الاستراتيجيين، وكذلك من خلال استشفاف ما تتطلبه التطورات المحلية على الساحة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والبيئية. ولأعطي مثلاً تقريبيًّا هنا، فقد أدركت الوزارة ومنذ بداية عهد الإصلاحات حاجتها إلى التنسيق التام مع الأجهزة البلدية فكونت وحدة خاصة بالتنسيق مع المجالس البلدية وكانت سابقة لها على جميع الأصعدة وأثبتت دورها في نجاح الوزارة في مهامها وخدماتها بشكل كبير.

ما مساهمة الموظفين في الأداء المؤسسي نحو تحقيق استراتيجية الوزارة؟
- عملنا ومنذ اللبنات الأولى لإعداد الاستراتيجية على إشراك ممثلين من جميع المستويات الوظيفية في جميع مراحل عملية إدارة الاستراتيجية وكذلك في خلق الالتزام والمبايعة اللازمة للخطة الاستراتيجية. واستمر نهجنا على المنوال نفسه وبالتدريج خلال مرحلة تنفيذ الاستراتيجية، كما عملنا على توثيق هذه العمليات والمهام في وثيقة مرجعية تحكم استراتيجية الوزارة، بالإضافة إلى ذلك قمنا بربط الأداء المؤسسي بالأداء الفردي وتقييم الموظفين على أساس إسهامهم الاستراتيجي وإسهامهم الوظيفي.
ولاستشعار مدى نجاحنا في تحقيق أدائنا الاستراتيجي فقد وظفنا شركة متخصصة في الاستطلاعات والاستبانات وتحليل الأعمال واخترنا أن يكون ذلك مع تلك الجهة الخارجية (شركة استشارية) لضمان عدم الانحياز في رصد البيانات وتحليلها ونتائجها. وجاءت النتائج أن 86 % من الموظفين يعرفون كيف تسهم أدوارهم في تحقيق استراتيجية الوزارة، إن مجرد تحقيق هذه النتيجة بحد ذاتها يعتبر إنجازًا للوزارة، فمن المعروف عالميًّا أن نسبة إدماج الموظفين في استراتيجية المؤسسة تتفاوت بين 30 - 60 %، وقد أعلنت هذه النتيجة في مؤتمر القمة للاستراتيجية بلندن وصفق لها الحضور بحماس وإعجاب وأبدى العديد منهم رغبته في الاطلاع على الممارسات الناجحة لوزارة الأشغال في إدارة وتوصيل التغيير المطلوب وكيفية تحقيقه.

كيف تم التعامل مع المتغيرات وتلافي أخطارها؟
- معلوم أن الخطط الاستراتيجية غالبًا ما يكون مداها طويلاً ومعتمدًا على معطيات معينة قد تتغير بتغير الأحوال والظروف، لذا كان من الأهمية بمكان إعادة التقييم بشكل دوري حسب سرعة المتغيرات في المؤسسة أو ما حولها، وبالنسبة لوزارة حكومية مثل وزارة الأشغال فقد اكتفينا بتقييم سنوي ندرس فيه جميع المستجدات على الساحتين الداخلية في الوزارة، والخارجية حولها، ثم نستخلص ما يلزم من مبادرات لتهذيب المتغيرات المرصودة لصالح الوزارة وإدراجها ضمن خطط الأعمال السنوية التي يتم التصديق عليها من قبل الوزير ورئيس الوحدة التنظيمية المعنية ورئيس التخطيط الاستراتيجي.
ولتلافي المخاطر بشكل أسرع ومتابعة خطط التلافي فقد تبنت الوزارة منذ سنة 2009 (إبان بدء الأزمة الاقتصادية العالمية) منهجية الإدارة الاستراتيجية للمخاطر وربطتها بالأداء المؤسسي وأدارتها ضمن نفس العملية الاستراتيجية ومن خلال منهجية الأداء المتوازن، وهي بذلك تعتبر من الرواد عالميًّا في هذا المجال. وتعتمد المنهجية المشتركة لإدارة الأداء وتلافي المخاطر على رصد المخاطر الاستراتيجية وقياسها ووضع المبادرات اللازمة لتلافيها.

مع هذه التجربة الرائدة ألم تتخذوا خطوات لنشرها على الصعيدين المحلي والعالمي لتستفيد منها بقية مؤسسات الدولة وإبراز البحرين بوجهها الحضاري الرائد على خارطة العالم؟
- لقد عملنا ومنذ نضوج تجربتنا وثبات نجاحها إلى نشر ممارساتنا الفضلى فيها على الصعيدين المحلي والعالمي، فعقدنا سلسلة من الندوات تحت مسمى العيادة الاستراتيجية (Strategy Clinic) في قاعة الاستراتيجيات بقسم التخطيط الاستراتيجي في وزارة الأشغال ودعونا لها كل من أبدى اهتمامًا بالاطلاع على ممارسات إدارة الاستراتيجيات في وزارة الأشغال سواءٌ أكان من المؤسسات الحكومية أم من موظفي الوزارة الجدد، هذا إلى جانب تنظيم لقاءات وندوات تعريفية للمؤسسات الحكومية الراغبة بالاطلاع على ممارسات الإدارة الاستراتيجية لموظفيها فقط، ونذكر كمثال على ذلك شؤون الجوازات والجمارك بوزارة الداخلية، هيئة البيئة والحياة الفطرية، وزارة البلديات والتخطيط العمراني، هيئة التأمينات الاجتماعية، شؤون مجلسي الشورى والنواب، شركة مطار البحرين، المجلس الأعلى للمرأة، وزارة المالية. كما نشارك في العديد من المؤتمرات العالمية المتخصصة المنعقدة في البحرين مثل: مؤتمر الجودة العالمي، الملتقى الخليجي للتخطيط الاستراتيجي، المؤتمر العالمي لإدارة المشاريع... إلخ. إلى جانب مشاركتنا في تقديم العديد من اللقاءات والورش لمعهد البحرين للإدارة العامة (BIPA ).
أما على الصعيد العالمي، فشاركنا في العشرات من المؤتمرات العالمية المتخصصة في إدارة الاستراتيجيات وإدارة المخاطر في العديد من الدول منها دبي، الكويت، قطر، بريطانيا، عجمان، كما نستقبل وفود دولية للاطلاع على ممارساتنا في الإدارة الاستراتيجية من مثل: عجمان، عمان، الكويت، أوغندا، ... إلخ.

في زمن إعلام التواصل الاجتماعي هل تم استغلال هذه الوسائط في التوعية ونشر الفكر الاستراتيجي وربطه بالأداء المؤسسي؟.
- رغبة من وزارة الأشغال في استشعار تأثير استراتيجياتها على الخدمة المقدمة للمواطنين والشركاء الاستراتيجيين في تأدية الخدمة، وكذلك على الشركاء الداخليين في الوزارة، فقد قمنا بعمل استطلاعات واستبانات سنة 2011، كما وسبق أن نوّهت به وعملنا على تحليل نتائج الاستطلاعات من قبل جهات محايدة، فجاءت النتائج والحمد لله مرضية ومعززة لاستراتيجياتنا.
ولفت انتباهنا من خلال نتائجها أن فئة كبيرة من المواطنين لم تتطلع على ما نقوم به من نشر للمعلومات والبرامج على وسائل الإعلام العام، وكانت غالبية هذه الفئة من الشباب من سن 18 – 30، وعند التقصي اتضح أن هذه الفئة تتابع بشكل كبير وسائل التواصل الاجتماعي بدل الإعلام العام. ومن هنا بدأنا كوزارة وبجميع الأقسام العاملة في التركيز على مبادرة وسائل التواصل الاجتماعي بكل قنواتها.

تعاقب على الوزارة أكثر من وزير خلال فترة تنفيذ استراتيجية الوزارة، فهل كان لتغيير النمط الإداري تأثير على استمراريتها؟ وكيف تم التحكم في استدامة عملية إدارة الاستراتيجية؟
- يعتبر تغير النمط الإداري تبعًا لتغير الوزير أو رئيس المؤسسة واحدًا من أكثر المسببات شيوعًا في توقف الاستراتيجيات وفشلها. ومع ذلك فإن استراتيجية وزارة الأشغال واصلت مسيرتها ونجاحاتها ويعود ذلك لعدد من الأسباب التي تضافرت في مجملها لدرء الخطر عن استمرارية واستدامة منهجية إدارة الاستراتيجيات في وزارة الأشغال. أهمها: أن وزارة الأشغال عملت ومنذ بداية إعدادها للمحتوى الاستراتيجي على تكوين وحدة هيكلية خاصة بالتخطيط الاستراتيجي عززتها بقدرات واعدة في هذا المجال.
كما تم إعداد استراتيجية الوزارة بشكل تشاوري جماعي، حيث يشارك جميع المعنيين في الاتفاق على المحتوى الاستراتيجي وتخطيطه وتعزيزه بالعناصر اللازمة من مثل توصيف الأهداف ومقاييس الأداء المؤسسي ومستهدفات الأداء والمبادرات الإستراتيجية اللازمة. وكمثال على ذلك فإن جميع ما جاء في الخريطة الاستراتيجية للوزارة تم الاتفاق عليه في مجموعة من كبار قياديي الوزارة مكونة من 44 شخصًا بقيادة وزير الأشغال. إن استمرارية تعاقب فعاليات الإدارة الاستراتيجية لتعزيز الأداء الاستراتيجي وتعزيز الثقافة المؤسسية الداعمة خلق جذورًا وترسيخًا للإدارة الإستراتيجية في الوزارة.

ما معالم المرحلة المقبلة؟ وهل ستواصلون العمل عليها بمثل نمط العمل على الاستراتيجية السابقة؟
تعد نسبة 88 % أداء مؤسسي من أعلى النسب في العالم، وقد وصلنا لها بعملنا الجماعي وتكاتفنا البناء، وهو ما ينتج عن الممارسة الصحيحة لإدارة الاستراتيجية. وقد وضعت استراتيجية وزارة الأشغال لتحقيق رؤيتها مع أفق 2015 وهو الأفق الذي بُنيت عليه جميع الخطط الاستراتيجية المعززة. مما يعني أننا بصدد إعداد استراتيجية جديدة 2016-2021 والارتقاء لمستويات أعلى من الأداء المؤسسي الفعال والناجح في تلبية توقعات المواطن وجميع شركائنا الاستراتيجيين في الحكومة. وكلي أمل في أن تكون الاستراتيجية المقبلة أكثر نجاحًا وأكثر تأثيرًا من الاستراتيجية السابقة، خاصة وأنها ستشمل شؤون البلديات والتخطيط العمراني إلى جانب شؤون الأشغال، ومن ثم ستكون فرصة استخدامات الأراضي رافدًا لتوسعة خدمات الأشغال من طرق وصرف صحي ومبانٍ عامة.