+A
A-

إيناس يعقوب: المضامين الإعلامية للطفل العربي باهتة ونحتاج إستراتيجية واضحة المعالم

البلاد - إبراهيم النهام

قالت منتجة الرسوم المتحركة مديرة شركة (بيبي كلاي) إيناس يعقوب إن “ضعف تأثير وحضور إعلام الطفل في البحرين والعالم العربي يرجع إلى عدم وجود النية بصرف الأموال على مثل هذه المضامين؛ لعدم وجود القناعة بأهميتها، وغياب الإستراتيجية الإعلامية العربية واضحة المعالم لتأسيس هوية واضحة لإعلام طفل هادف”.. مؤكدة أن الإشكالية ترتبط بغياب الرؤية ذاتها.
وبينت يعقوب في حوار لها مع البلاد أن “من الضرورة ابتكار سبل جديدة لتعليم الطفل طرق التعامل مع وسائل الإعلام، باعتبارها جزءا من حقل معرفي وثقافي له خصوصيته التي لا يجب أن تشوه أو تخترق”.
وأكملت” بهذه الطريقة فقط سنتمكن من أن نخلق لدى الطفل التفاعل الواعي والناقد معاً تجاه ما يتعرض له من مضامين إعلامية متنوعة، ونتجاوز السلوك الاستهلاكي السلبي، أو الممارسة التلفزية العشوائية”. وعن حالة العنف المفرطة التي وصل إليها الكثير من الأطفال اليوم قالت “تقوم على طبيعة الثقافة التي ترتكز عليها شخصياتهم، والنابعة من الرسائل اليومية التي تصل إليهم عبر وسائل الإعلام، بمقدمتها التلفزيون”. وفيما يلي نص اللقاء..
- الإنتاج الإعلامي الموجه للطفل العربي محدود قياساً لنظيره الغربي، لماذا؟
يرجع ذلك لسببين اثنين، الأول أنه لا توجد هنالك النية لصرف الأموال على مثل هذه المضامين لعدم وجود القناعة بأهميتها، وعادة ما يربط ذلك بوضع السوق، والميزانية، والعرض والطلب، ويمتد ذلك إلى الإنتاجات كافة التي ترتبط بالطفل سواء المرئي أو المسموع أو حتى المكتوب، وعليه فيتم التركيز - بشكل بديل - على المضامين المستوردة التي عادة ما تكون منفصلة عن واقع الطفل العربي، إضافة إلى غلاء قيمة هذه المضامين وارتفاع كلفتها.
السبب الثاني، عدم وجود إستراتيجية إعلامية عربية واضحة المعالم لتأسيس هوية واضحة لإعلام طفل هادف، وهي إستراتيجية تفتقرها كثير من الدول العربية، ناهيك عن امتلاك العديد من هذه الدول للموارد البشرية والمالية لاستنطاق مثل هذه المضامين، والقفز بها للعالمية، لكن الإشكالية - كما أسلفت - ترتبط بالرؤية ذاتها.
- محلياً، هل تجدين أن الأرضية خصبة لبناء مضامين إعلامية هادفة وجيدة للطفل البحريني؟
نعم، وبأقل التكاليف.. والمواضيع المتوفرة بمتناول اليد كثيرة ومتنوعة وتعكس ثقافة متجددة تقوم على زاد معرفي وسلوكي سيؤهل الطفل على التعامل مع مختلف المضامين التي يحتاج لها، سواء مكتوبة كانت، أو مسموعة، أو مرئية، كما تكسبه القدرة على التواصل مع الآخر.
ومن الأمثلة على ذلك، مسلسل (عروس البحر)، الذي أعدته شركتي مؤخراً، ويهدف لتوصيل مضامين هادفة للطفل العربي، وسط راحة تامة من الوالدين، مع الاختلاف بالمضمون نفسه عن عروسة البحر الأجنبية، حيث يحتوي بمضمونه على ترشيد وتعليم الطفل آلية احترام والدته والإنصات لها، والابتعاد عن الكذب، والاهتمام بالأصدقاء، والعديد من القيم الأخرى.
وبالرغم من جودة المنتج التلفزيوني هذا، إلا أنه لم يلاقِ رواجاً إلا من قناة فضائية واحدة فقط، وهي قناة 10 المصرية.

- هناك تفاوت واضح في مقدرة الطفل العربي على تلقي المضامين الإعلامية قياساً بنظيرة الأجنبي، لماذا؟
لأن الإعلام العربي لا يهتم بالطفل، أضحت نشأته ضعيفة وترتكز ثقافياً وتربوياً على المنتوجات التلفزيونية والسينمائية الغربية بالدرجة الأولى، فتشكلت عقليته بشكل مشوه فارغ، تخلو من الرسائل والأهداف والقيم.
لذا، من الضروري أن يتم ابتكار سبل جديدة لتعليم الطفل طرق التعامل مع وسائل الإعلام، باعتبارها جزءاً من حقل معرفي وثقافي له خصوصيته التي لا يجب أن تشوه أو تخترق، وبهذه الطريقة فقط سنتمكن من أن نخلق لدى الطفل التفاعل الواعي والناقد معاً تجاه ما يتعرض له من مضامين إعلامية متنوعة، ونتجاوز السلوك الاستهلاكي السلبي، أو الممارسة التلفزية العشوائية.
- كيف لنا أن نسخّر المضامين الإعلامية في معالجة مشكلة العنف المتزايد لدى الأطفال؟
يبدأ ذلك بتوفير المواد الإعلامية الضرورية التي يحتاجها الطفل العربي والتي ترتكز على القيم والأهداف والرسائل النبيلة، وأن يكون هناك عناية في اختيار هذه المضامين وجهد في صياغتها، لتنقية الطفل أولاً من الشوائب الفكرية العالقة بذهنه أولاً، ثم تنمية مواهبه وتثقيفه والترفيه عنه، ومن ثم إشباع حاجته إلى مستوى الخيال.
حاله العنف المفرطة التي وصل إليها الكثير من الأطفال اليوم تقوم على طبيعة الثقافة التي ترتكز عليها شخصياتهم، والنابعة من الرسائل اليومية التي تصل إليهم عبر وسائل الإعلام، بمقدمتها التلفزيون، وهي رسائل خطرة على الوالدين وضع الرقابة الكاملة عليها، وعلى المضامين التي توجه لأبنائهم من خلالها.

- إلا ترين أن مرحلة إعادة بناء شخصية الطفل وتنقيتها من ترسبات وتشوهات المضامين الفاسدة تحتاج جهداً كبيراً سواء من قبل معدي المضامين الإعلامية الهادفة، أو حتى الوالدين؟
من السهل إعادة تشكيل الطفل وفق مضامين هادفة تقوم عليها سواعد محترفة ولديها الإخلاص بإيصال الرسالة، فكل الرسوم والشخصيات والصور التي يتفاعل معها تساعده بشكل وبآخر على أن يجمح بخياله دون حسيب ولا رقيب، ولكنها تظل بنهاية المطاف صور خيالية قابلة للتغير وفق مضامين جديدة، لا تتجاوز حدود المعقول في الطرح والرؤية.

- هناك نقص حاد في البرامج الدينية الموجهة للطفل، لماذا؟

التوجه القائم هو ضخ الأموال للفقاعات وليس للمضمون، وهذه إشكالية رئيسة يواجهها الإعلام الأهداف، وبمقدمته إعلام الطفل نفسه، أضف أن القضية لا ترتبط بعدد البرامج الدينية التي تطرح لمرأى ومسامع الطفل وإنما بأهمية مراجعة الخطاب الديني الموجه للطفل، وتجديده بما يتلاءم مع أعمار الأطفال ومجتمعهم وعصرهم، وأن يتوخى هذا الخطاب تحذيرهم من العادات الضارة وتقليد الغير، وأن يضطلع كل من الأسرة والمدرسة والمسجد بدورهم التربوي.
- من واقع تجربتك، ما الذي يحتاجه إعلام الطفل في البحرين؟
أولها توفير الميزانية الوافية لبناء إعلام طفل هادف، محترف ومتنوع، يقوم على القيم السائدة والأعراف والتقاليد.
وهنالك حاجة لتأسيس جيل جديد من الشباب على صعيد (الجرافيك) وعلم النفس وكتابة السيناريو، بمعنى خلق منظومة متكاملة لبيئة (إبداعية) تكون مخرجاتها التلفزيونية والسينمائية للطفل بالمستوى المطلوب والمرغوب، من المجتمع والأسرة.
وعليه، فسأقدم بصيف البحرين الحالي على تقديم مجموعة من المواد الإعلامية التي تعرف ذات المضامين الهادفة، منها مسلسل (عروسة البحر) عرض على قناة 10 المصرية، وبرنامج (قصة حديث) عرض على تلفزيون الكويت، ومسلسل (الطفل جحا) عرض على قنوات النيل، مسلسل (سوكا) عرض على قناة (ام بي سي) مصر.
- هل ترين أن سينما الطفل ضرورة لإيصال المضامين وتحقيق النفع؟
نعم، السينما هي الصناعة الإعلامية الجديدة، واستخدام هذه الأداة للوصول للأطفال والتأثير عليهم، وأتمنى أن تكون البحرين سباقة في هذا السياق على مستوى المنطقة، والقدرات والمؤهلات موجودة لكنها تنتظر الدعم والتشجيع المرجو.