+A
A-

التعامل مع سكان ليبرتي معيار استقلال العراق - مقال -

لا يمكن الحكم باستقلال العراق ما لم نخرج به من الارتهان للأجندات الأجنبية في التعاطي مع ملفات داخلية، ولا نريد الذهاب بعيدا في أمور كثيرة عجزت الحكومة أن تنفرد بالقرار فيها ليكون قرارها عراقيا خالصا.
فالجميع يعلم أنها لا تستطيع البت في أمور عراقية داخلية دون تدخل رأيين أو قرارين بديلين هما القرار الإيراني والقرار الأميركي، ويبدو القرار الإيراني هو الأكثر استحواذا، وكانت الحكومة تقول إنها مجرد دائرة إلكترونية بزر إيراني يتحكم في حركتها والأنموذج الأمثل هنا هو التعاطي مع ملف اللاجئين الإيرانيين في ليبرتي، والحصارات المفروضة على سكانه، وهو ما دفعني إلى القول إن التعاطي مع هذا الملف والكيفية التي يتم بها هو المعيار الحقيقي لاستقلال العراق المفقود.
هذه الحقيقة لا نقولها نحن وحسب، فهي مؤشرة لدى كل متابع لأوضاع العراق، وكل من يريد تقييم مدى بعد الحكومة العراقية عن جغرافيا الرضوخ والامتثال والعمالة للنظام الإيراني، كذلك فإن القوى السياسية العراقية تعرف جيدًا أن الموقف من أشرف والأشرفيين الذين أجبروا على الانتقال إلى ليبرتي، معيار موثوق لدى الراي العام العراقي حول مدى قربها أو بعدها من المشروع الوطني العراقي، كما أن قلما عراقيا أي قلم، وإعلاما عراقيا، أي إعلام، إنما معيار نزاهته ووطنيته الموقف من سكان ليبرتي، بمواجهة سيل المال السياسي ومال تجارة الإعلام وشراء الضمائر والنفوس من قبل النظام الحاكم في طهران وعملائه، إقول هذا واضعه أمام أنظار بوق النظام والحكومة العراقية العميلة التي فرخها الاحتلال، عبد الزهرة زكي، رئيس تحرير جريدة الأميركان والإيرانيين، الصباح الغبراء، وهو يتهمنا بأننا نكتب مقالات موجهة للدفاع عن الإشرفيين في ليبرتي، محرضا علينا حكومة لا نرى أنها تحتاج تحريضا في سعيها لاسترضاء حكومة ملالي طهران التي يتراصف إلى جانبها مبتعدا عن بيته وعشيرته ووطنه العراق، لقاء ما يدفع له من تومانات ملوثة، أكدتها التقارير الملفقة التي كان ينشرها لعملاء دنائي فر وهابليان من مراسليه في محافظات العراق؛ تحريضا على القتل كما يملي عليه ملالي قم وطهران وظلالهم في العراق، ونعيد إلى الأذهان هنا بمناسبة ذكرى اندلاع التظاهرات الشعبية العراقية في بغداد ضد حكومة المالكي وارتهانها لملالي طهران في 25 شباط العام 2011، حيث طلبنا منه أن يعتذر من العراقيين المتظاهرين الذين اتهمهم بالتهمة نفسها التي تروج لها إيران وحكومة العمالة ببغداد. إنها تظاهرات ملوثة؟ وإنه يجب تنظيفها. وفي اليوم ذاته الذي وجه فيه زكي هذه التهمة، تم اغتيال الكاتب والمسرحي والإذاعي ومنسق تظاهرات ساحة التحرير هادي المهدي والمناظرة التي جرت بيني وبينه في اليوم ذاته حول هذه الجريمة مسجلة ولن يتمكن عبدالزهره زكي من إنكارها، فقد جرت على صفحات الفيسبوك وبشهادة عدد من المشاركين من بينهم المحامية الناشطة في الدفاع عن حقوق الأسرى والسجناء العراقيين سحرالياسري. ألا يتضح على هذا أين يتخندق هذا البوق وأية ادوات يستخدم ويحرض ويحرك والكاتم من بينها الذي اغتال هادي المهدي من بينها، وأين يتخندق أشراف العراق وأصحاب الأقلام الحرة وراوحهم على راحاتهم؟
وفي حينها رفعنا تقريرا إلى الأمم المتحده، أكدنا فيه مسؤولية إيران وعملائها عن اغتيال هادي المهدي، وليس هادي المهدي وحده وإنما عشرات الصحفيين والإعلاميين العراقيين، الأمر الذي دفع كل مراكز المراقبة العالمية لتؤشر العراق كأخطر جغرافيا يعيش فيها الصحفي العراقي، كما أننا حين نقلنا في تقريرنا إلى بعثة اليونامي التهديدات التي ترسلها له واجهات المخابرات الإيرانية وآخرها تهديد الدكتور عدنان السراج القيادي في حزب الدعوة، ثم اتهام عبدالزهرة زكي لنا بمناصرة الأشرفيين ضد الحكومة، أوراق يجب أن تؤشر منذ الآن ما هية الجهة التي تمسك بدفة السفينة العراقية، ونحن نعيد التأكيد بإصرار على أن معيار استقلال العراق والعراقيين بلدا وحكومة وإعلاما هو كيفية التعاطي مع ملف الأشرفيين في ليبرتي، وستبقى ذلك الصوت المدافع عن استقلال العراق ووجوب التعامل الإنساني مع ملف سكان ليبرتي وعدم تسييسه ورفع الحصارات عنه وعده مخيما للاجئين برعاية الأمم المتحدة، وأن على رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أن يتمتع بالشجاعة الكافية ليوفر لهم الحماية، وبالشجاعة المطلوبة ليعترف بتقصير حكومته، وأن يستقيل إن لم يستطع الوقوف أمام إيران وباقي دول الجوار، لفرض سيادة العراق، وقبل كل ذلك أمام المجتمع العراقي، ويبادر بطرح قضية مخيم أشرف على المجتمع الدولي؛ لحلها دولياً؛ لأننا نرى فيها مفتاحا لحل كل مشكلات العراق بأنها ستمثل الإعلان الحقيقي عن الاستقلالية العراقية، وعندها ستتساقط رموز العمالة والفساد.
وهذا ليس ما أقوله أنا وإنما ما قاله ويقوله حتى الضالعون في العملية السياسية التي أفرزت العبادي وحكومته؛ لأنهم لم يفقدوا ضمائرهم ولم يرضوا بتخديرها، ونحن نسمع كل يوم تصريحات بهذا الشأن لنواب عراقيين أحرار وساسة مستقلين حقا.
لنثبت جميعا عراقيتنا ولنعلنها بصوت عال، أن حرية العراق واستقلاله لن تتأكد إلا حين تقطع اليد التي تتدخل في الشأن العراقي، وتريد سلب قادة الرأي وأصحاب كلمة الحق، حقهم في الإعلان عن رأيهم بمسارات وخيارات بلدهم، وفي المقدمة يد السفارة الإيرانية ببغداد.