+A
A-

القاضي ل "البلاد" : عدم اكتشاف مواهب الطفل يؤدي إلى اكتئابه

البلاد - أمل المرزوق
أوضح المتخصّص في مجال الموهبة والإبداع عدنان القاضي أن الطفل الموهوب له حاجات تختلف نوعًا وشدّة عن أقرانه العاديين، سواء في سرعة تعلمه وأنماط تفكيره المتعددة أو قدرته الفائقة على تكوين العلاقات والتواصل الاجتماعي بشتّى صوره مع المحيطين به والغرباء، أو نهمه للقراءة وحب الفضول لفهم ما يجري وما سوف يحدث في علم المستقبليات، أو قلة نومه وترك اللذائذ من الطعام والشراب عن انهماكه فيما هو مستمتع به، أو الحساسية المفرطة والتوقعات العالية والسعي نحو الكمالية التي قد تكبله وتودي به إلى العزلة والانزواء، أو النمو غير المتزامن بين القدرات الجسمية من جهة والقدرات النفسية والعقلية والمهارات الاجتماعية من جهة أخرى. وتحدث القاضي لـ (البلاد) عن دور الأسرة في دعم الطفل الموهوب، بوصفها النواة المشكّلة لشخصية الطفل، وشدّد على ضرورة الحكمة في إدارة الأسرة لحياة الطفل الموهوب بعيدًا عن الخوف الزائد والدلال المفرط أو الإهمال المهين والسخريّة المشينة:
* ما طبيعة البيئة الأسرية الصحية للطفل الموهوب؟
البيئة الأسرية هي المناخ الذي ينمو في إطاره الطفل وتتشكَّلُ الملامحُ الأولى لشخصيتهِ، وهي المصدر الأساس لإشباع حاجاته واستثارة طاقاته وتنميتها، وفي هذا المناخِ يتعرَّضُ الطفل لعملية التطبيع والتنشئة الاجتماعية وفق أساليب معينة وعادات صارمة، وفي مناخها يَشْعُر بردود الأفعال المُباشرة تجاه محاولاته ومبادراته الأولى للكشف والتجريب، وتجاه خروجه عن القوالب النمطية المألوفة لحرية التفكير والممارسة. إنَّ الأسرة كما تؤثر على أخلاق أطفالها وتدفع بهم إلى تَبنِّي أنماط محددة من القيم والعادات وأحيانًا أصناف معينة من الأطعمة وغيرها مما تُسمى بالحاجات الفسيولوجية عند ماسلو في نموذج (هرم) الحاجات، والموهبة بما تتضمنه من معارف وكفايات ومهارات وإبداعات حتمًا تتأثر بالأسرة وما يحدث فيها من تفاعلات وقوانين تلعبُ دورًا في وضع البُنى المعرفية في دماغ الطفل الموهوب.

* كيف تكون البيئة مصدر دعم وتحفيز للموهبة؟
تعرّفُ البيئة الأسرية بأنَّها مجموعة الظروف الاجتماعية والاقتصادية والنفسية داخل الأسرة، والعلاقات بين أفرادها التي يُدركها الطفل ويتأثَّر بها. ولدور الأسرة وطبيعة مناخها العام أهمية في شحذ وتحفيز القدرات الإبداعية الخلاقة، فالتربية الأسرية المُيسرة لنمو الموهبة تمثِّل الأساس الذي يقف عليه أيّ مشروعٍ لرعاية الموهوبين؛ لما لمؤسسة الأسرة من أهميةٍ بالغةٍ في صياغة شخصية الطفل وتنشئتها اجتماعيًّا وتنميتها معرفيًّا وتكوينها نفسيًّا، وبالتالي فإنَّ أثرها سيكون أبلغ على الموهوب لخصوصية سماته؛ ولاحتياجه لأساليب معاملة خاصة وتنشئة مختلفة تراعي موهبته، وتُدرك خصوصية حالته.
ونظرًا للتفاعل اليومي مع الطفل الموهوب ومعرفة جوانب أخرى غير الأكاديمية فإنَّ الأسرة يُمكنُ أنْ يكون لها دور فاعل في عملية الكشف والتعرُّف على الطفل الذي يُظهر قدرات وإمكانات تعبِّر عن تفوقه أو موهبته.
كما وتمثِّل البيئة الأسرية عاملاً مهمًّا من العوامل المحددة لنمو الموهبة وتطوّرها، وهي اللاعب الأهم في نقل الموهبة من طورِ الكُمون إلى الإنجازِ الفعلي والإبداع المُشاهد، وإنَّ المتغيرات المتعلقة بالمناخ الأسري تحدد للموهوب نوعية إنجازه أدائي أو أكاديمي، وقوة علاقة البيئة الأسرية وظروفها العامة بلا شك تنمي موهبة الطفل، وتحقق التوافق الشامل لديه.

* ما جوانب الرعاية الشاملة للطفل الموهوب؟
الأسرة الواعية تدرك بأنَّ طفلها الموهوب لا يحتاج فقط إلى خِدمات تربوية وتعليمية في مجال اهتمامه وميوله وتفوقه، بل هو يحتاج أيضاً إلى ما هو أشمل من ذلك وأوسع؛ فالرعاية المثمرة ما تناولت جوانب عدة وأعطت كل قسم منها الوقت والجُهد والفكر والمال المناسب والكافي.


* ما مؤشرات الموهبة وسماتها المختلفة؟
إنَّ الموهبة سلوك كما هي قدرات تبرز على هيئة نتاجات مُبدعة تضيف للمجتمع علمٌ وحضارةُ وتحقق الرضا الداخلي للموهوب ذاته، وبإمكاننا الوقوف على دلائل الموهبة وعلامتها منْ عدة جوانب (الجسمية؛ العقلية والذهنية؛ النفسية والانفعالية؛ الحدسية؛ التعليمية؛ الإبداعية؛ القيادية؛ وغيرها) تدلل في مجملها على وجود إمكانات وطاقات تحتاج إلى عناية ورعاية من قبل الوالديْن بعد تلمسها بشكل مباشر منْ خلال المواقف والظروف التي يوجد فيها الطفل الموهوب.
أولاً: النواحي الجسمية
للموهوب سمات جسمية لها دلائلها المميزة من خلال نتائج استقراء عدد من الحالات عبر دراسات موثوقة والوقوف على المشترك بينها، ومن هذه السمات: مدخلات غير عادية من البيئة عن طريق نِظام حسِّي مرهف، مستوى مرتفع من اللياقة البدنية، أقوى جسْمًا وصحةً ويتغذّى جيدًا، خاليًا نسبيًّا من الاضطرابات العصبية، وينطق ويمشي مبكرًا.
ثانياً: النواحي المعرفية والعقلية
يعد هذا الجانب منْ أهم ما يفرِّق الموهوب عن غيره، فالملكات العقلية والبنية المعرفية واضحة لديه وقابلةً للقياس والتقييم، ومن هذه السمات: حفظ كمية غير عادية من المعلومات واختزالها، سرعة الاستيعاب ودقة الملاحظة، تطوّر لغوي وقدرة لفظية عالية، يمتلك اهتمامات وهوايات متعددة، والسرعة والمرونة في عملية التفكير، يتمكّن بسرعة منْ فهم الرموز المجردة، ويدرك العلاقات المعقدة بينها، وسرعة التعلُّم، ويفضل أنماط تعلم متنوعة.
ثالثاً: النواحي النفسية والانفعالية
إنَّ إدراك السمات النفسية والانفعالية منْ خلال السلوك الصادر عن الطفل الموهوب لا يقل أهمية من السمات المعرفية والعقلية؛ إذ هي ممزوجة بعاطفة وانفعال وشعور تتفاوت حدته ومستواه تبعاً للقناعة والآراء المصدَّق بها، وفيما يلي بعض السمات التي تتطلب من الأسرة الوعي بها والحِكمة في التعامل معها: تطوّر مبكّر للمثالية، والإحساس بالعدالة، تطوّر مبكّر للقدرة على التحكم، والضبط الداخلي، وإشباع الحاجات، عمق في العواطف أو الانفعالات قوتها، شدة الوعي الذاتي، والشعور بالاختلاف عنِ الآخرين، وسرعة الحس بالدعابة، واستخدامها في الاستجابة للمواقف والظروف.
رابعاً: النواحي الحدسية
تشمل هذه النواحي من الخبرة البشرية الشروع في الأفعال الثاقبة، أو الأنشطة الإبداعية، بينما تعتبر هذه النواحي الأقل وضوحًا في معالم المساعي الإنسانية، من بينها مشاركة مبكرة واهتمام بالمعرفة الحدسية والأفكار التجريدة والظواهر، منفتح على التجارب في مجال ما، والرغبة في تجربة وفحص الظواهر الفيزيائية المجردة، ابتكار أساليب لجميع حالات البحث، القدرة على التنبؤ، والاهتمام بالمستقبل، واللمسات الإبداعية في كل مجالات العمل أو المحاولات.
خامسًا: النواحي القيادية
القيادة فن وله سلوكاته التي تتكشف في المواقف المتعددة والظروف الصعبة، والأطفال ممكن قياس مستوى القيادة لديهم كلٌّ بحسب عمره الزمني، وفيما يلي عدد من السمات الدالة على القيادة لدى الموهوبين، وهي: لديه إحساس بالمسئولية، ويوثق به ويعتمد عليه، التنبؤ بالنتائج، والمقدرة على اتخاذ القرارات، القدرة على التعبير عن الذات، القبول، والمحبة من قبل الأقران، ويتمتع بمرونة تكيّفه مع المواقف والظروف الجديدة.
سادسًا: النواحي السلبية
لدى الموهوب سلوكياته في نظرنا سلبية وتحتاج إلى تقويم، وفي الحقيقة قد تكون بالنسبة إليه حق وأمر من خصوصياته. ومن ناحية تربوية ينبغي الوقوف عليها دون الاستهانة بها؛ إذ مع مرور الأعوام قد تُصبح عادات سلبية وتؤثر على شخصيته ومجال موهبته وحتى على مستقبله المهني، ومنها: تدني الأداء والتحصيل، وخاصة في المجالات التي لا يهتم بها، الميل إلى الكمال، والذي يُمكن أنْ يكون مفرطًا، ذا مزاج غريب، ومستثارًا انفعاليًّا، غير متقن، ومشوَّشًا بالتفاصيل والأمور غير المهمة، شارد الذهن، كثير النسيان، هائم العقل.

* ما دور الأسرة في رعاية طفلها الموهوب في محيط البيت؟
للأسرة أدوار عامة تقدم لكافة أفرادها، وهي ما تسمى بتوفير الحاجات الأساسية من مأكل ومشرب وغرف نوم مريحة، إضافة إلى قدرٍ أساسي من التربية والتعليم، أمّا إنْ وُجِدَ فيها طفل موهوب أو أكثر، فإنَّ الأمر يتعدى إلى أدوار إضافية ذات حساسية وأهمية، بينها: توفير الحنان والتقبُّل من خلال العلاقات الاجتماعية مع الآخرين، الاتصالات الاجتماعية مع الأسر والعوائل الأخرى، إثارة فضول الطفل منْ خلال التواصل مع المصادر المختلفة من ثقافة وطبيعة اجتماعية، إتاحة الفرص للطفل لتنمية إحساسه بالمسؤولية في وقتٍ مبكرٍ من حياته، والاستقرار الأسري ودوره الفعّال في صفاء ذهن الطفل واستقراره النفسي، العمل على ملاحظة الطفل في سنٍّ مُبكِّرة وبشكل منتظم ومدروس، وتقويمه بأسلوب موضوعي وغير متحيِّز؛ ليتم اكتشاف مواهبه الحقيقية الثابتة، توفير الإمكانات المناسبة للطفل، وإتاحة الفرص للتعرُّف على الأشياء الجديدة في مجالات التفكير والإبداع، مع التشجيع على القراءة والاطلاع، ومعاملة الطفل باتزان، فلا يُصبح مسمى (موهوب) سخرية له، كما ويجب ألاّ تنقص من شأنِ موهبتهِ أو تُسيء استغلالها أو إهمالها، إضافةً إلى ذلك، ألاّ يُبالغ في توجيه عبارات الإطراء والاستحسان الزائد عنِ الحد؛ تجنبًا للغرور المتوقع والشعور بالاستعلاء.
النظرة إلى الطفل نظرة شاملة، فلا يتمّ التركيز على القدرات العقلية أو موهبة بعينها، بل تهتم بجميع جوانبه العقلية والعاطفية والجسمية والاجتماعية، والميل إلى الأساليب الأقل تسلطًا مع الطفل، والتسامح المقنن، وتقبُّل أنماط التفكير الغامضة منه، والأسئلة المتشعبة والدقيقة من جهته من دون تذمر، معرفة أنّ الطفل يُظهر درجات أقل من العاديين في الامتثال والطاعة، ودرجات أقل منَ الاستقلالية، ترك الحرية للطفل كلّما أمكن لاختيار مجالات اهتماماته وميوله، عدم المغالاة في التنميط الجنسي للموهبة، فلم يعد هناك مجالات موهبة مخصصة للذكور وأخرى للإناث، ومن يحدد نوع الموهبة التي يُركَن إليها وتُمارس هو الطفل أيًّا كان جنسه ولونه، البُعد كلّما أمكن عن لوم الطفل ونقده، والابتعاد عن الضَّبط العالي له، أو الضبط بعدوانية وعقابه، وكذلك عدم التشدُّد في التأديب والتعنيف، تقبُّل الطفل بما هو عليه، وإشعاره بالحنان وبالأهمية بين أفراد الأسرة، تقدير الأسرة لخبرات ناجحة تطوِّر اتجاهات الطفل نحو مواجهة المشكلات والغموض الذي قد يُلاقيه في المواقف الحياتية.
تجنُّب ممارسة التصحيح المستمر على كلِّ مرة يخطئ فيها الطفل؛ تجنبًا لإعاقة القدرات ومجالات التميُّز والتفوق والإبداع، توفير ظروف أسرية هادئة، وعلاقات دافئة، وأساليب تنشئة راقية ذكية تُعطي كلَّ فرد حقه، والعمل على تشجيع التعبير الذاتي لدى الطفل، وتدريبه على رؤية الأمور على حقيقتها، توفير الخامات والمواد والأدوات اللازمة لتنمية استعدادات الطفل ومواهبه، وخلق فرص للتعبير عن أفكاره والتنفيس عن مشاعره وانفعالاته في جوٍّ آمنٍ خالٍ من التهديد والخوف من النبذِ أو السخرية.

* ما المشكلات الأسرية التي يتعرَّض لها الطفل الموهوب؟
الطفل الموهوب رغُم جوانب القوة لديه وإنجازاته التي تفتخر بها الأسرة وعطائه المتميز في المجال المتخصص فيه، إلاّ أنّه قد يتعرَّض لعقبات وتظهر عليه بعض المشكلات، وأحيانًا معضلات تحيِّر الأسرة، ومنها على سبيل المثال: تأرجُح التربية، أو التناقض والاختلاف بين بيئتيْن مختلفتيْن فيهما الحب، فيهما الجدّ والصرامة والقسوة منْ قبلِ الوالديْن، التفرقة في معاملة أفراد الأسرة مما يؤدي إلى الكراهية الشديدة بينهم، والشعور بالإحباط، وانعدام الأمن النفسي والخوف منْ فقدان حبّ الوالديْن، عدم فهم طبيعة الموهوب، إذ هو متذمِّر من القيود والقوانين التي يعتبر بعضها عائقًا، قد تحول دون انطلاقه في آفاق الخيال، والتأمُّل والتصرُّف البديهي السريع بمستوى أعلى من مستوى أقرانه، الموهوب ذو قدرات عالية، وقد يقوم بسلوكات تخريبية لا حُبًّا في المشاغبة والفوضى، وإنما كونَ طبيعته تحب الاستطلاع والتجريب، وقد يصدر منه سلوك عبثي، غياب الوعي بمعنى الموهبة، أو سوء فهم وما يترتب على ذلك من لامبالاة، وعدم الاكتراث بطاقات الموهوب واستعداداته غير العادية، أو تجاهلها وإحباطها. عدم تفهُّم الاحتياجات النفسية والعقلية والاجتماعية للموهوب، وإهمالها وعدم إشباعها، كالحاجة إلى التقبُّل والتقدير، والحاجة إلى التعبير عن الذات، وغيرها.
تدني مستوى التحصيل الدراسي العام؛ نظرًا لانشغاله وتركيزه على مجال موهبته، والذي قد يكون مجاله أدائي كالرسم أو الموسيقى أو المسرح أو الرياضة ونحوها، الاتجاهات الأسرية المتحيِّزة نحو مجال من مجالات الموهبة دون غيرها، مما قد يترتب عليه إكراه الطفل على مجال ما لا يلقى قبولاً من والديه – كالفنون أو المسرح مثلاً- على التخلي عنه والامتثال لممارسة الأنشطة والاهتمام بمجالات التي تحبذها الأسرة ممثلة بالوالديْن، وقد يُمارس الوالدان على طفلهما ضغوطًا لاختيار مجال دراسي أو تخصص لا يتفق مع ميوله واهتماماته، إغفال الحاجات النفسية للطفل الموهوب، يتطلب من الأسرة إشباع الحاجات النفسية لطفلها الموهوب كالاستقلالية والميل إلى المبادأة والتفكير الناقد والإبداعي والحساسية المفرطة وغيرها؛ ضمانًا لنمو نفسي سوي، وقد يترتب على إهمالها آثار وخيمة كاضطراب في التفاعلات الشخصية والعلاقات الاجتماعية، ويُصبح عرضة للمشكلات التوافقية السلوكية، دوران الأسرة في فلكِ الطفل الموهوب، ويبدو أنَّ وجود طفل موهوب في الأسرة يؤدي إلى اضطرار أفراد الأسرة إلى إجراء تعديلات خاصة في حياتهم، والتضحية بالكثير من الجُهدِ والمَالِ والوقْتِ في سبيلِ تلبيةِ احتياجاته؛ خوفًا على الموهبةِ من الضياع، الوعي بضغط الرفاق، عادةً في فترة ما قبل المراهقة يبدأ الميل الطبيعي إلى مطابقة معايير الرفاق وتوقعاته ثمّ تأكيد تأثيرها. وتُصبح ضغوط الرفاق أقوى وأكثر تأثيرًا في سنوات المراهقة، ويُصبح رأيهم مقدمًا على رأي الوالدين في أكثر الموضوعات حساسية، الاكتئاب والشعور بالملل والإحباط، سواءٌ في المدرسة عندما لا يجدُ ما يشبع نهمه في حب الاستزادة من المعارف، ويلبي حاجاته التربوية والتعليمية، وكذلك في الأسرة عندما لا يجدُ منْ يفهمه أو يشجِّعه أو يوفر ما يعينه على ممارسة موهبته أيًّا كانت، أو يلمس تهديدًا أو ضغطًا على طباعه وتنظيماته الداخلية، والانطواء على الذات، والإحساس بالعزلة؛ عندما لا يجد من يشاركه في اهتماماته أو يُقدِّر ما يقوم به منْ مبادرات وإنتاجات مُبدعة يُعجبُ بها البعيد ويتغافلها القريب من أفراد أسرته ومعلميه.

* ما اقتراحاتك العملية للأسرة؟
المقترحات الآتية صِيغت بشكلٍ عملي، وقد أستفيد من التجارب التي مرَّت على آباء وأمهات لأطفال موهوبين، فهي إلى الواقع منها أقرب من التنظير، وهي إيجاد جو مفتوح من التواصلِ، بحيثُ يكون متاحًا منذ الولادة، واستمع فهذا يجعل أطفالك يُشعرون بأنَّ لهم قيمة، واستمع إذ يجعلهم يعرفون بأنَّ ما يفكرون به يستحقّ التفهّم، فتصبح صديقًا أمينًا لهم وموثوقًا فيه، وتخصيص وقت لكل طفل تكون به له وحده فقط للاستمتاع معًا، ولتسمعه بدون إصدار أحكام، وللمشاركة في الأفكار، ولا تنتظر حدوث المشاكل، أو وقتًا لاتخاذ القرارات، والسماح للأطفال بممارسة ما يرغبون به، واستمتع بهم كما هُم، وليس كما ترغب أنْ يكونوا، ودعهم يُشعرون بأنّك تتقبلهم كأناس عاديين، والسماح للطفل باتخاذ الكثير من القرارات، واستشره في قضايا تهمه وتؤثر بمصيره كيفما تعتقد بأنّه يستطيع أنْ يفهم العواقب.
عدم الخلط بين اختبار الذكاء وبين طفلك، فهو أكثر بكثير من ذلك، ومساعدة الطفل على فهم حاجاته ذات العلاقة بالانتماء والتأكيد والتعامل معها، خاصةً الفتيات، حيثُ تكون لديه حاجة تأكيد كبيرة، ويجبُ أنْ يَشْعُر الطفل بأنَّ الاختلاف مقبول، ومساعدة الطفل على تحقيق حاجته في الكمال؛ لما لذلك من أثر في صورته الذاتية، وكُنْ له نموذجًا من خلال القدوة في قبول أخطائك التي تقترفها، ومساعدة الطفل على تعلُّم تقدير الاختلافات بين الأفراد لدى نفسه ولدى الآخرين، والقيام باكتشاف مواهب الطفل منذ الصغر لأن عدم اكتشافه قد يسبب له اضطراب وإحباط في حياته عامة، تقدير الطفل الموهوب وعدم الطلب منه فوق طاقته بالأعمال العقلية أو الفنية الكثيرة للتباهي والتفاخر به أمام الجميع، الابتعاد عن المبالغة والاهتمام الزائد عن الحد للطفل الموهوب حتى لا يؤدي هذا إلى الغرور والتفاخر أمام زملائه وأقرانه وتكون نهايته الفشل، تشجِّع المزيد من أنشطة اتخاذ القرار؛ لتقوية الذاتية وإعطاء أوقات حرّة لكل أفراد الأسرة، إنْ وجدت لدى طفلك فوضى في الوقت وعدم قدرته على إدارته بشكلٍ جيِّد، فساعده على تهوين المشكلات وقسِّم له المهام والواجبات إلى قطع صغيرة، كُن حذرًا لأي تغيير متطرِّف أو مفاجئ لدى طفلك في المدرسة، سواءٌ في أدائه الأكاديمي؛ أو مظهره؛ أو علاقاته؛ أو سلوكه. ومن المهم مراجعة الاختصاصي النفسي أو الاجتماعي، وتكلَّم مع طفلك عن مفهوم الموهبة وعن جوانب القوة لديه.