+A
A-

“كفاحي”... الكتاب الأخطر في العالم!

من المقرر أن تنتهي حقوق طبع كتاب “كفاحي” لأدولف هتلر في ألمانيا قبل نهاية عام 2015. فماذا يحدث حينما لم يعد بمقدور السلطات التحكم في طبعه وتوزيعه؟
قال الخبير في الكتب النادرة، ستيفن كلنر، بصوت هامس في غرفة يسودها الصمت بمكتبة ولاية بافاريا جنوبي المانيا “كانوا يريدون إلغاء الإنجيل” وذلك في وصفه للطريقة التي حول بها النازيون الكتاب من نص طويل ممل إلى مكون رئيسي في الفكر الآيديولوجي لألمانيا النازية، التي كانت تعرف في ذلك الوقت باسم الرايخ الثالث (أو الامبراطورية الثالثة).
ومع انتهاء حقوق الطبع لكتاب كفاحي – وهو ما يعني نظريًا أنه بإمكان أي شخص نشر نسخته باللغة الألمانية – قدم برنامج إذاعي في راديو بي بي سي 4 حلقة حول ما يمكن أن تقوم به السلطات تجاه أحد أسوأ الكتب سمعة. وبحسب ما جاء على لسان جون ميرفي، مخرج برنامج “بابلش أور برن” الذي بثته إذاعة بي بي سي 4 في 14 يناير، فإن الكتاب لا يزال نصاً خطيرًا، لأن “تاريخ هتلر يعتبر تاريخًا مهملا، ومن ثم فقد قلل الناس من شأن هذا الكتاب”. وميرفي هو حفيد المترجم الذي ترجم الكتاب بشكل كامل من الألمانية إلى الإنجليزية عام 1936.
ونظرا لمعارضة بعض ضحايا النازية لهذا النهج، سحبت الحكومة البافارية دعمها للمعهد بعد أن انتقدها الناجون من المحرقة.
لكن منع إعادة نشر الكتاب ليس الأسلوب الأفضل، بحسب ما جاء في مقالة افتتاحية لصحيفة نيويورك تايمز، والتي ترى أنه “من الأفضل ترويض الأجيال الصغيرة على كره النازية باستخدام المواجهة العلنية مع كلمات هتلر بدلاً من إبقائها في ظلال عدم الشرعية”. ويعترف ميرفي أن فرض حظر عالمي على الكتاب أمر مستحيل، ويقول “الأفضل للسلطات البافارية أن تتخذ قرارًا بديلا للتحكم في إعادة النشر، فعليها اتخاذ موقف آخر، لأنه حتى في العالم الحديث لا يمكنها منع الناس من الحصول على الكتاب”.
ويرى كريس بولبي، مقدم البرنامج في بي بي سي 4، أن الاجراءات الرمزية أمر مهم أيضا، إذ إنه بعد انتهاء حقوق الطبع والنشر، تخطط الدولة لتقديم من يُحرض على العنصرية إلى العدالة بموجب القانون، ويقول لودفيغ أنغر “من وجهة نظرنا، تتوافق آيديولوجية هتلر مع تعريف التحريض، وقد يقع ذلك الكتاب الخطير في أيدي القارئ الخطأ”.
وأضاف ميرفي “هناك سبب وجيه لأن يؤخذ الأمر على محمل الجد لأنه سيكون عرضة لسوء التفسير، حتى وإن كان قد كتبه هتلر في العقد الثاني من القرن العشرين إلا أن معظم ما ذكره نفذه، فلو أولاه الناس شيئاً من الاهتمام آنذاك لربما أدركوا الخطر”.
بدأ هتلر في كتابة “كفاحي” وهو في السجن الذي اودع فيه بتهمة الخيانة بعد فشل المحاولة الانقلابية التي قام بها عام 1923 في ميونيخ (والتي يطلق عليها انقلاب حانة البيرة)، ولخص فيه توجهاته العنصرية والمعادية للسامية، وبمجرد توليه زمام السلطة بعد مرور عشرة أعوام، أصبح الكتاب من الكتب النازية الأساسية، وطبع منه 12 مليون نسخة، كما وزعت نسخ من الكتاب على المتزوجين حديثًا، وتوجد نسخة مصنوعة من الورق ذي اللون الذهبي في كل بيت من بيوت كبار المسؤولين.
وفي نهاية الحرب العالمية الثانية، عندما استولى الجيش الأميركي على دار النشر النازية “إهرفيرلاغ”، انتقلت حقوق نشر الكتاب إلى سلطات ولاية بافاريا التي ضمنت عدم طباعة الكتاب إلا في ظروف خاصة جدًا، لكن انتهاء حقوق الطبع والنشر في ديسمبر يثير جدلاً كبيراً حول كيفية الحد من حقوق الطبع للجميع، وتساءل ميرفي “استخدمت السلطات البافارية حقوق التأليف والنشر للتحكم في إعادة نشر الكتاب، إلا أن ذلك أوشك على الانتهاء؟ فماذا سيحدث بعد ذلك”. وأضاف “لا يزال هذا الكتاب خطيرًا – فهناك قضايا تتعلق بالنازيين الجدد، وقد يفسره البعض من المتعصبين بصورة خاطئة، وذلك إذا لم يوضع الخطاب (الوارد في الكتاب) في سياقه”.