+A
A-

البحرين وجهة للمؤتمرات الإقليمية والدولية وقبلة للفعاليات الإعلامية

المنامة - بنا: لعل من بين أهم النتائج التي يمكن استخلاصها من المؤتمر الـ 42 للجمعية العمومية لاتحاد وكالات الأنباء العربية “فانا” الذي اختتمت فعالياته قبل يومين في المملكة، أن برامج البحرين ومشروعاتها لتكون وجهة للمؤتمرات الإقليمية والدولية ومركز جذب لهذه الصناعة، تسير بالنجاح المخطط له، وأن جهودها لتكون قبلة للفعاليات الإعلامية، تحديدا، تمضي قدما بفضل عزم وإصرار كل القيادات والأجهزة المعنية لجعل المملكة بؤرة اهتمام ثقافي ونقطة إشعاع إعلامي في قلب المنطقة.
يبدو هذا واضحا بالنظر إلى أن المؤتمر الأخير لاتحاد “فانا”، إضافة إلى الفعاليات التي نظمت على هامشه وفي إطاره، وحظيت باهتمام كثيف وتفاعل الأوساط الإعلامية بداخل البحرين وخارجها، لم يكن الأول من نوعه، ولن يكون الأخير، كما أنه نجح في تكريس صورة البحرين الجديدة كملتقى للخبراء في حقل الإعلام، وساهم مع غيره من الفعاليات التي تشهدها المملكة بشكل منتظم، في تأكيد قدرتها على استضافة الفعاليات الإعلامية المختلفة، وأن البحرين كالعهد بها ستظل رائدة وسباقة في استقطاب نخب المتخصصين، وموضع ثقة لطرح الرؤى والأفكار التي تقدم الحلول الناجعة للتحديات التي يواجهها الإعلام العربي برمته.

رعاية القيادة المؤتمر
يضاف إلى ذلك قطعا، الرعاية التي حظي بها المؤتمر من لدن القيادة، والتي من شأنها أن تعزز من مكانة البحرين كمنبر إقليمي يحظى بالدعم والمساندة من قبل عاهل البلاد صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ورئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، وولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، الذين أكدوا في لقائهم بوفد الاتحاد المشاركين في المؤتمر، وبعد الترحيب والحفاوة به، على أن البحرين ستظل دائما وأبدا تساند المشاريع العربية كافة التي توحد ولا تفرق، وأنها في مقدمة الصفوف التي تعمل؛ من أجل دعم مسيرة العمل الإعلامي العربي.

دور رائد في العمل الإعلامي المشترك
وحقيقة الأمر، أنه ليس بمستغرب على قيادة مملكة البحرين وأجهزتها وشعبها وكوادرها في مواقع العمل كافة، أن يسعوا بكل جهد لتذليل أية عقبات تعترض سبيل التواصل والتفاعل بين الدول العربية وبعضها، بل كانت المملكة دائما وأبدا أشبه بهمزة وصل فيما بين النخب العربية المتخصصة، وبادرت في الكثير من المحافل والأوساط بمشروعات وأطروحات كان لها أثرها المباشر في دعم اللحمة العربية.
ومن بين أبرز البراهين الساطعة على ذلك، أن مؤتمر “فانا” الأخير كان للمملكة الفخر والشرف في تنظيم نسخته الـ 40 قبل عامين، كما استضافت قبل أشهر قليلة الاجتماع المشترك لهيئة الأمانة العامة للاتحاد مع المجلس التنفيذي لوكالات أنباء آسيا والمحيط الهادي “أوانا”، والذي أُقر خلاله مقترح بحريني باستضافة أعمال الاجتماع المشترك للاتحادين كل عامين، واعتبار البحرين مقرا دائما للاجتماع، وهي جهود عكست في مجملها مبادرات البحرين في تطوير العمل الإعلامي العربي المشترك، ودورها البارز والرائد في طرح الرؤى والأفكار الجديدة التي تساهم في معالجة ومواجهة المشكلات المختلفة، وقدراتها الملموسة على قيادة كل ما من شأنه أن يسهم في تبادل الخبرات والتجارب.

جلسة حوارية الأولى من نوعها
من هنا كانت الثقة التي أولتها الدول الأعضاء في الاتحاد للبحرين، قيادة وشعبا؛ لتنظيم واستضافة أعمال المؤتمر الذي كُللت فعالياته بالنجاح، والتي يمكن تسليط الضوء على أبرزها، كالجلسة الحوارية التي عقدت في إطار المؤتمر، وناقشت السبل الكفيلة والأدوات الضرورية التي ستسهم في تطوير مسيرة عمل الاتحاد، والارتقاء به إلى آفاق أكثر رحابة من التطور المهني واكتساب الخبرات بعد مرور أكثر من أربعة عقود على إنشائه، وبدت هذه الجلسة مهمة لأكثر من سبب، منها: رعاية وزيرة الدولة لشؤون الإعلام، المتحدث الرسمي باسم الحكومة، لها، فضلا عن رئيس هيئة شؤون الإعلام علي الرميحي، كما أنها الجلسة الأولى من نوعها التي يعقدها الاتحاد لتطوير مسيرته المهنية، والتي اختاروا لها البحرين لتكون مقرا لباكورة انعقاد مثل هذه الجلسات في مؤتمرات الاتحاد مستقبلا.
يضاف إلى ذلك، الحضور الكبير والتفاعل الهائل مع مناقشات الجلسة، وذلك بالنظر إلى تواجد 14 عضوا من أصل 18 عضوا من أعضاء الاتحاد، ونخب المتخصصين والمسؤولين والطلاب المشاركين، ناهيك بالطبع عن انعقاد الجلسة وسط صرح أكاديمي كبير كجامعة البحرين، والتي نالت مرافقها وخدماتها وتجهيزاتها استحسان الحضور.
علاوة على الفرصة التي توفرت لطلبة الجامعة بالتواجد وسط كوكبة من الخبراء والتنفيذيين في مجال الإعلام، والذي سيسهم في تأكيد رسالة الجامعة ودورها إزاء المجتمع من جهة، وحجم التعاون بينها وبين الأجهزة المختلفة كوكالة أنباء البحرين من جهة ثانية، وبما يكفل طرح الرؤى والأفكار الخلاقة بناء على دراسات علمية رصينة من جهة ثالثة، فضلا عما اتسمت به النقاشات من رقي وواقعية، وبما يضمن مصلحة الطلبة وعملية تأهيلهم من جهة أخرى.

رؤية مغايرة لمناقشة التحديات والحلول
لم يكن انعقاد الجلسة الحوارية في ذاته، ولا المعرض التفاعلي الذي انعقد على هامش المؤتمر، إضافة للاجتماعات التنفيذية للمشاركين، من أبرز نجاحات الجمعية العمومية الـ 42 لـ “فانا”، وإنما كانت هناك رؤى مغايرة لمناقشة التحديات ووضع الحلول طُرحت في أروقة المؤتمر وضمن فعالياته، وذلك مقارنة بما تم مسبقا في المؤتمرات السابقة للاتحاد، خصوصا على صعيد الأوراق الدراسية التي نوقشت من قبل المتخصصين والمسؤولين في الجلسة الحوارية، والتي حملت عنوان “الأخلاقية والكفاءة في عمل وكالات الأنباء”.
وحظيت هذه الرؤى العلمية والأفكار الجريئة التي قدمها خبراء مؤهلون لهم باعهم في المجال الإعلامي، باهتمام وتفاعل كثيفين سواء من جانب العاملين في المجال المهني أو من جانب الطلاب الذين سيشكلون مستقبلا الرافد الرئيس للإعلام الوطني، واستهدفت هذه الرؤى في الحقيقة ليس فقط كيفية النهوض بدور وكالات الأنباء العربية باعتبارها الصوت الرسمي للدول العربية في مواجهة إعلام ممول ومضلل تقوم عليه دول معادية للمنطقة، دول لها أجنداتها المشبوهة التي لم تعد تخفى على أحد، وإنما دعم دور وسائل الإعلام الوطني، ومنها وكالات الأنباء؛ لمواجهة محاولات مستميتة لبث الفوضى وتهديد الأمن الوطني والاستقرار المجتمعي عبر وسائل إعلامها.
وتبدو أهمية هذه الأوراق العلمية في أنها المرة الأولى التي ينحو فيها الاتحاد إلى مناقشة الأفكار العملية والآليات المناسبة؛ لتطوير أداء وفاعلية وكالات الأنباء العربية، ولاشك أن ذلك يعد خطوة مهمة على صعيد الواقع والفائدة الفعلية لأجهزة الإعلام برمتها والمشتغلين بوكالات الأنباء خصوصا، كما أن المساهمات الفكرية التي قدمها المتحدثون، ومنهم متخصصون وأكاديميون كبار، وشملت عناوين مهمة عدة، ستحث الخطى نحو مزيد من إثراء العمل بوكالات الأنباء العربية، خصوصا لجهة مساعيها نحو التحول لوكالات أنباء عامة، أو لجهة ضمان الالتزام بالمعايير الأخلاقية والاشتراطات المهنية التي يجب أن يتسم بها العمل داخل وكالات الأنباء ووسط كوادرها.
هذا بالإضافة إلى ما قدمته الأوراق ومداخلات المتحدثين من إسهامات ستساعد في فهم واستيعاب: طبيعة التحديات التي تواجهها وكالات الأنباء العربية، والتي يتعين عليها التعاطي معها مستقبلا، سيما مع شح مصادر التمويل والمنافسة الشرسة التي تجابه بها، والوسائل الضرورية لتفعيل العمل والتنسيق المشترك كجسم إعلامي رسمي موحد؛ من أجل ممارسة الحرية المهنية بمسؤولية وصيانتها، والأدوار الجديدة التي يتعين على الوكالات القيام بها بجانب أدوارها التقليدية، خصوصا على صعيد الصحافة المتخصصة، وغير ذلك من أدوار طالبتها بها المداخلات ونقاشات الحضور.

بيان ختامي يسهم برسم مستقبل جديد
كذلك يشار إلى النتائج التي أسفر عنها المؤتمر، والذي استمر على مدار يومي الـ 24 والـ 25 من نوفمبر الجاري، وتعد مؤشرا إضافيا على نجاح المؤتمر وفعالياته، وتعد بمستقبل أكثر ازدهارا لوكالات الأنباء العربية، ومن بين أبرز هذه النتائج الملحوظة: الإقرار بضرورة تنشيط دور وكالات الأنباء العربية مع بذل الوسائل الكفيلة بذلك، وتفعيل عملية التنسيق بين الاتحاد وغيره من الأجهزة المتخصصة في العمل الإعلامي من داخل دول المنطقة وخارجها، وذلك لتطوير الكفاءة المهنية للعاملين بالوكالات الأعضاء، سيما لجهة الصحافة المتخصصة، وبالتحديد الصحافة الاقتصادية، ومواصلة دعم وتنظيم ورش العمل الضرورية لرفع مستوى وحدات العمل بالوكالات كالعلاقات العامة والتسويق والإنترنت والمصورين الفوتوغرافيين والمهندسين والفنيين وغير ذلك، ناهيك عن تأكيد وتأطير عملية التعاون بين “فانا” وغيره سواء؛ من أجل الحوار أو دراسة موضوعات التبادل الإخباري، وغير ذلك من تفاهمات.
وتبدو أهمية هذه النتائج في أنها لن تسهم في الارتقاء بالكوادر العاملة بالوكالات الأعضاء فحسب، ومن ثم ستساعد في النهوض بدور الأخيرة في المجال الفني والمهني، وإنما في تدعيم عملية التواصل والتعاون والتنسيق بين الأجهزة العاملة في حقل الإعلام، ومنها وكالات الأنباء، داخل دول الاتحاد وخارجها، وبما يكفل تعزيز القوة الناعمة للدول العربية، ومواجهة التحديات الإعلامية التي تتعرض لها المنطقة، وتستهدف النيل من وحدتها وتشويه منجزاتها.