+A
A-

الوطن يستحق تلبية النداء - مقال -


لا يحتاج الوطن مقدمات ولا ديباجة، ولا يحتاج للكثير من التفكير ولا التحليل ولا التأويل، عندما يتعلق الأمر بالوطن، كل المواضيع الأخرى تلغى أو تؤجل، إلى أن نقوم بدورنا تجاهه، بعدها يمكن أن نطالب بحقوقنا منه.
ليس من المعقول أبدا، وبعد ما رأيناه بأمهات أعيننا يحصل بأغلب البلدان العربية أن نزايد على الأمن والأمان، فربما المشهد بالعراق وسوريا واليمن عبرة، خصوصا أن البلاد العربية مستهدفة داخليا وخارجيا كونها بلدان الثروات.
وقد يكون من الواجب فتح قوس صغير للتذكير ليس إلا (العالم العربي يختزن ثروات طبيعية هائلة، تمتد من المحيط إلى الخليج، كل بلد له مميزاته الخاصة التي تجعل له ثروات خاصة به مكملة لما تبقى عند البلدان الأخرى، له امتدادات بحرية هائلة بها ثروة سمكية كبيرة، كما يتوافر على مخزون غذائي حيواني ونباتي أيضا، بالإضافة إلى مخزون الطاقة الذي يمزج بين الطاقات المتجددة والطاقة القابلة للنفاذ، وهنا لا يجب أن نفكر بالغاز والنفط فقط، بل لابد أن نفكر بالطاقة الشمسية والهوائية التي تجلب استثمارات عظيمة كونها طاقات متجددة غير قابلة للنفاذ، وكونها صديقة للبيئة، ناهيك عن الثروة البشرية الشابة المحرك الأساسي لكل عمليات التنمية).
هذه الثروات لا يمكن توقع عظمتها إلا بعد فقد سبل الحصول عليها بفقد الأمن والأمان، وإذا كان لابد من الغضب من السياسات، فليس من المعقول أن يكون بالمزايدات الجوفاء على الوطن.
إن السعي من أجل تخطي العقبات، لا يكون بالانغماس في الانتقاد والغضب، دون العمل والاجتهاد من اجل تخطي الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، فقد يتم نسيان - لبرهة من الزمن - أن الهدف هو الوطن، وأن الدافع هو حبه والغيرة عليه وعلى أبنائه.
فالغريب هو الانغماس في الشكوى والتذمر ونسيان الهدف الأسمي الذي هو الاستقرار والعيش بكرامة، والتقدم إلى الأمام، لا الرجوع إلى الوراء، والحصول على الحقوق كاملة ليست ناقصة شيئا، والعيش بسلام وطمأنينة على الأرواح والأهل والأموال والأعراض وهذا لن يتحقق دون تقديم الواجبات المفروضة علينا للوطن، لتتم مطالبته فيما بعد بالحقوق.
إن الجهات الخارجية التي تدفع بالمواطنين إلى مناهضة الوطن إنما تستعملهم كأداة تراهن بها على مطامعها ومصالحها ولا يهمها إلا الثمن الغالي الذي ستكسبه، ولا يهمها الثمن الغالي الذي سيدفعه الوطن، مما يستوجب الحذر واليقظة خصوصا بالأوقات التي يكون الوطن فيها بحاجة إلينا.
إن التجارب الإنسانية المريرة التي يعيشها المحرومون من الحرية والأمن والاستقرار في بلدانهم، تستوجب التوقف لبرهة مع الذات ومساءلتها عن الأرباح التي كسبوها وهم يقدمون أنفسهم لقمة في لحظات غضب على الوطن وثقة بالآخر؟.

مينة هنيئا