+A
A-

طرد “مالينوسكي” موقف شجاع والثقل الأميركي لم يعد كسابقه

قال النائب عبدالله بن حويل إن “الخصم الرئيس لشعب البحرين هي إيران وأميركا والذي تجلى تحالفهما الخفي بأزمة 2011 المفتعلة”. وأوضح النائب على هامش لقاء موسع أجرته “البلاد” أن “الوفاق لا تمانع بشكل أو بآخر أن تستنسخ التجربة العراقية المدمرة بالبحرين شريطة وصول أقطابها لسدة الحكم، الأمر الذي لن نسمح به أبدا”. وأوضح النائب عن ثانية الجنوبية ضرورة إنهاء المحوسبيات و “الواسطة” وما بحكمها، والتركيز على الكفاءات الوطنية، داعياً إلى اعتماد مبدأ الولاء الوطني والإخلاص للوطن، فالإخلاص هو الأساس، والكفاءة من بعده، وليس العكس”.
وفيما يأتي نص اللقاء:
بداية، كيف تقيم التجربة البرلمانية السابقة؟
- تجربة خصبة وثرية وان خالفني البعض بذلك، لقد أسهم التنوع الموجود بين الأعضاء بخصابة المقترحات والأسئلة وكثافتها واثرائها للتجربة بأكثر من جانب، لكن الملاحظ أن الظروف العسيرة التي واكبت دور الانعقاد الثالث، وأعني بها أزمة 2011 المفتعلة وما شابها من تطورات وتداعيها يعلمها الجميع، أبطأت من عمل المجلس، ووضعت العجلة أمام الحصان.
لكن الإصرار الذي أبداه الأعضاء أسهم – بشكل وآخر - في تمرير الكثير من المقترحات والمشاريع التي تصب بصالح المواطن، الذي نتشرف بتمثيلنا لصوته.

من وحي التجربة، ما المعيقات التي تحول دون إتمام النائب لمهامه كما يؤمل؟
- كثيرة، أولها تعنت بعض اعضاء المجلس البلدي بالتعاون مع نائب المنطقة لطموحهم المبكر في الترشح للنيابي، أو لخصومة سابقة بينهم، الأمر الذي انعكس سلباً على الخدمات المقدمة للمواطن والشواهد بذلك كثيرة، وعليه فقد طالبت مسبقاً بأهمية اطلاق ميثاق شرف بين النواب والبلديين لكنها لم تلق الصدى المطلوب.
من جانب آخر، لا يزال بعض المواطنين يمزجون بين العمل البلدي والخيري والبرلماني الأمر الذي انعكس على علاقتهم سلباً مع النائب وعطل الكثير من مهامه، وادى لاستنزاف وقته فيما لا يفيد، هناك حاجة حقيقية لتقديم المزيد من التنوير للناس حول طبيعة عمل النائب التشريعي والرقابي والذي يراه الآخرون بشكل مخالف تماماً.
أضف أن عدم تجاوب بعض الوزراء مع النواب فيما يخص الأسئلة النيابية تحديداً أرفدت هالة من الضعف على المجلس وأعضائه معاً، بلا مبرر يذكر، وبالرغم من التوصيات الدائمة والمستمرة لسمو رئيس مجلس الوزراء وبقية الرموز بالقيادة السياسية بأهمية تعاون الوزير مع النائب، إلا أن هذا الوضع المرفوض من الجميع لا يزال يرواح مكانه، هنالك حلقة مفقودة لا نعرف ماهيتها.

هنالك حالة سخط عامة على الأوضاع السياسية التي تعيشها مملكة البحرين، ويرى البعض أنها قد تمتد لسنوات عدة إضافية، ما حقيقة ما يجري، وكيف ترى تعاطي الدولة مع المحرضين؟
- من الأهمية أن أوضح أن الخصم الرئيسي لشعب البحرين ليست “الوفاق” ومن يسير خلفها من جمعيات شحيحة الأعضاء، فهي ليست أهلاً لكل ما يجري، وانما هي مجرد تابع يسير بأوامر الأجنبي، وينفذ تعليماته المقدسة بلا نقاش، فالتحدي الحقيقي الذي تواجهه مملكة البحرين والسعودية وبقية دول الخليج هي مع التحالف الخفي (ايران واميركا) والذي تجلى بوضوح أثناء أزمة 2011.
الولايات المتحدة تسعى لتحويل دول الخليج والمنطقة العربية ككل الى كانتونات ضعيفة بنكهة إيرانية.
الضغط الأميركي على البحرين ليس بالهيّن، والإمداد اللوجستي الذي تقدمه ايران عبر حلفائها بالمنطقة مستمر ومتسارع، وعليه فالحكمة والعقلانية والفكر الرشيد هو النهج الذي اتبعته الحكومة البحرينية منذ بداية الأمر وحتى اللحظة، وبذلك كلمة حق تقال.

في سياق ما ذكرت، كيف ترى طرد البحرين لمساعد وزير الخارجية الاميركي توماس مالينوسكي والتصعيد المصاحب لما جرى؟
- تصرف صائب ومرحب به، وهو موقف شجاع سبقنا له الإخوة السعوديون، والمصريون، كما أن الألمان ذاتهم أقدموا على تصرف مشابه من قبل، الولايات المتحدة يجب أن تعي أن البحرين قيادة وشعباً أضحت واعية لأجنداتها بالمنطقة، وستواجها بكل قوة، أضف أن الثقل الأميركي على المستوى العالمي لم يعد كسابقة، خصوصاً بعد فضيحة التنصت على أوروبا، وازدواجية التعامل الأميركي مع الملفات السورية والعراقية. وما يجري على الأرض من مذابح بفلسطين.
لا يُحترم الآن إلا القوي، والبحرين دولة عربية مستقلة مرتبطة بمنظومة خليجية وعربية وإسلامية، بل هي في عمقها، وعليها أن تتحرك بكل قضاياها المصيرية وفق هذا الأساس.

هل أنت متفائل من الانتخابات البرلمانية المقبلة؟
- بكل تأكيد، الإصلاح مستمر، والعرس الديمقراطي لن يتوقف، ولا يمكن لنا أن نسلم قرارنا ومصير شعبنا لمن ارتهن للأجنبي. التعافي قد يستغرق بعض الوقت، لكننا ماضون به، والأوضاع القائمة اليوم – خصوصاً الأمنية - لا يمكن أن نقارنها بذات الحال قبل عام أو عامين.
المؤزمون راهنوا على الباطل، ولأن رهانهم بني على التدليس والفبركة والخداع، لم يجدوا النور في طريقهم.

كنت أول نائب جديد بمجلس 2010 سارع بعد فوزه بفتح مجلس أسبوعي ومكتب خدمي بالدائرة، كما أن لك حسابات تفاعلية مع الناس بـ”تويتر” و”انستجرام”، ما الذي تريد ايصاله من كل هذا؟
- التواصل مع الناس والتشرف بخدمتهم أمر لم أكتسبه من عملي البرلماني وان اثرى ذلك، لكنه نهج بالوراثة من الوالد وجدي من قبله، فالدال على الخير كفاعله، والناس تثمن وتقدر الذي يصلها ويستمع لمطالبها ويسعى لتحقيقها، والوصول للمناصب فرصة لخدمة الناس، ولترك بصمة صالحة مستحقة لهم وللشخص نفسه، واليوم نحن نتعلم الطيب والكرم من تصرفات الآخرين، ومن مشاهدتنا لهم، الأمر الذي يخلق الحافز بنفوسنا لمواكبة أعمال الخير هذه، بل والتفوق عليها.
وعليه، فالنائب – أي نائب - بحاجة للمجلس الأسبوعي وللمكتب الخدمي قبل الناس ذاتهم، لأنها قنوات تنقل الاحتياجات وتوثقها، وتفتح أواصر التواصل معهم، وهو حق لهم، وواجب على من يمثلهم بمجلس الشعب المنتخب.
أما عن حساباتي بتويتر وانستجرام فهي أمر ملح مع تغير منظومة الحياة، واقتحام وسائل التواصل الاجتماعي لحياة البشر، ولتصبح جزءا لا يتجزأ من منظومة حياتهم اليومية.

كيف تفسر الرفض المستمر للحكومة لزيادة الرواتب وتحسين أوضاع المواطنين؟
- نحن مع زيادة الرواتب ومع تحسين الوضع المعيشي للناس، الأمر الذي يصب في صميم واجبنا كنواب أدينا القسم للإخلاص للأمه والوطن، ولقد كنت في طليعة المررين لمقترح زيادة رواتب موظفي القطاع العام، لكن الإشكالية الحقيقية التي تحول دون ذلك تتمثل بأمرين، الأول ارتفاع الدين العام بشكل كبير في الأعوام الأخيرة، مع عدم إيجاد مصادر دخل جديدة للدولة تساعد على سد ثغرات هذا الدين الكبير وتقلصه، الأمر الذي سيسهم حينها بتوفير مداخيل جديدة تغذي المشاريع الأخرى والتي تشمل زيادة الرواتب للموظفين.
الدولة بحاجة ماسة، بالوقت الراهن، إلى ابتكار وسائل جديدة لتنويع الدخل، وتعديد مصادره، وأن التباطؤ بذلك سيخلف نتائج مكارثية.

يتساءل البعض عن الإشكالات التي تعترض مسيرة التطوير والإصلاح بمملكة البحرين؟
- أختزلها لك بسطر واحد “عدم وضع الشخص المناسب بالمكان المناسب”.
من الضرورة بمكان إنهاء المحوسبيات والوساطة وما بحكمها، والتركيز على الكفاءات الوطنية وإحلالها بالوظائف التي تستحقها لأنها الوسيلة الأصح والأنجع لخلق التغيير الايجابي، ويجب اعتماد مبدأ الولاء الوطني والإخلاص للوطن وخلو الملف الشخصي من أي قضايا جنائية لكل ذلك، فالإخلاص هو الأساس، والكفاءة من بعده، وليس العكس.

كيف تقيم أداء الإعلام الرسمي بعد مرور ثلاثة أعوام من انجلاء الأزمة المفتعلة؟
- ضعيف، وغير قادر على مواكبة التطورات التي تشهدها المرحلة، ولقد تلمسنا من خلال اللقاءات الشخصية مع جمع من الإعلاميين والكتاب في مواقف مختلفة، وكذلك ما ينشر بوسائل التواصل الاجتماعي بأن العديد من الكوادر الاعلامية الوطنية المخلصة متذمرة من الوضع الراهن، ومستاءة الى حد كبير، الأمر الذي يدعوني للمطالبة بضرورة الجلوس على طاولة وحدة والإنصات للجميع، والأخذ بكل الآراء، والنظر فيها، والعمل الجاد على حلحلة الإشكاليات القائمة، والالتفات للكفاءات الوطنية ومنحها أحقيتها من البرزو والعمل وكذلك تحسين أوضاعها المعيشية.
ومما لا شك فيه، أن الإعلام الرسمي لدينا مقيد بضوابط معينة حاله حال الإعلام الرسمي بأي دولة أخرى، لكنني أرى أن الوضع الراهن قابل للتغيير الى الأفضل بكثير، لكن هنالك معطلات يجب أن تزال.

هل أنت متفائل من حظوظ المستقلين بالحراك المقبل؟
- بكل تأكيد، ولقد أثبت المستقلون بالتجارب السابقة بأنهم الأنجح على الأرض والأقرب للناس، وأتوقع حصدهم للمزيد من المقاعد بمجلس 2014.

لم تصرح بعد عن نيتك الترشح من عدمه حتى اللحظة، لماذا؟
- الأمور سابقه لأوانها، والمصلحة الوطنية هي الأمر الذي يشغلني ويراودني في اللحظة تلو اللحظة، وخدمة الناس رسالة حملتها على كاهلي وأتشرف بها منذ سنوات طويلة تسبق دخولي للمجلس النيابي، وعليه فإن استمرار حراكي الوطني والديني والأخلاقي والإنساني ليس له أن يقيد بمقعد برلماني أو غيره.

يتزايد أعداد الشهداء بغزه يوميًا معظمهم من النساء والأطفال وسط صمت عالمي مذل، ماذا بعد؟
- إسرائيل دولة مختلقة تطفو على بركة هائلة من الدم والأشلاء والجثث الطاهرة للفلسطينيين. وما يجري اليوم بغزة يلخص الواقع الدولي الجديد، الواقع الأغبر الذي يعانيه العرب والمسلمون قبل غيرهم، وهو ما يؤكد - مجددا - أهمية توحيد الكلمة والصف والراية.
زرت غزة قبل شهور عدة، وتشرفت بأن كسرت الحصار مع جمع من الإخوة النواب ولقد أبهرني صلابة وشجاعة وبأس هذا الشعب الباسل، وهي صلابة لن تمكن الإسرائيليين أو غيرهم على كسرها قيد شعرة، وهم قبل غيرهم يعون ذلك جيدا، وعليه فرهانهم الأوحد هو مكنة القتل العشوائية الباطشة.