+A
A-

لن تعود الشعوب للوراء بعدما ذاقت طعم الحرية

قال الشيخ عبدالرحمن الفاضل: “إن ما يحدث للأمة أمر مدبر مقصود يشارك فيه المسلمون أنفسُهم جراء سكوتهم المطبق المريب، واستسلامهم المهين للاستبداد، الذي مُرِسَ عليهم خلال عقود و سنين طوال، فلما ركنوا إلى ذلك وارتضوه هانوا على أنفسهم، وهانوا على عدوهم، وهذه نتيجة حتمية لمن قبل العيش في المهانة راضياً من دون أدنى مقاومة أوإحتجاج، إلا من رحم الله تعالى ممن حمل مشاعل المقاومة فتصدى للحكام المستبدين، فناله منهم من الإبتلاء والتنكيل من سجن وعذاب وقتل وتشريد!؟”.
وأضاف خطيب جامع نوف النصار بمدينة عيسى: “هؤلاء هم من حُفظت بهم أصالة الأمة في حمل راية الجهاد، ومقارعة الحكام دفاعا عن حياض الإسلام والمسلمين . وانظروا، كيف أن الله تعالى لم يذهب جهاد المجاهدين، والشهداء الذين قضوا، والعلماء العاملين، لم تذهب جهودهم في نصرة الدين، والأمة هباءً منثوراً”.
وقال: “ها نحن اليوم نرى مبشرات انتصار الأمة تهاوي وسقوط بعض أنظمة الاستبداد على إثر اندلاع الثورات، وهبات الشعوب، حيث سقط حتى هذه اللحظة الراهنة أربعة من الطغاة المستبدين، ونحن نترقب عاجلاً الإطاحة بالخامس، داعين الله تعالى أن يسقط سقوطاً مهيناً قبل حلول شهر رمضان المبارك بإذنه تعالى”.
وتابع الخطيب: “هؤلاء الطغاة الظالمون الذين كتموا على أنفاس شعوبهم، وأفقروا أوطانهم، وتآمروا على أمتهم، وتعاملوا مع أعدائها من أجل بقاء سلطانهم، والحفاظ على عروشهم، حتى جاءت اللحظة الحاسمة فهبت تلك الشعوب المظلومة بعد أن بلغ بها الظلم مبلغه، فتهيأت طلباً للحرية التي إفتقدتها عقوداً طوالاً، وإن قيل ما قيل بأن هذه الثورات مفتعلة، مسبقة التخطيط من قبل أعداء الأمة! إلا أنها قد جرت بها المقادير، وأصبحت واقعاً سيتغير على إثرها - بإذن الله تعالى - مجريات الأحداث لصالح الأمة”.
وواصل “لا يمكن لتلك الشعوب التي ثارت وذاقت طعم الحرية أن تعود إلى الوراء فتقبل بالاستبداد وتبعاته مرة أُخرى! فلقد انكسرت قيود العبودية، وتبدد معها الخوف الذي كبلها وأفقدها القدرة على الحراك بغية التغيير. وإنه يوم أن قررت التغيير نفضت عنها رداء الخوف، وانطلقت تهدر بقوة، وماهي إلا أيام حتى تهاوى الطغاة المستبدون الواحد تلو الآخر والبقية تأتي! بعد أن اشتعلت جذوة الحرية والكرامة في القلوب فالتهبت بها النفوس؛ كونها مطلب شرعي يأثم في عقيدتنا الاسلامية العظيمة التنازل عن شئ منها! ولنعلم بأن المستبد لا يستبد إلا إذا تيقن أن الناس يستسلمون لاستبداده، فهل يقبل المسلم الحر ذلك بعد هذا؟!”.